مفهوم الحكم عند الرأسمالية :

أجمع الفلاسفة والمفكرون السياسيون على أنَّ النظريات السياسية والمذهبية في إقامة النظام الرأسمالي استندت إلى ركائز وحاجات تبريرية في مستوى الوصول إلى الهدف السياسي عبر الإرتباط بالقانون الذي يجعل من النظام حاجة دستورية خاصة .

ولقد مرت أوروبا بشكل خاص بمراحل لنظم سياسية قامت على أسُس وركائز اعتمدت بالدرجة الأولى على مدى الكسب الإنتفاعي المادي ، سواء من الملكيات الخاصة أو وسائل الإنتاج أو عوامل تكثير الثروة والأرباح بطرق غير قانونية ظالمة ومن هنا كان تاريخ أوروبا السياسي حاقلاً بكثير من صور الإستبداد السياسي الطبقي والإستبداد الديني وملكية الكنيسة وعهد الأمبراطوريات والحكم الطغياني الوراثي إلى مبدأ ( ميكافيلي ) ونزعة الإستبداد الظالمة في تأكيد مبدأ الذات وطمر أصالة المجتمع ثم عهد محاكم التفتيش الإستبدادي وإجراءاتها الظاملة بحق الإنسان وصور لعصور غابرة تطبق بحالة القمع المحمول بدافع الوصول للأهداف السلطوية عبر كل القنوات وضمن مبدأ ( الغاية تبرر الوسيلة ) في كل الأعمال وبجميع الأتجاهات لتحقيق غاية واحدة إسمها ترسيم مبدأ الحكومة في السلب والنهب .

ثم ما كادت هذه العصور الغابرة السَّوداء في جبين الحضارة الأوروبية المزعومة حتى جاءت الثورة الفرنسية بأهدافها العظام المطالبة بحقوق الإنسان وحرياته السياسية والعقائدية والفكرية ولكن ما برحت هذه الأهداف بالتبدد شيئاً فشيئاً حتى عادت المظالم في عصر النهضة الصناعية بلباس جديد وبفلسفة نحو الحضارة والتاريخ والتنكنولوجيا والعلم هذه الفلسفة هي نتاج لتفكير مجموعة اضطهدت ثم عادت للإستبداد .

ولعل جميع المفكرين واثقين أن النظريات السياسية التي جاءت بعد الثورة الفرنسية هي تردد لنغمات مختلفة تركز فيها على القومية الوضعية والحزبية ممهدة في ذلك إلى حركة الإتجاه الجديد في السلطة والحكم عبر النازية والفاشستية وإن كنا لا نريد أن ندخل في قصص تاريخية لموجات الظلم الأوروبي لكننا ومن باب التوطئة للمقام اعطينا هذه المقدمة عن فلسفة السياسية الرأسمالية القائمة أساساً على مايلي :

أ - الملكية الفردية :

آمنت الرأسمالية بقانون الملكية الفردية وبدون حدود خاصة وجعلت الحق قائم بأثر المنفعة والإستغلال وذلك شرط لثبوت الملكية من الناحية الفعلية فهي استمرار لمبدأ (الأمرلمن غلب ) تشجع الرسمالية على هذا وتؤكد على أن المبدأ الملكيّ لا تحده قيود وباستطاعة الفرد التملك ما استطاع فالعملية إنما هي تشريع لآعتبار  أن الحق الملكيّ حقّ إعتباري والقيمة فيه معلقة بالمنفعة وما دامت المنفعة هي شرطاً لتعلق الفرد في الكلية فيقتضي أن تكون عوامل النفع قائمة على قدر الإكتساب اللامشروط وهو حق تقرره الإرداة وحق القدرة مما يجعل نفس علة الإنتفاع علة غاية في مبدأ الملكيّة المشروطة وهذا ما يعزز السلطة الفردية باعتبارها معلقة بمبدأ الحرية الملكية التي هي فرع لثبوت مبدأ الملكية فعلياً ، وهذا الثبوت إشارة إلى أنَّ الحق إلهي مرخص التجويز في الفعل والعمل والإكتساب مع انتفاء الماتع الذي هو قيد لنفس حالة التجويز بالصورة المشروعة .

وقد اعتبر فلاسفة الغرب هذا الحق ليس انتزاعاً قهرياً بل هو ذات الحاجة المتبادلة بين مشروعية التصرف في الأشياء المجهولة الملكية والقدرة على استغلالها ، وليس الاستغلال هو قيد لتحديد من الملكية من ناحية الكيفية الدائرة مدار العمل فذلك حق تابع للحق الأول ومتفرع منه لأن الحرية في التملك قادرة على اكتساب الحق الملكي بصورة الشرط في بداية الحالة أو أنها تتعلق بالقدرة على الإستغلال .

طبيعي مالت آراء فقها القانون الأوروبي على أن الحق ليس مقيداً بالقدرة على الإستغلال لأنه ليس صيغة دالة على أثبات الحق من الناحية الفعلية فالحق واقعاً ثابت والقدرة على الإستغلال موجّهة بالحرية الشكلية التامة التي تعطي للفرد حق الإستغلال بالعرضية يعني تجنيد طاقات عاملة وهي بدورها ليست مشروطة في الشركة داخل إطار الحق على أساس قدرة الإستغلال إنما هي خارجة عنها متعلقة بالربح والقيمة الناتجة التي تولد سد ما تحتاجة الأيدي العاملة من قيمة فهي إذن تابعة للعمل لا للحق الملكيّ .

قطعاً الرأسمال إنما يوظف الحركة الإنتاجية لهدفه الخاص يعني المنفعة الذاتية التي هي بالأساس ركيزة وقاعدة للنظام الرأسمالي فهي المحفزة للعمل وإنتاج جميع المواد الإستهلاكية وإنها من العناصر التي تتكون منها معالم الرأسمالية فقد ذكر ( ج . م . كيز ) أن دور المال وحب المال عند الفرد من أهم مقومات الرأسمالية (1) .

إن النظام الرأسمالي يؤمن بجميع الوسائل التي تؤدي إلى تضخم الشراء الفاحش ، فالربا والأحتكار والإستغلال وغير ذلك من الطرق التي تعتمد على الخداع وتؤدي إلى فقر المجتمع وحصر ثروته عند فئة قليلة تتحكم في مقدراته ، المهم أن تكون الوسائل عاملة في سبيل تراكم الثروة ورأس المال ، وهذا التصور هو عين العلاقة بين فلسفة الغاية بما يجب وبما هو وجود تبعاً لآعتبارات النظرية الفلسفية لمبدأ التملك الفردي المحض الذي يولد مفهوم الأصالة الفردية المحضة الذي نادى (روسو) لتطبقه وعارضه في جوانب (راسل ) ولكنه أقرَّ بأن الحقوق يجب أن تفوض كلياً للمصلحة الفردية والأصالة الفردية .

ب – الحرية الفردية :

تتبنى الرأسمالية المذهبية الحرية الإقتصادية باعتبارها أحد اهم ركائز الفكر الرأسمالي تجاه الواقع ، وقد عبر عنها بالحاجة الضرورية المتعلقة بالوضع الإجتماعي والسياسي للكيان البشري ، ولا ريب ان هذه الفكرة قائمة على مبدأ التوافق بين مصالح الفرد التي يندفع إلى تحقيقها بدوافعة الذاتية ، ومصالح المجتمع التي يتعلق بها كيانه العام .

ولقد برروا النظرية على ان صيغة التوافق قائمة بين المصالح الفردية والإجتماعية بحيث يجعل التوافق أمر اطلاق الحرية للفرد متناسباً مع حجم التوافق في الواقع ، الذي يقودة إلى إطلاق الدوافع الذاتية واعتبارها ركيزة من ركائز التحقيق العام للمصلحة الفردية ، قائلين بأن ذات التحقيق آلت إلى توفير المصالح العامة والحرية إذن قائمة من حيث الجعل على توفير ذات المصالح العامة .

والقول بوجود الدوافع الذاتية إنما هي من باب كون الجزء مرتبطاً بالكل حسب القواعد الإجتماعية ونظرية العقد الإجتماعي ، وهذا ما يوفر قاعدة للمذهبية الرأسمالية في القول العام بمطلق الحرية الفردية .

ولعل القول أيضاً يناسب طرداً عملية التنمية والإنتاج فهي معلقة بمبدأ الحرية الذي من شُعبه الحرية الإقتصادية المرتكزة على الرأي القائل :

إن الحرية الإقتصادية هي أفضل قوة دافعة للقوى المنتجة وأكفأ وسيلة لتفجير كل الطاقات والإمكانات وتجنيدها للإنتاج العام ، وبالتالي لمضاعفة الثروة الإجتماعية في البلاد (1)

وهذا الرأي كما يبدو ويرتبط بالإستنتاج الأول في العلاقة العامة وأثر ترتيب المصلحة الإجتماعية عليها

 .فالإنتاج وزيادة الثروة عملية دالة على ازدهار أقتصادي للمجتمع لتناسب العلاقة بين الإنتاج وزيادته والمجتمع وقواه على انها من نوع مصب للكل الجمعي ، وإذا كان قولهم حول الصالح العام فإنهم يرتبون على مبدأ الحرية قوانين تستمد اكثر مبرراتها من أصول قاعدة المجتمع الإنساني وكرامة الفرد ويركزون على الإعتبارات الخلقية وذات الطابع الإجتماعي المميز ، نفس هذا التعليل هو حركة نفسية موجّهة بإرداة خاصة تقتضيها مصلحة معينة  مرتبطة بها وقائمة في ركائزها على مفهوم المكلية في واقعه الرأسمالي ، طبيعي أنه معزَّزٌ بفكرة الوجود العام وقوانين الطبيعة والحركة التطورَّية ومراحل النموَّ في الواقع الموضوعي الذي هو مرحلة متعلقة بالقيمة الموضوعيَّة للفكرة المذهبيَّة عند الرأسماليين ، وإلى ما يتعلق بالجوهر العام وهو مرتبط بالحرية المطلقة المرُتبة آثار تحقق على صعيد التطبيق الدافع السياسي للتفكير الرأسمالي .

فالمذهبية الرأسمالية حينما جعلت الحرية أساس فكرة الوجود وطريقة لتبرير الأفكار الخاصة حاولت تعليق الأمر بحاجات لإجتماعية معينة فهي قالت بأن الحرية :

1 – هي وسيلة لتحقيق المصالح العامة .

2 – وهي سبب لتنمية الإنتاج والثروة العامة .

3 – وهي أيضاً تعبير عن الكرامة الإنسانية وحق الإنسان في الحياة .

فيقتضي التنبيه إلى أنَّ فلسفة الحرّية لدى الرأسماليين ، كانت ولا تزال قائمة بذات النظرة المتعلقة بحركة الحرية في تحقيق المطلب الذي تنادي به الرأسمالية .

فحينما ندقق عملية البحث الأكاديمي لكون الحرية إنما نوفق بين الدوافع الذاتية والمصالح العامة ولا نرى من حيث الأطر والمعالجات سواء في حال النظرية المذهبية أو المنهج السلوكي للرأسمالية في الواقع الموضوعي .

فالقيمة للتوافق ذاتاً معلقة بالإعتبارات الخلقية والروحية وهذه بطبعها قائمة على قيم ومبادئ ، والقيم ليست تحريراً فردياً أو انها قيمة إجتماعية تفرز حسب الحاجة والرغبة لأنَّ واقع القيم يستمد مبرراته ووجوده من صنع وجعل فوقي والمتعلق به إنما أكتساب للحاجة وللتقنين ولا يعقل ان تكون المبادئ ملزمة بالتغيير حسب المنهج السلوكي الحادث إذ بعضها يأبى المرونة والصيرورة حسب الحاجة الإجتماعية لأنه يدخل في الحاجات الثابتة عرفاً واجتماعاً وقد أقر علماء الإجتماع والفلسفة عن هذه الوجودات الثابتة بعيدة عن الرأي والإرادة العرفية والإجتماعية واعتبروها أطراً للتكوين الطبيعي للكون .

وهذا الإعتبار دائر مدار الحاجة الطبيعية للكون والحياة التي هي عامة بالنسبة للوجود خاصة بالنسبة للمجتمع .

ومهما بدا من تصور فإن الحرية إزاء التوافق المزعوم هي جدلية النظرة العامة للحرية الرأسمالية إنما هي ترتكز على جذور الفكرة التي تعتبر صيغة معلقة يتجه فيها الفكر والشعور إلى ذات التوافق بإعتباره هدفاً في العلاقة التي هي أصل النظام مما يشكل لدى أصحاب العلاقة شعوراً بالحاجة إلى تطبيق مبدأ الحرية للمذهبية الرأسمالية في مجالات الحياة .

ومن هنا برزت الحاجة مع الشعار لتثبيت المبدأ كأصل في مرور السعادة الإجتماعية عبر كلية الهدف الذي هو بالأحرى مقصود لذات الفرد فيما يعطي للدافع الذاتي شرعية القول بانه مبدأ السعادة الكليَّة لأن السعادة ليست تجريداً في الفعل وإنما ضميمة للحركة الإجتماعية العامة التي تعبر الإيجابية عنها .

ومع التأريخ التطبيقي للحرية الرأسمالية ينفي جدلية الترابط وإلزامية موجودية الواحدة لوجود الأخرى لأنه تثبيت من دون قانون تدعيمي بمستوى التشريع لازم له ومؤيد .

فالتباعد بين قدر كون التوافق هو عين الحرية يبرهن بالإستدلال المقارن على تاريخ حافل بما يلي :

الحرية الرأسمالية رفضت كل التحديات الخلقية والروحية في موازين الحياة وبخاصة الإقتصادية منها ، ومسخت الروح الإجتماعية بحيث جعلت الصورة البشعة ملازمة للحضارة الرأسمالية وقساوات السلوك النفسي تجاه الواقع الإقليمي أو الدولي بحيث زادت من المحنة الإجتماعية الداخلية ومصاعب وآلام صدرت للخارج وبالتالي تحول بريق المذهبيَّة الرأسمالية إلى حوادث تاريخية وقصص متعلقة بتطبيقات النظام لدى الدول الرأسمالية وباتت بعيدة عن المحتوى الجوهري لواقع المذهب المفترض فيه أن يحيا لواقع الحياة .

إنَّ تدريب الآخرين على آلية الشعار إنما حوَّل الحرية إلى جهاز فتاك  يعامل المجتمعات بقسوة وشدة .

ولعل في المجال الإقتصادي ما يومي إلى حاكمية قانون العرض والطلب المطلقة على الحياة الإنسانية وأصبحت القدرة دالة على حالة الإنقياد إلى قانون الأجور الحديدي بالإكراه ، وأصبحت عملية الضمان والقيم ليست رافعاً بل مطرقة تحقيقاً لشعار مبدأ الحرية الفردية الذي يجر الإنتاج والإستهلاك من قيم طبيعية إلى حاجات قادرة على صنع وتقرير للمبادئ والأفكار ، مما حولت المجموع إلى ادوات محترقة في طريق الكسب والآنتفاع من دون أي اعتبار للواقع الفيزيولوجي والسيكولوجي للمجتمعات ، الذي اعتبرته الصياغة للحرية الرأسمالية قيماً متغيرة في درجة الحرارة السياسية في قانون العرض والطلب بدون تحديد للمادة حتى ولوكانت البشرية بأجناسها .

 فالممارسة السلطوية النفعية أداتها السحرية ذات الشعار الممقوت للحرية الشكلية إن فلاسفة التاريخ وعلماء القانون أدرجوا على تخصيص أقسام خاصة لحوادث جرت في (آسيا وإفريقيا وآمريكا اللاتينية) وفي داخل أوروبا وأمريكا ) من ظلم واسبداد وفجائع يندي لها ضمير الإنسانية وبالتالي فالحرية هنا عجزت عن توطيد علاقة ولو مؤقتة في الشعار مع الأيام .

وجاء دور إقصاء الإخلاق تماماً من الساحة الرأسمالية لانتفاء ضرورتها على حد تعبير مقنني سياستها ، بما في ذلك الأخلاق الشخصية وأخلاق التعامل داخلياً وخارجياً ودولياً ، وإن الأهداف النبيلة والقيم الرفيعة لا ظل لها في النظام الرأسماليس الذي بني على خلق الطبقات وإيجاد التفاوت والإمتياز بين الناس ،

وهناك فكرة قائلة بأنَّ الحرية سبب لتنمية الإنتاج ولا ريب أنَّ الفكرة تقوم على خطأ في نتائج الحرية وفي تقدير القيمة ، وهو خطأ مرده للعلاة القائمة في سوق التنافس فالإعتبارات مع الفرض حرة لكنها لضابط التحكم القهري بها من حيث الأولوية والقدرة والكفاءة والإمكانات القديمة والتجربة كل ذلك يجعل الصورة دالة ببطء عن نوع منافسة حادثة في زمن غياب القدرة الإنتاجية ، وهذه ليست حرية لعدم امتلاك مبدأ السَّبق ومع توفر القدرة فإن التسابق مع القول بالحرية فإنه سيقلب لمصلحة الأقدر والأكفأ ولمن يمتلك الغلبة في القدرة مما تتحول النتيجة التنافسية إلى عمل احتكاري لأن الصراع التنافسي يولد نوعاً القدرة التي تجعل من الرغبة الذاتية هي صاحبة النزعة في الصراع  ومع التزايد فإن العوامل النفسية ستؤثر في العمل ويتطلب الفعل إلى مجهودات من خارج ربما تؤدي إلى تعطيل حركة الآخرين لاعتبارات داخلة في التأثير على العوامل النفسية والدعائية .

أما تقدير القيمة فالمذهب الرأسمالي أعجز ما يكون على أمتلاك الكفاءة التوزيعية التي تضمن رفاه المجتمع وسعادة الجميع لأن الرأسمالية  تعتمد في التوزيع على جهاز الثمن الذي يعني أن من لايملك الثمن ليس له حق العيش والحياة وبذلك يُقضى بالموت والحرمان  على من كان عاجزاً عن اكتساب الثمن لعدم قدرته ولعدم مساهمته في إنتاج السلع أو لفقدان الفرصة في المساهمة أو نتيجة للتنافس الحاد العنيف مما يقع فريسة وضحية للآخرين وهذا الفعل كله مصدر إشاعة البطالة والتقاعس عن العمل .

(فالنظام الرأسمالي هو نظام الأزمات الإقتصادية المتواترة التي تحدث البطالة في أوروبا وأمريكا وقدّر عدد المعطلين فيهما بحو 60 مايون أو 70 مليون  من العمل وكان معنى هذا التعطيل أن تعرض العمال للجوع والعري والمرض والموت ) (2)

ويجب أن نشير هنا إلى أنّ هناك  لونين من الحرية الطبيعية الإجتماعية ( فالحرية الطبيعية هي الحرية الممنوحة من قبل الطبيعة نفسها .والحرية الإجتماعية : هي الحرية التي يمنحها النظام الإجتماعي ويكفلها المجتمع لأفرادة ) (1)

وأعتقد أن الحرية الطبيعية دالة من حيث المعنى على الصيغة التكوينية التركيبة الإنسانية متعلقة بها وقائمة على الإعتراف بعناصر في الوجودين العام والخاص .

ولقد دأب علماء الإجتماع إلى استثناء صيغة وتأكيد أخرى من الحرية تبعاً لآرتباط الحالة بالفعل العام والمحمول بواقع الصيغة الجمعية الثابتة  ومع انهم قسموا الحرية الإجتماعية إلى جوهرية وشكلية لكنهم مالوا للقول بالشكلية لأنهم مؤمنون بأن الحرية الشكلية هي التجسيد الكامل لمفهوم الحرية ولكن الرأي قائم على أنَّ الفلسفة الرأسمالية إنما تبرر الحاجة المتقابلة بنوع ثبوتي مصدري علته الغائية مرتبطة بالحرية ذاتها ولأنهم يعتبرون الجوهرية في الحرية هي القدرة على الإستفادة من الحرية الشكلية وبذلك جعلوا الجوهرية ملزومة  بالشكلية ولازمة أي متأخرة رتبة حسب القدرة والإستفادة وهي علاقة مركبة من جانبين : سلبي للأول وإيجابي للثاني ، والإيجابية تبرير لدور العوامل المؤثرة في الحرية إجتماعياً وفردياً ، أما السلبية لأنهم يقولون بقصور المذهب الإجتماعي طاقة في توفير الحرية الجوهرية وكأنما القصور متعلق بالحرية لا بالجوهرية مع أن الحرية تتعلق بالجوهرية لا على مقدار التعلق الذاتي وإنما بالطاقة الإكتسابية المتعلقة بها للزوم الشرط في ذلك ، وربطهم المسؤولية بها وكأنما الشعور متعلق بالوحدة الموزعة على الفرد .

ولكن هل القول بالحرية الشكلية كافياً في الممارسات العقائدية ؟

والجواب يتعلق بذات العقائد وهل هي ثابتة أم متغيرة ؟ مع معرفة كلا الوضعين تقديماً وتأخيراً وطبيعي أن موقف الرأسمالية السلبي من فكرة الضمان والحرية الجوهرية كان نتيجة حتمية لموقفها الإيجابي من الحرية الشكلية .

( وبينما أخذ المجتمع الرأسمالي بالحرية الشكلية وطرح الحرية الجوهرية وفكرة الضمان جانباً وقف المجتمع الإشتراكي موقفاً معاكساً إذ قضت الإشتراكية الماركسية فيه على الحرية الشكلية بأقلية جهاز دكتاتوري يتولى السلطة المطلقة في البلاد ) (1)