لم يكن (
توينيبي )
صاحب فكرة
البحث عن
فلسفة
التاريخ بل
لعله كان أحد
الذريين في
نظرتهم تجاه
التاريخ ،
وعليه عجز (
فرانكل ) أن
يجد تبريراً
عقلياً لروح
البحث التي
سادت أفكار (
توينيبي ) ،
ولعل شيئاً
من عدم
التمازج كان
سائداً
ومؤثراً في
حركة
الأحداث
. إنَّ
تفسير
الظواهر
واستباق
القضايا بلا
ريب حافل
بتذبذب لأنه
يحمل روح
التفاوت في
فهم القضايا
إذ إنَّ
التاريخ هو
المادة التي
يمكن من
خلالها
معرفة حقائق
الشعوب
والأمم ، وهو
بذاته دليل
لا بأس به
للتعرف على
الحوادث
والقضايا
التي مرت على
البشرية منذ
نشأتها ... ولا
ريب أنَّ نقل
الحوادث غير
تفسيرها لأن
الأول عادة
لا يخضع
لضابط
التحقيق
والتدقيق
على أساس
السند
والدلالة ،
في حين يجعل
الثاني من
المفاهيم
التاريخية
مادة علمية
تخصص وتعمم
مصاديق
بحثها وهذا
اللون من
التفسير
أدراج على
تسمية
بفلسفة
التاريخ . (1) والواقع
أنه أحياناً
يتعلق
بمفاهيم
ترتبط
بالجوهر
وبالمادة
والصورة
وأحياناً
ترتبط
بالكيان
العام . طبعاً
لا يقصد من
الكيان
العام ذلك
التشكيل
المؤسساتي
القائم على
وجود ظاهرتي
الإنجاز
والإنتزاع ،
ونقصد
بالإنجاز ؛
الصورة
الحادثة
المتشكلة عن
قرب بالمظهر
الحسي ونريد
بالإنتزاع ؛
الصورة
المتخيلة في
البعد الحسي
ــ القابلة
للتصديق
والتكذيب ــ
ولكن الكيان
هو : كل تآلف
قائم على
أقصى درجات
الترابط بين
وحداتها
الإجتماعية
، يعني
الوجود بحسب
الوضع
الاجتماعي
لا الوضع
الفلسفي
فالكيان
السياسي
مثلاً : شئ
تتطلبه
الطبيعة
ويحققه
العقل وهو
أقرب
المجتمعات
الدنيوية
إلى الكمال ،
ولعلنا لا
نريد
بالصيغة
اللفظية
للكمال ،
المعنى
التام لها ،
إذ ذاك متعلق
بالبعد
الإلهي
المربوط
بعوامل
النفس ، إذن
فالكيان هنا
مجموعة
حقيقة بشرية
راسخة يتجه فيها
إلى مصلحة
الإنسان
الملموسة أو
ما يُسَمّى
بالمصلحة
العامة : وهذا
الكيان قائم
بدرجة الصنع
على الإرداة
العقلية
وينبثق عن
جهود العقل
الخفية
بعدما يتخلص
من تأثير
الغريزة ؛ (
والغزيرة :
حسب ما انتهت
إليه معلوما
تنا نحن
البشر فإن
جميع
الحيوانات
تشترك في هذه
الجهة وهي
أنَّ حياتها
مبنية على
الغرائز ،
وغرائزها
المختصة هي
التي تحدد
شكل حياتها ...
أما الإنسان
فمع تمتعه
بالغرائز
ولكن حياته
ليست
متّقومة
بهذه
الغرائز
فحسب وإنما
تنهض قوته
العقلية
بالدور
الأساسي
فيها وتخضع
كل رغباته
الغريزية
لقيادة
العقل
الداعي
وتتبلور
إرادة
الإنسان حسب
توجهات
العقل ) (1) أي أنه
قائم
بالشعور
الإختياري
والمسؤولية
المتعلقة
بالعقل
الفعَّال : (
الذي هو عالم
الكون
والفساد
الذي يدبّره
العقل ، هذا
العقل يهب
عالم
العناصر
مختلف الصور
التي تظهر
فيه ) (2) وهو
عند ( أفلاطون )
( الحقائق
الأزلية )
وعلية تكون
الجوهرية في
الإدراك
قائمة
بالترابط
الطبيعي
للماهيات
والعضويات
بصيغة تناسب
تقليدي يولد
ما نسميه
بنظرية
الحقائق
المطلقة ، (
واعتبرت
قضية الوجود
النظري
شرطاً
أولياً
لتحقيق مبدأ
العدالة
القائم على
فكرة
الانتظام
التكويني
الطبيعي ) (3) . إذن
ففكرة ترتيب
أثر معنوي
على حادثة
وجودية
وصيغة
إنتزاعية
يشارك العقل
فيها
إنجازاً
لدور النقل
بصيغة
الوجود
الطبيعي
الذي تعتبر
فيه عملية
الفرز
للحوادث
قائمة بدرجة
الإكتساب من
طرفي القضية
السالب
والموجب ،
وعليه تكون
الحكمة
التجريبية
التي تصدر في
الإنتقاء
العقلي
للحوادث
تكون بدورها
عاملاً في
المعرفة
للواقع
الديناميكي
في
التسلسلية
للحادثة
مقرونة
بالوجود حسب
ظاهرة
الشعور
العام فنياً
، وذا من
باب تقابل
الكليات
منطقياً ؛
لأن الشعور
الروحي
يلازم
القبول
النفسي حسب
القانون
الطبيعي ،
وليس هو حدوث
تقريبي من
باب
المثالية
المجردة
تاريخياً بل
بمفهوم
العقل
للشعور
والقبول
وهذا ما ادرج
الفلاسفة
على أنه معنى
القدم ، وهل
هو للروح
أولي أم
للنفس ؟ وإذا لم
يقع التشابه
الإيجابي ،
وبناءٌ على
الحوادث
القائمة
فعلاً
وبالتأمل
فإنه قد
اختلف في نوع
الجمع
والترابط ؛
وهل يمكن
اعتباره حجة
علمية في
ممارسة
التفسير
للظواهر
والحوادث ؟ : قطعاً
يُراد هنا
أنَّ ننظر
إلى مبدأ
العلية في
الحوادث
لأنه صاحب
أثر على
الحركة
التأريخية
جميعاً
ويمكن إعادة
السؤال
بصيغة أخرى
هل يتحكم
مبدأ العلية
في التاريخ ؟ فلو كان
المبدأ
سائداً للزم
ضرورة وقوع
كل حادثة في
ظرفها
المعين
ولساد نوع من
الجبر في
التاريخ ،
وإذا كان
الجبر
سائداً في
التاريخ فما
هو مصير حرية
الأفراد
واختيارهم ؟ فلوكان
وقوع
الحوادث
جبرياً لما
عادت للفرد
أية مسؤولية
ولما عاد أي
إنسان يستحق
التبجيل
والمدح أو
الذم واللوم
، فلو كان
التاريخ
خارجاً عن
إطار مبدأ
العلية لما
كان هناك
تعميم ، ولو
فقد التاريخ
التعميم فقد
السّنة
والقانون ،
فالقانون
وليد
التعميم ،
والتعميم
وليد مبدأ
العلية ، هذه
هي المشكلة
القائمة في
حقل التاريخ
العلمي
وفلسفة
التاريخ ،
فبعضهم إتجه
إلى مبدأ
العلية
والتعميم في
دراسة
التاريخ
فأنكر حرية
الأفراد
واختيارهم
أو قيل شيئاً
سماه
بالحرية
وليس هو من
الحرية بشئ ،
وبعضهم
الآخر إتجه
إلى قبول
مبدأ الحرية
مُنكراً
وجود قانون
في التاريخ ،
فأكثر علماء
الإجتماع
آمنوا بعدم
اجتماع مبدأ
العلية مع
الحرية ،
واتجهوا صوب
مبدأ العلية
رافضين مبدأ
الحرية ، و (هيغل
) من أصحاب
العلية في
التارخ
وتبعه في ذلك (
ماركس ) ،
والحرية في
رأي ( هيغل
وماركس ) ليست
سوى الوعي
على الضرورة
التاريخية ف(أنجلز
) يقول : كان (
هيغل ) أول من
أوضح
العلاقة بين
الحرية
والضرورة
بدقة ، فقد
ذهب إلى أنَّ
الحرية هي
إدراك
الضرورة
لاغير
والضرورة
مبهمة بقدر
بُعدنا عن
إدراكها ،
ليست الحرية
بالإستقلال
الموهوم عن
قوانين
الطبيعة بل
إنها معرفة
تلك
القوانين
وإمكان
إستخدامها
الصحيح على
طريق تحقيق
أهداف معينة
وهذه
الحقيقة
تنطبق على
قوانين
الطبيعة
الخارجية
وتنطبق
أيضاً على
القوانين
المتحكمة في
وجود
الإنسان
الجسمي
والروحي ) (1) ولعل (انجلز
) أراد بنفي
قانون
الطبيعة في
الأشياء
وأراد تثبيت
اللزوم
المحمول
بدافع القوة
على حركة
الأشياء
وإثبات أن
التاريخ
جبراً يرتب
قوانين
للحرية
والمبادئ
المرتبطة
بالإنسان
ويقول : ( تجعل
عمل الإنسان
أكثر
تأثيراً وكل
خطوة يتخذها
الفرد
خلافاً لهذه
الظروف هي
بمثابة
مواجهة
ومقابلة
لمسيرة
التاريخ
واتخاذ
الخطوة
المنسجمة مع
هذه الظروف
يعني التحرك
في اتجاه
التاريخ
والسَّيرعلى
طريق حركته ،
والسؤال
الذي
يُطْرَحُ
هنا يدور حول
مصير الحرية
والمدرسة
الماركسية
تجيب : أن
الحرية
ستكون عبارة
عن وعي الفرد
على الضرورة
التاريخية
وعلى
المسيرة
الجماعية
التي ينساق
تجاهها) (1) . ومن هنا
أصبحت نظرية
المعرفة
للتاريخ ،
قائمة في
التفكير
الماركسي ،
على الحالة
بما هي معرفة
إبتدائية
لعوامل
التطور .وإذا
أصبح النظر
بأتجاه
النظرية
الفكرية في
الفلسفة فإن
التاريخ
لابد أنَّ
يحكم
بقوانين
معينة يعني
لاشئ إسمه
خروج عن
قوانين
الطبيعة
والخروج
ليست ترتبه
علة خاصة من
صنع الفرد
لأن ذلك لا
يغير من
الثبوت
العقلي
شيئاً وعلى
هذا أنتقد (
إدوارد هالت )
هذه الظاهرة
واعتبرها
تجاوزاً عن
قوانين
العلل
المنطقية
التي فيها
وجود
الإستثناء
وليس خروجاً
بقدر ما هو
حادثة ترتب
أثراً
اجتماعياً
ويقول : إن كل
صدفة ناتجة
عن سلسة من
العلل
والمعلولات
التي تقطع
سلسة أخرى من
العلل
والمعلولات
وليست
الصدفة
حادثة بدون
علة ثم يقول : (
كيف يمكن
التوالي
المنطقي
للعلة
والمعلول في
التارخ وكيف
نستطيع
الإعتراف
بوجود أساس
لحركة
التاريخ
بينما توالي
الأحداث
التاريخية
قد ينقطع أو
ينحرف عن
طريق توال
آخر قد يبدو
لنا في غير
محلة ) (2) ولو
كان دور
التاريخ
قائماً على
ما تقدم
لاقتضى أن
يلغى دور
الجزئيات
التي لها أثر
ملموس في
تغيير مسار
الحركة في
بعض جوانبها
، إنَّ
ظاهرة
الصدفة في
التاريخ لا
ترتب قوانين
العلل التي
يمكن أن تجعل
فلسفة في
معرفة
الحوادث
التاريخية
فالعلل
الخاصة
حينما تؤثر
في إنجاز
وترتيب حالة
معينة فهي
لاتنفي عدم
ثبوت علة
عامة في
ترتيب الأثر
بل تؤكد
عليها ،
ويقول (
مونتسكيو ) : ــ
لم تكن معركة (
بولتاوا ) هي
التي أدّت
إلى سقوط (
شارل الثاني
عشر ) ملك (
السويد ) فهو
إن لم يسقط في (
بولتاوا )
لسقط في مكان
آخر . الأحداث
التصادفية
يمكن
تلافيها
بسرعة ، إلا
أنه لا يمكن
الوقاية
دائماً من
الأحداث
الناتجة عن
طبيعة
الأشياء ) (1) . |
|
|
|