الصدفة في التاريخ :

 

تبرز مسألة الصدفة في تغيير مجرى التاريخ في الحقل القانوني للتاريخ ومسألة شمولية هذا القانون لكل المفرادات بذلك ـ أعني حيز الإمكان والوجوب . ـ

والصدفة : هي عبارة عن الأحداث والقضايا الناتجة بفعل علل وأسباب طبيعية غير كلية ، ولهذا فهي لا تندرج تحت نظام القواعد العامة ، وهي بهذا التعريف تكون ضد المفهوم القائل : بأن الصدفة عبارة عن الأحداث العديمة العلة ( أي الأحداث الناتجة هكذا دون مقدمات وأسباب معينة ) وكأنها بهذا التعريف تساوق في مفهومها المعرفي .

ومعلوم يقيناً أن تجريد الحوادث من قواعد كلية تحكم مسيرتها في الواقع الموضوعي مع تأثيرها المباشر في حركة التاريخ ، يعني ذلك أن التاريخ سيكون خالياً من كل قاعدة وقانون وسنن خاصة تحكمه .

ولذلك فالصدفة حركة نشاط وجودي ناشئة بفعل سلسلة من العلل والمعلولات التي تقطع سلسلة أخرى من العلل والمعلولات ، وبناءً علية فالصدفة هي ليست حادثة منقطعة عن القوانين والعلل التي تحكم الواقع الطبيعي .

يقول إدوارد هالت : كيف يمكن كشف التوالي المنطقي للعلة والمعلول في التاريخ ؟

وكيف نستطيع الأعتراف بوجود أساس لحركة التاريخ ؟ بينما توالي الأحداث التاريخية قد ينقطع أو ينحرف عن طريق توال آخر قد يبدو لنا في غير محله !!

والصدفة هنا ليست سوى أكتشاف لظاهرة طبيعية أو حدوث ظاهرة طبيعية بطريقة غير مألوفة ، وكأنها تعني في اللاشعور المعرفي ــ المعجزة ــ فهي صيرورة طبيعية ولكنها غير مألوفة أو على قولٍ إنها قانون غير طبيعي معروف بالقياس إلى مداركنا ومعلوماتنا .

 

***