خطاب
الحركات
والأحزاب
والتنظيمات
الإسلامية في
البداية
لابد من
التذكير على
أن هذا
الخطاب حديث
من الناحية
والبعد
التاريخي
والزماني ،
فهو وليد
التجربة
القاسمية (
أعني عهد عبد
الكريم قاسم
الذي بدأ سنة
1958 ــ 1963 ) وما
قبلها وما
بعدها ، وهذا
المدى
التحديدي في
تاريخية
الخطاب يعكس
الخلل
والسلبية
والضعف في
البعد
البنيوي
التنظيمي
والوعي
الثقافي
لهذا الخطاب
، ولابد من
الأعتراف
أيضاً بأن
السلطات
المرجعية
للخطاب عاشت
مرحلة
الصراع
السلبي في
طور الأنشاء
والتكوين ،
وهو الطور
الذي كان
يعاصر
التخلفات
والإشكاليات
والموروثات
السلطانية
والقلق
النفسي في ظل
الدور
الاستعماري
وسلطة
الانتداب .
أضف إلى هذا
أن التكوين
جاء من ثقافة
ركيكة وفكر
مشوش ، مما
يعني تركز
الإشكالية
في الذهن
التنظيمي
داخل الأطر
الايديولوجية
بكل
تراكماتها
وسلبيتها
ورؤاها ، ولا
نريد أن نضيف
تبريراً
بالاتكاء
بقدر ما كنا
مضطرين
للتنويه إلى
مطلق
الإشكالية
الدينية
وسلطاتها
المرجعية . بالإضافة
إلى عامل
التجزئة
الروحي
والأجنبي
بين الأصيل
والوافد
وبين المنتج
في خلايا
الذهن
الشعبي
وثقافة
الناس وبين
التنظير
البيروقراطي
والمثالي ،
والضحية هنا
لا الفرد
وحده بل
العلاقات
الممتدة
ونظام
الأجتماع
والأرتباط
بين
الممكانات
والواجبات
وإدخال
العقل
العراقي في
صراع دون
أنتخاب أو
أستشراف .
وهنا
تكمن
المعضلة في
الانسيابية
والتعبيرية
في الخطاب
طالما
تداخلت
العوامل
الخارجية
المستعارة
في عقل
الخطاب
وذهنه ،
وكذلك
العوامل
البيئوية
وطبيعة
المنتظم
السائد
وعلاقته
بالجمهور ،
هذه العلاقة
الباهتة
المنحصرة في
زوايا وحدود
، خاصةً
العلاقة
التي كانت
ومازالت
تكبل آلية
الخطاب
بإشكالياتها
، والتداخل
هذا أثَّرْ
في البنيوية
العامة
للخطاب بحيث
يمكن
اعتباره
مجرد تنظير
ميتافيزيقي
بعيد عن
الإطار
النهضوي
الثوري . صحيح أن
الأحكام
الطغيانية
في التتابع
الحكومي
استهدفت
وحدة الخطاب
وأثرت في
لحظة
تأريخية
بشكل مباشر
وجوهري في
استراتيجيته
وخططه
وتقديراته ،
وصحيح أيضاً
أن العلاقات
الموروثة
والمؤكدة
عليها كانت
تشكل حاجزاً
سيكيولوجياً
في ممارسة
التنظيم
لدوره ضمن
الممكن
والمتاح ،
ولكن هناك
مائز بين
السلطوية
العارفية .
والسلطوية
الحاكمة . ففي
الأولى : كانت
العصبيات
البيئية
تحدد حركة
الخطاب
وتصبغه بها
كالإثارات
المقصودة
للنعرات
العرقية
والجغرافية
والطائفية ،
مما وَلَّدَ
حدوداً
مصطنعة أخرى
تضاف للآلية
المريضة
للخطاب ، فلم
يستطع أن
يتنج
أهدافاً
وشعارات
تواكب
المرحلة
والتطور
الاجتماعي
والسياسي ،
ولم يستطع أن
يقدم برامج
طموحه تخدم
المجتمع
وتساعد على
تقدمه
ونهوضه بل
ظلت تغلفه
المشاكل
البيئوية
بظلالها . وأما في
الثانية :
فلاريب أن
العجز
الماضوي
ساهم في عدم
استقطاب
الجماهير
لضبابية مما
جعله يخفف
نهائياً
إلاَّ من
لمحات فردية
هنا وممارسة
هناك ، ولم
تدم طويلاً
حتى عاد
العمل
بالمرحلة
الممقوتة
الباهتة ،
وفي ظل هذا
الغياب
استطاع
المنتظم
الحاكم أن
يقوم بحملة
تصفيات طالت
العموم . وهذه
التأريخانية
للخطاب هي
تعريف
وثائقي لدور
المنتظم
السياسي
آنذاك ، وهو
تعريف محايد
ولا نظنه
يستهدف
جماعة دون
أخرى بل يشمل
الجميع ،
وهذه
الوثائقية
السلبية
عاصرت العقل
العراقي
معاصرة
مرفوضة ،
ولكن آليات
وأدوات
الرفض لم تكن
بالمستوى
الذي يؤهلها
للقيام بدور
تغييري بديل
ونشيط . فالخطاب
الحزبي كان
مخيباً
للآمال
بدرجة لم نكن
ننتظرها
بالحركي
الذي يفترض
به أن يعي
أهدافه
ووسائله ،
يعيها من
خلال ما
نسميه
المفهوم
الايديولوجي
والتضاد
الفكري بين
السلطوية
الحاكمة
والمنتظم
الإسلاموي ،
ولم نكن
نتصور أن
يمارس
الخطاب
الحزبي
الديني
المعارض
أسلوب
المخاتلة
والمخادعة
والتضليل
والتسويف
والكذب
والنفاق
والأخلاقية
البعيدة عن
جوهر
الإسلام
وآدابة
ورسومه ، تلك
الأخلاقية :
التي تبرر
الخديعة على
أنها فن
سياسي ،
والكذب على
أنه تقية ،
والنفاق على
أنه مصلحة
وضرورة ،
والإضرار
بالآخرين
على أنه
تحصين ودفاع
عن الآخر ، بل
أصبحت التهم
والدعايات
المبتذلة
عنواناً
يميز الحزبي
الديني ،
المعارض عن
غيره من
العناوين
المعارضة
الأخرى . إن
الخلل في
المنتظم
الحزبي أدى
على الصعيد
السياسي إلى
اتكالية
وانحراف
وعزل وخلط في
المفاهيم ،
ولهذا فقد
عجز عن
مواجهة
المرحلة
مواجهة
صريحة
وصادقة بل
راح يختلق
المعاذير
التبريرية ،
هذا
الاختلاق
كان وبالاً
عليه حتى
عاد خطاباً
متأرجحاً
يفتقد
للرؤية
الموضوعية
المنطقية
والحسابات
الصحيحة ،
لأنه قد
تبّنى بوعي
أو بلا وعي
نظرية السيادة
والحكومة
لدى المنتظم
الحاكم ،
تبنّاها على
الصعيد
النظري
والتطبيقي
وعاشها في
الضمير
والعقل
والوعي
والوجدان ،
تبناها على
الصعيد
التنظيمي
بكل شقوقه ،
فالطرح
الميتافيزيقي
الفوقي
والأفكار
المتعالية
والأحكام
القبلية
المسبقة هي
السائدة في
الخطاب
الحزبي
وتعاملة مع
الآخر ،
تعززها
الممارسات
اليومية من
خلال الدور
الإعلامي
السلبي الذي
يتبناه تجاه
الفصائل
والحركات
التنظيمية
المعارضة
الآخرى . الخطاب
الحزبي
الديني ،
يعمل على قمع
الأفكار
العلمية
الواقعية
التي تنبثق
من العقل
العراقي
بصفته
المعني
بالوضع
السياسي
والاجتماعي
والمخاطب
الأول في
العملية
التغييرية
لهذا الوضع ،
ويعمل على
محاربة
الأفكار
الأخرى بحجج
واهية ،
ويتبنى
المشروع
الأحادي في
النظر إلى
التجمعات
والتنظيمات
والمؤسسات
الأخرى . أضف إلى
عمليات
التبديل
والتغيير
التي تؤسس
الخطاب
الحزبي من
خلال العزل
المبرمج
والمقصود
للآلية
العلمية
والحركية ،
وتعويضها
بآلية
بدائية
سكونية ، مما
سَبَّبَ
إرباكاً
للثابت من
النظرية
ومسخ بعد ذلك
بأثر عملية
طوباوية
وفسخ المجال
أمام
الأفكار
المحافظة
والرجعية
لكي تشمل
أوسع مساحة
في الوعي
التنظيمي .
مما جعل حالة
الإرباك
والانفصال
هي السائدة
في الخطاب
ومايؤسسه
بحيث عاد
ليمارس
عملية الكسب
السلطوي
بالأعتماد
على الوسائل
التي يهيئها
الأخر
مشروطة
ومعززة
باتفاقات
وبروتوكولات
تفقد الخطاب
مصداقيته
الشعبية
التي يتغنى
ويتفاخر بها
على من سواه . إن
فقدان
الضابطة
التي تؤسس
الخطاب في
المرحلة
الراهنة جعل
من الممنوع
مباحاً بل
مشروعاً ،
وجعل من
الوسائل
الخبيثة
أدوات
ضرورية
لتحقيق
الطموح ،
وصار
الأرتباط
بالأجهزة
المشبوهة
والتعامل
معها وكتابة
التقارير
لها حاجة
تؤسس الخطاب
، كما يظهر
لنا في
اللحظات
التاريخية
المعاصرة . فالأحتراف
السياسي جعل
ذلك الممكن
واقعاً
ملازماً
لطبيعة
الخطاب
الحزبي ، لا
ملازمة وجود
وصيرورة كما
يروج له بل
ملازمة
أنسلاخ من
الوضع
والصبغة
الشمولية
للإسلام
كبعد حضاري
إنساني
حضاري يقوم
على العدل
واحترام
الحقوق
والحريات . إن
الجدل الذي
يروجه
الإعلام
الحزبي
الديني يشكل
نقطة ضعف في
البنية
الإعلامية
ومرتكزاتها
، فالأخبار
التي تنقل
والتقارير
التي تطرح
والمقالات
التي تكتب
والأدبيات
التي يعمد
إلى نشرها
وإبرازها
تظهر مدى
الحاجة
الملحة إلى
إعادة هيكلة
الجهاز
الإعلامي
الديني
لينشر
أخباراً
صادقة
وتقارير
وثائقية
صحيحة
ومقالات
تحليلية
ناضجة
وواعية
ونوعية
وأدبيات
ترتكز على
قواعد من
العلم
والعلية
وصحة اللغة
وانسيابية
المعاني ،
على أن تكون
الألفاظ
تطويرية
ليكون
للحداثة دور
فاعل ومؤسس
في أدبيات
الخطاب . وهذا لا
يتم إنجازه
وتحقيقه على
المستوى
الشخصي
المألوف بل
على المستوى
الجمعي
العام ،
فالخطاب
الإعلامي
ينبغي أن لا
يخاطب العقل
المجرد وحده
بلغة
المباشرية ،
بل والعقل
الآخر بلغة
اللامباشرية
التي
اتخذتها
المدرسة
التحليلية
عند علماء
النفس
وبالذات عند
بياجي . وإننا
نريد
بالفردية
عنوان
الكادر
الحزبي كعضو
تنظيمي ،
ولابد من
الاعتراف
بأن مجمل
أخطاء
وممارساته
غير الصحيحة
تكمن هنا
بالفردانية
إذ عادة ما
يكون الكادر
الحزبي
يفتقد
للثقافة
الراقية
التي تؤهلة
لكي يتصدى
لتجربة
الخطاب في
لغته
وفلسفته
وبعده
الذاتي
والموضوعي ، والأعضاء
هم دائماً
عبارة عن
أنصاف
متعلمين
وجهلة
تقودهم
دوماً أفكار
مسطحة في
التربية
التنظيمية
والتثقيف
الحزبي ،
ويستخدمون
للمارسة
اعمال
استفزازية
ويُعمد
لتضليلهم
بأفكار
ومبادئ
مثالية غير
واقعية ،
ويغذون
بدعايات
مضادة ،
وتلفيقات
مزيفة غير
دقيقة ،
ليكونوا
دائماً هم
الخطوط
الدفاعية
الأولى ، أي
بمثابة
الأوراق
المحترقة
والمنزوعة
والتي تخضع
للأجواء
السائدة
ولطبيعة
المرحلة ،
وأكثرهم
بعيد عن
أخلاقيات
وأدبيات
الإسلام
المعروفة ،
وللبعض منهم
سوابق
واتصالات
مشبوهة وماض
سياسي
وحياتي مريض
وعقد
وتراكمات
نفسية
وأخلاقية
متعددة . بالإضافة
إلى
البرجسونية
لدى الكادر
الوصولي
والانتهازي
، والقفز على
الواقع
السياسي عبر
الإغراءات
المادية
والعلاقات
الخاصة .. هذا
الواقع
التركيبي
لأدوات
الخطاب
الحزبي
الديني شكلت
في القيادة
منتهاها ،
فهي من حيث
الكفاءة
واللياقة
عاجزة عن
مجاراة حركة
التطور
الاجتماعي
التاريخي ،
ولابد من
القول إن ــ
رجال الدين
المعممين ــ
منهم يمثلون
الطبقة
الكهنوتية
الآنتفاعية
في المنتظم
الديني ،
يمارسون
السياسة
تحقيقاً
لأهدافهم
الخاصة من
خلال جملة
ممارسات غير
مشروعة
كتكديس
الثروة
والعيش في ظل
حياة مرفهه ،
والمتاجرة
بالدين ،
وبمثيولوجيا
القرون
الغابرة ،
وتعميمهم
للخرافة
وللنواميس
الظلامية
الضبابية في
تحليل
التاريخ
والطبيعة
والدين ، وما
يطالعنا به
أدبهم
المقروء
والمكتوب
خير شاهد على
نقض ملحوظ في
المنسوب
الثقافي
الديني
والوعي
الأجتماعي
على الخطأ
ونظرتهم
الحرجة إلى
الأمور
والتعامل
بأنصاف
مشاعر مع
الأخرين ،
والترجمات
الحرفية
للنصوص ،
والوقوف
عندها من دون
تأويل أو
تدبر أو
إمعان النظر
، والطعن
بأخلاقية
المجتمع
وتصنيف
الناس بحسب
التواجد
البيئي
والجغرافي .. هذه
الملاحظات
الوصفية
التحليلية
تعبير واقعي
عن مدى
الترهل
الفكري
والسلوكي
لهذه الطبقة
داخل
التنظيم
الديني ،
وأما على
الصعيد
السلمي
والمراتب
التنظيمية
فتخضع مواقع
ــ المعممين
ــ إلى عامل
المحسوبية
والقرابة
والوراثة ،
والتي
لاتخرج عادة
عن هذه
الدائرة ،
والتقسيم
البيئي
والجغرافي
والاجتماعي
هو الذي
يحُدد مراكز
القوى
والقيادات
الدينية ،
فليس
بالميسور
للفقراء أن
يتولوا
مراكز
قيادية أو
مرجعية هامة
، وكذا ليس
للطبقات
المحدودة
الدخل ، ولا
للبيوتات
البعيدة عن
مراكز
النفوذ
المرجعي
وحواشيهم (
المافيا)
والتي تهيمن
على مراكز
النفوذ
المادي
والسياسي
والاجتماعي .. وأما
غير ــ
المعممين ــ
فهؤلاء
يصعدون إلى
السلم
القيادي لا
على أساس
الكفاءة
والقدرة
والعلم بل
على أساس
اعتبارات
قادمة من
الآخر ومن
وراء الحدود
، وهذا
التحديد
إكراهي غير
قابل للنقاش
، والجميع في
القيادة
المرجعية
الشيعية هم
ليسوا من
العراقيين
بكل تأكيد ،
بل هم من
الوافد ،
وهذا
التأكيد
يجري دون
استثناء
قديماً
وحديثاً
ومراجعة
بسيطة
وهادئة
لفهرست
الأسماء
القيادية
للمرجعية
الدينية
يثبت هذا
القول دون
أدنى ريب . ومن هنا
يظهر عدم
الاتفاق بين
القيادة
والجمهور ،
بين الواقع
الموضوعي
ومفراداته ،
وبين الأصيل
وبين الوافد
الغريب ،
الوافد الذي
يحاول أن
يحمّل
الجمهور
تبعاته
وأخطاءه ،
كما نلاحظه
في عمليات
التسقيط
والتشهير
التي تمارس
تجاه أبناء
الجنوب ، إن
القيادة في
الحركة
الدينية
تنمي
ثرواتها عن
طريق الكسب
الحرام ،
والنهب
المقصود
للموارد
والحقوق
الشرعية ،
وتمارس
الرشوة
والسرقة
والتزوير
وتهريب
العملة ،
والمتاجرة
بها وبالذهب
، وقد ضبطت
أجهزة الأمن
في دولة
عربية
مجاورة
للعراق هذه
العمليات ،
كما حصل لغير
واحد من هذه
الطبقة
المترفة ذات
البيوت
الكبيرة
والسيارات
الفارهة
والتصاريح
الرسمية
والجوازات
المزورة
للسفر بها
إلى البلدان
الخارجية . إن
القيادة
الحزبية غير
قادرة على
إنجاز
المشروع
السياسي
والاجتماعي
والاقتصادي
والأخلاقي
والتربوي ،
وإن شذ واحد
فإنه يقع
مورداً للذم
والتشهير
والتسقيط
وهذا ما نجده
في العمليات
اليومية
للطرد
والفصل
والإقصاء . وحالات
التفريخ
المتكررة
التي جعلت من
الحالة
الإسلامية
ككل تعيش
دوامة
التكرار
التي أحدثت
خدشاً في
موازين
القوى
والعلاقات
الاجتماعية
والسياسية
والدينية ،
وأصبح من
المتعذر
تحديد
المنهج في
المنتظم
سياسياً
واجتماعياً
تحديداً
يوازي
عمليات
البحث
الموضوعي
لكل عراقي عن
الذات ، وفي
أعماق هذه
المنتجات
وبشكلانيتها
المتعددة
والمتجزئة ،
إذن فالخطاب
الحزبي
الديني
يتميز : 1 – برؤية
إسقاطية
وتحريفية
مشوهة . 2 –
وبمنهج
مثالي
سفسطائي
كلاسيكي
عتيق لا
ينسجم
وطبيعة
التطور
التاريخي
لحياة الناس . 3 –
بفقدان
الوعي
المنهجي في
الثقافة
والفكر
والواقع . 4 –
ويتميز بخلل
موضوعي في
قضايا تتعلق
بمفهوم جدل
القيادة
والقاعدة . 5 – الجمع
اللامشروع
للثروة
والاتكال
على تراث
سلفي تواكلي
يعتمد
التحريف
والتجزئة
وعدم الوضوح . 6 –
اعتماد على
بنى وراثية
في مسائل
التنظيم
والسُلم
القيادي
واعتماد
المحسوبية
والعلاقات
الغائية
المعنونة
بعامل
القرابة
والصداقة
والنفوذ
الاجتماعي
والمالي . 7 – وكذلك
يتميز
بفقدانه
للوعي
الحضاري
والإنساني
في البعد
الاستراتيجي
للنظرية ،
والمسخ
المتعمد
للواقع
الاجتماعي
وخلق طبقية
جديدة في ظل
التجزئة
والعوامل
الجغرافية
والبيئية
والوضع
الاجتماعي
والسياسي
والقرب
والبعد عن
مصادر
النفوذ
المادي
والاقتصادي . 8 – ضحالة
الخطاب
الإعلامي
واعتماده
على وسائل
وآليات
إنتاج غير
صحيحة وغير
مسؤولة ،
واستخدامه
لأدوات
رديئة تحد من
قوة الإعلام
الجبهوي
النهضوي . 9 – غياب
عنصر
المبادرة في
الخطاب مما
جعله خطاباً
تقليدياً
بدائياً ولا
يعبر إلاَّ
عن لحظة غياب
الوعي
العالمي . هذه
الخطوط في
شكلها العام
تميز الخطاب
الحزبي
الديني
بإشكالياته
المتعددة ،
الإشكاليات
التي من
الصعب في
الوضع
الراهن أن
يتجاوزها أو
يتخطاها ،
مجاوزة من
وحي الحقائق
الأصولية
المنطقية
الموضوعية
والتاريخية
والزمانية
والمكانية . هذا كله
عرض تحليلي
سريع لواقع
الخطاب
الديني في
العراق ــ
أعني
الحركات
والأحزاب
والتنظيمات
ــ وهو
بالتأكيد
يعبر عن واقع
موضوعي خاص
يتحدد
بالإطار
الديني كما
هو سياسة
معارضة ،
والمعرضة
الدينية سبب
في الانهيار
المجتمعي
الأممي في
العراق الآن .. ملاحظة :
لقد جرى
تعميم غير
دقيق لكلمة
الأصولية في
الأدب
السياسي
والثقافي
والإعلامي
المعاصر ،
وجرى شبه
مقارنة
تاريخية
خفية بين
الحركات
السياسية
التي تتخذ من
الإسلام
شعاراً لها ،
وبين
الإسلام
الواقع
والانبعاث
الثوري
الأول ، وهذه
المقارنة
كما نرى ليست
صحيحة من
وجوه ، إذ بين
الإسلام
المحمدي
وبين
الحركات
السياسية
جُدّ فارق ،
فارق
بالمستوى
النظري ،
وفارق
بالمستوى
العملي ،
فارق بين
القراءة
الموضوعية
المنطلقة
للتصحيح
والتجديد
والبناء ،
وبين
الأنغلاق
المعرفي
السكوني
الواقف على
أطلال
منتجات
السلف . المنتجات
التي تعزز
الفكر
الانفصالي
والطائفي
وتدعوا له ،
المنتجات
القائمة على
مجموعة
قناعات
صاغتها ظروف
سياسية
واجتماعية
هي ليست
بالضرورة
تجسيداً
لقناعة
المسلم
بحركته
وانفتاحه
على الواقع
وتعامله مع
الأشياء
بموضوعية
وبجدية . حتى
جرى خلط
معرفي بين
الحركة
التطورية في
جدل الذات
الموضوع
وبين ما
ينبغي
إنتاجه في
الفكر ،
فصارت
التلفيقية
تعبيراً عن
حركة
إسلامية في
مدى قهري
إكراهي ، وفي
ظل تعميم
مرجعي غير
منطقي حول
مفهوم
المتحول أو
المتحرك أو
دائرة
الفراغ ،
فالتعميم
إنما جرى
استخدامه في
التحرك
الدولي
وإرادته ،
وفي ظل إنتاج
معرفي مشوش
يدمج بين
الثابت
والمتغير في
رؤية
إسقاطية وفي
فلسفة لا
تاريخانية
ولا معرفية
موضوعية ، بل
استدراج
أدوات ضبط من
خارج
العملية
الإسلامية
في المحتوى
والمضمون
والتحرك بها
على المستوى
الشعبي
مصحوبة
بدعاية خاصة
في محاربة من
أجل إرضاء
القوى على
القرار
الدولي . من خلال
الإعلان عن
تلبية
المطالب
المتعلقة
بقضايا
الحريات
والديمقراطية
وحقوق
الإنسان
وعدم اعتماد
المبادئ
الإنسانية
الخيرة في
تحديد صفتي
الخطأ
والصواب . من
منطلق اللعب
في دائرة
الممكن لكسب
حالة القبول
والأعتماد ،
وهي الصفة
المعيارية
التي تختزل
القيم
الوطنية
والإسلامية
وتنتظم في
سلم القبول
بإيحاءات
الآخر
وبفعلة
وممارسته ،
بل وقبول
الدور في
البديل عن
الحالة
السائدة
سياسياً . إن
القراءة
الحزبية
للواقع
الاجتماعي
والإقتصادي
والسياسي
تعتمد على
فلسفة الضرب
على وتر
المشروع
الإلهي من
خلال تطبيق
الشريعة وقد
جرى تفعيل
هذه الحالة
عبر وسائل
الإعلام
والدعاية
المضادة
لقضايا
تتعلق
بالتنمية
والضمان
والتعليم
والوسائل
الخدمية ،
وهذه
الأشياء تمس
الضمير
والعقل
الإسلامي
العربي في
الصميم
لأنها جزء من
حياته وجزء
من علاقته
بالواقع
الذي يمثل في
الذهن
الذيلية
والتبعية ...
للغرب بل
ويعتبر
العربي
المسلم نفسه
محكوماً
بالسلطات
سواء
السياسية أو
العسكرية أو
الاقتصادية
كحالات نهب
الثروة
والطاقة
واعتبار
البلاد
الإسلامية
أسواقاً
للمنتجات
الأستهلاكية
. وهذه
الصورة من
الواقع
التبعي السئ
تذكره
بالمشروع
القومي
الوحدوي
والموقف
العربي
الرسمي من كل
القضايا
المعاصرة
المحلية
والدولية . خيبة
الأمل هذه
أنتجت أنصاف
حلول من خلال
ردود
الأفعال
التي تمظهرت
بالحركات
السياسية ،
وهذا
التمظهر
تعبير عن
واقع غير
دقيق في
تشخيص
الحالة
لمعطيات
الصراع في
الحركة
التاريخية .
لأنه انفعال
وإغراق في
الفوضى
والضجيج
والماورائية
والحلول
السحيقة ضمن
محطات سبر
غير مأمولة
للعربي في
عصر تزدحم
فيه عناصر
القوة
التقانة
والتطور
السريع ،
والانفعال
في التحرك
عبارة عن
اختزال
للعقل
وللمادة
وللشخصية
وللفكرة
وتعميم
للخرافة
والأسطرة
والشغب بشكل
مباشر أو غير
مباشر . *** قال
تعالى : { وإذا
أردنا أن
نُهلك قرية
أمرنا
مترفيها
ففسقوا فيها
فحق عليها
القول
فدمرناها
تدميراً ،
وكم أهلكنا
من القرون من
بعد نوح ،
وكفى بربك
بذنوب عباده
بصيراً } (
الأسراء / 16 ، 17 ) . يتناول
هذا النص
قضية
الانهيار
الأممي من
الوجهة التي
يسميها ــ
الترف ــ وهي
ترتبط
بالعامل
الأقتصادي
ودوره في
زيادة الهوة
بين الطبقات
، والعمل من
خلال المال
مصائر الناس
وطموحاتهم
وتسخير قوى
الأمة خدمة
لمصالح
الطبقة
المترفة ــ
طبقة الملاء
والتجار
والكهنة ــ
وطبيعي أن ــ
الترف ــ صفة
تختزل معنى
القوة
وتحويل
السلطة
لخدمة
الطبقة ــ
المترفة ــ
على حساب
الحقوق
العامة
المرتبطة
بقوى
الإنتاج
ووسائله ،
ولعل جدل ــ
الدعوة
الإصلاحية
والعدل
الاجتماعي
ــ تصطدم
دائماً
بمراكز
النفوذ
المالي
والأقتصادي
ــ طبقة
التجار ــ
وبمراكز
الفوذ
السياسي ــ
طبقة الحكام
الملاء ــ
وبمراكز
النفوذ
الديني ــ
طبقة الكهنة
ورجال الدين
ــ
فالمجابهة
والاصطدام
هدفها
الإبقاء على
مراكز
النفوذ كقوى
مهيمنة على
مقدرات
الأمة ،
ولهذا تعمل
تلك المراكز
دوماً
لإسقاط كل
دعوة إصلاح
سواء كانت
اقتصادية أو
سياسية أو
دينية أو
أجتماعية ،
والإسقاط في
أحيان كثيرة
يأخذ نوع
التآمر
والتحالف مع
القوى
المضادة في
الداخل
والخارج . قال
تعالى : { وما
أرسلنا في
قرية من نذير
إلا قال
مترفوها إنا
بما أرسلتم
به كافرون } ( سبأ / 34 ) .فالصياغة
القرآنية
أنطلقت في
تعميم
الظاهرة من
خلال العلم
بحركة
التاريخ ،
فالتجار
والساسة
والكهنة
يقفون
دائماً ضد أي
تحرك يستهدف
إقامة نظام
العدل
الاجتماعي
والتساوي في
الفرص
والحقوق
والواجبات
وردم الهوة
بين الطبقات
، واحترام
حقوق
الإنسان
وصيانة
الحرية ،
واعتبار
المال حقاً
عاماً ، لذلك
سلب الله
معنى الرزق
وأنه أمر
مرتبط بفئة
التجار ، سلب
الملكية
وإمكانية
سلب التصرف
أيضاً . قال
تعالى : { قل إن
ربي يبسط
الرزق لمن
يشاء ويقدر ،
ولكن أكثر
الناس
لايعلمون .
وما أموالكم
ولا أولادكم
بالتي
تقربكم
عندنا زلفى ،
إلاًّ من آمن
وعمل صالحاً
فأولئك لهم
جزاء الضعف
بما عملوا
وهم في
الغرفات
آمنون } ( سبأ / 36 ، 37 ) . ولكن
تبقى قضية ــ
الترف ــ من
أخطر
القضايا
التي تسبب
الدمار
ولانهيار
للأمم
والشعوب ،
وسواء جاء
هذا عن طريق
فئة التجار
وأصحاب رؤوس
الأموال ، أو
من الجماعات
التي تحصل
على المال
بطرق ملتوية
كالقيادات
الدينية ــ
المراجع ــ
الذين
يحصلون على
الأموال
الكبيرة تحت
أسم ــ
الأموال
الشرعية ـــ
التي هي
بالأساس
عبارة عن مال
يجب توزيعه
على
المستحقين
بشكل يضمن
لجميع
الفئات
الحصول عليه
وبشكل عادل ،
ولكن العكس
هو الذي يجري
إذ المال
يوزع على
حواشي
المراجع
وأبنائهم
ومريديهم ،
والباقي
يحول إلى
البنوك
العالمية ،
وتمنع الأمة
من الانتفاع
بهذا المال ،
فيحدث
التفاوت
والترف لدى
هذه الجماعة
ــ أعني
المراجع
وحواشيهم ــ
مما يساهم في
زيادة الهوة
بين الأمة
ورجال الدين .
فتنهار
القيم
والمبادئ
وترتكس
الأمة وتزول
، لأنها
تساهم بوعي
أو بلا وعي من
خلال
الترويج ــ
للمراجع ــ
بحجة
التقليد في
الفروع ،
وهذا ملزم
بأداء ــ
الحقوق
الشرعية ــ
لهم على وجه
الخصوص ،
وهذا العمل
هو الذي يجعل
الأمة معرضة
لخطر
التدمير
والعقاب
الإلهي ،
فالأمة التي
تنتج طبقة من
الكسالى
والعجزة
والبطالة
أمة مهزومة
وهي معرضة
حتماً
للزوال ، إذ
دواعي
البقاء
والاستمرار
هي بالعمل
والإنتاج
والإبداع
وذلك مرتبط
بعوامل
تاريخية
موضوعية .. فالتوزيع
العادل
للثروة يوفر
الاستقرار
والأمن
وإرادة
الإبداع ،
وتكديس
الثروة لدى
طبقة ــ
المراجع ــ
وحواشيهم
وبيوتهم
يؤدي إلى
اللاستقرار
وفقدان
الأمن
وانتاج طبقة
من رجال
الدين
انتهازية
منافقة وهذا
ما هو سائد في
الحوزات
الشيعية .. إن
الحالة
السائدة في
الحوزات
وعند ـ
المراجع ـ
ستؤدي حتماً
إلى انهيار
العلاقة
الجدلية مع
الدين ..
فالقيم
النفعية
والمصالح
الطبقية
وتكديس
الثروة الدى
فئة ــ
المراجع ــ
سيؤدي إلى
زوال
المجتمع
وانيهار
بناه ،
وبالتالي
الإسهام في
الانهيار
والسقوط
الحضاري . ولذا
فمن الواجب
الشرعي أن
يتوقف
التجار
وأصحاب
المصالح
والباحثون
عن الصدارة
الاجتماعية
عن دفع
الأموال إلى
طبقة رجال
الدين ، ويجب
توزيع هذه
الأموال
بالعدل على
مستحقيها من
أبناء الأمة
، وكذلك يجب
إعطاء هذه
الأموال من
أجل بناء
المشاريع
الإنمائية
والحضارية
وبناء
المستشفيات
والمدارس
والمساهمة
في دعم
الأقتصاد
الوطني ،
ورفع
البطالة
ودعوة رجال
الدين للعمل (
البطالة
المقنعة ) حتى
يتحرروا من
سلطة التجار
ولا يظلوا
عالة على
الآخرين ،
يعيشون حياة
الذل على
المال
المبذول من
الصدقات
والهبات
والنذور . فالطريقة
السائدة في
توزيع ــ
الأموال
الشرعية ــ
تؤدي إلى
إنكار
للمبادئ
والقيم
والنبوات
إلاَّ بحدود
ما تدر عليهم
من أموال وقد
ورد في
المأثور
بوصف حال
طبقة رجال
الدين
الانتهازيين
الرجعيين ب (
الدين لعق
على ألسنتهم
يحوطونه ما
درت معائشهم
فإذا محصوا
بالبلاء قل
الديانون ) . قال
تعالى : { وقال
الملأ من
قومه الذين
كفروا
وكذبوا
بلقاء
الآخرة
وأترفناهم
في الحياة
الدنيا ما
هذا إلاَّ
بشر مثلكم ،
يأكل مما
تأكلون منه
ويشرب مما
تشربون ،
ولئن أطعتم
بشراً مثلكم
إنكم إذاً
لخاسرون } (
المؤمنون / 33 ، 44 ) .
فالقياس
الذي يطرحه
النص في
السياق هو
التقابل بين
الملاء
والدعوة إلى
الحق ،
فالأنبياء
يمارسون دور
الدعاة إلى
الحق عبر
منهج أخلاقي
دقيق وصارم ،
والملاء
الذين
أترفوا
يعتبرون تلك
الدعوة
نزوعاً
لتقليص
نفوذهم
الاجتماعي
والسياسي ،
ونفس الدور
تمارسه طبقة
رجال الدين
الرجعيين ضد
كل دعوة
تحررية
للانعتاق من
الظلم
والفساد
السياسي
والاجتماعي
والاقتصادي
والثقافي
والعقيدي . وطبقة
رجال الدين
الرجعيين
دائماً تكفر
وتعلن
البراءة ممن
يفكر
بعقلانية
وواقعية ،
التفكير
الذي يساهم
في تطوير
البنى
المفوتة
للمجتمع ،
التفكير
الذي ينفع
الناس ،
ولذلك فأية
دعوة
للإصلاح
الديني
تواجه بعنف
من خلال
وسائل
التشهير
والتسقيط
الإعلامي
مستخدمين
الدين
والمغفلين
في ذلك ، لأن
الدعوة
الإصلاحية
هي حركة
عاقلة واعية
تعمل ، لردم
الهوة بين
الطبقات
والعمل على
أنتاج مجتمع
متقدم مبدع
يقوم على
أساس وقواعد
علمية
ومنطقية من
العدل
والحرية
واحترام
الحقوق
المتبادلة ،
وهذا يعني
الإشراف على
مصادر
الثروة
وتوزيعها
بالعدل على
متحقيها ،
وهذا لن يروق
للمراجع
المترفين
ورجال الدين
الانتهازيين
. قال
تعالى : { يا
أيها الذين
آمنوا إن
كثيراً من
الأحبار
والرهبان
ليأكلوا
أموال الناس
بالباطل
ويصدّون عن
سبيل الله ،
والذين
يكنزون
الذهب
والفضة ولا
ينفقونها في
سبيل الله
فبشرهم
بعذاب أليم ،
يوم يحمى
عليها في نار
جهنم فتكوى
بها جباههم
وجنوبهم
وظهورهم
، هذا ما
كنزتم
لأنفسكم
فذوقوا
ما كنتم
تكنزون } (
التوبة / 34 ، 35 ) . وقال
تعالى : { وترى
كثيراً منهم
يسارعون في
الإثم
والعدوان
وأكلهم
السحت ، لبئس
ما كانوا
يعملون } (
المائدة / 62 ) . لذلك
تراهم يقفون
بصف
الاستبداد
والظلم
ومناصرتهما
ضد هذه
الدعوة
الإصلاحية
بحجة الحفاظ
على الدين
تقودهم في
ذلك عقلية
سكونية
راكدة رجعية
تحاول دوماً
ــ إبقاء ما
كان على ما
كان ــ دون
النظر إلى
قوانين
التطور
وحاجات
الزمان
والمكان
وشرعوا
لكونيتهم
مبدأ ـــ
التقليد ــ
الإلزام
الكافة به
واعتباره
السجن الذي
إنْ تحرروا
منه خرجوا من
ربقة
الإسلام
وهذه حجة
المترفين . قال
تعالى : { بل
قالوا إنا
وجدنا
آباءنا على
أمة وإنا على
آثارهم
مهتدون ،
وكذلك ما
أرسلنا من
قبلك في قرية
من نذير
إلاَّ قال
مترفوها ،
إنا وجدنا
آباءنا على
أمة وإنا على
آثارهم
مقتدون . قل أو
لو جئتكم
بأهدى مما
وجدتم عليه
آباءكم
قالوا إنا
بما أرسلتم
به كافرون } (
الزخرف / 22 ، 24 ) . ولأن
الإبقاء على
حالة السكون
والتغافل عن
مبدأ التطور
هو ضد
القانون
ولذلك فهو
زائل حتماً . قال
تعالى : {
فانتقمنا
منهم ، فانظر
كيف كان
عاقبة
المكذبين } ( الزخرف / 25 ) .
إن مرض
التقليد هو
في الحقيقة
مرض قديم
حاربه
القرآن ودعا
إلى نبذه ،
وعول على
العقل
بإعتباره
الكاشف
والدليل على
الحق ، ــ
والحق أحق أن
يتُبع ــ
وتوعد من
يتمسك
بالتقليد
دون علم
ودراية . وبحث
واجتهاد
وعدهم
بالأنهيار
والسقوط ،
ذلك لأن
التلقيد
سيؤدي إلى
زعزعة جدلية
العلاقة بين
الأرض
والسماء ،
والوسائط
عبر ما يجب أن
يكون في
الواقع
الموضوعي .
قال تعالى : { أإذا
متنا وكنا
تراباً
وعظاماً
أإنا
لمبعوثون أو
آباؤنا
الأولون ، قل
إن الأولين
والآخرين
لمجموعون
إلى ميقات
يوم معلوم } ( 47 ، 50 ) . طبعاً
لا يظن أحد أن
الله ترك
قضية العقاب
إلى يوم
القيامة
ونسي قيمة
الإرادة
الإنسانية
في تغيير
المسار
التاريخي ،
بل إن الله حث
بدرجة عالية
على الإرادة
في التغيير
وإنها تنبثق
من عقل الأمة
لما يصلح
حياتها
السياسية
والاجتماعية
والأقتصادية
والثقافية ،
والفعل في
التغيير هو
أنبثاق من
عقل واع
متقدم ، إذ
عملية
التغيير
ترتبط بحاجة
المجتمع إلى
تطوير البنى
الوظيفية
القائمة وهي
جدلاً لا
تربطه
بالفعل
الماروائي ،
بل إن
الإرادة
العالمة
قادرة على
تقدير
المصلحة
والفعل
باتجاهها
بالخطوط
الممكنه
رفعاً لكل
حالات
الفساد
والانحراف
والظلم ،
ولذلك
فتقرير
العقاب ليس
معناه جعل
الجماعة
الإنسانية
خاملة في
عطائها
وفهمها
للمعطى
التاريخي ،
بل إن المعول
هو حركة
الجماعة نحو
تحقيق
أهدافها في
العدل
والحرية ،
وهذه الحركة
هي الرادع
الموضوعي عن
إنزال ــ
العقاب ــ
بالجماعة . قال
تعالى : {
فلولا نفر من
القرون من
قبلكم أولو
بقية ينهون
عن الفساد في
الأرض ،
إلاَّ
قليلاً ممن
أنجينا منهم
، وأتبع
الذين ظلموا
ما أترفوا
فيه وكانوا
مجرمين ، وما
كان ربك
ليلهك القرى
بظلم وأهلها
مصلحون } ( هود / 116 ، 117
) . إذن
فالسنة
التاريخية
في صيغة
العقاب
تتحرك في
دائرة الفعل
المرادف
لفعل
الإنسان ،
ولذلك فقد
حمَّله الله
الأمانة
ليواصل
ويحقق
الأهداف
والقيم التي
أنبثقت من
أجلها
رسالات
السماء في
المقابلة
الموضوعية
بين ما يصح
وما لا يصح ،
المقابلة
الجدلية في
السنة
التاريخية
والطبيعية ..
وهذه لن
تتأتى إلاًّ
أن يكون
مجتهداً
قادراً على
تحليل النص
حسب
المقدمات
الصحيحة . *** لم يرد
لفظ
الاجتهاد ــ
بما هو
المعروف في
الأصول
والفقه ــ في
الكتاب
الكريم ، ولا
في النصوص
الواردة عن
النبي (ص) بل
ولا أثر في
كلمات
القدماء ،
وإنما حدث في
الطبقات
الأخيرة فلا
وجه للنقض
والإبرام
على ما قيل في
تعريفة . مع
أنه من الشرح
اللفظي فقط ،
والإشكال
على الشروح
اللفظية ليس
من دأب
العلماء . المعروف
أنه : استفراغ
الوسع في
تحصيل الظن
بالحكم ... وفيه
: إنه إن كان
المراد به
الغالب فله
وجه ، وإلاَّ
فلا تنحصر
الأحكام
بخصوص
المظنونات ،
بل تشمل
اليقينيات
والمسلمات .. كما أن
تعريفة بأنه :
أستفراغ
الوسع في
تحصيل الحجة
على الحكم .
مخدوش : أيضاً
إذا لا يشمل
جميع موارد
المعذورية
في ترك الواقع
إذ ليس فيها
حكم إلاَّ أن
يعمم الحكم
إليها أيضاً . ولعل
الأولى
تعريفة : بأنه
بذل في تحصيل
الوظائف
الدينية من
الأخبار
الشارحة
للكتاب . والاجتهاد
بهذا النحو
دقيق لأنه
يعني :
الاستفادة
من الظواهر
ورد
متشابهات
الأدلة إلى
محكماتها ــ
والجمع
العرفي
المقبول لدى
العقلاء بين
مختلفاتها
ــ من
الفطريات
البشرية غير
المختصة
بمذهب وملة . ثم إن
مقتضى الأصل
عدم حجية
الرأي ونفوذ
الحكم إلاَّ
في ما دل
الدليل
بالخصوص ،
فيعتبر في
الاجتهاد
جميع ما
يحتمل دخله
فيه ... وقد جرت
السيرة على
الأهتمام
بصناعة
الأصول لأنه
مجمع مبادئ
الاجتهاد
ومؤلف
متفرقاتها ... ويكفي
في الاجتهاد
من الأصول
الإحاطة
بالمسلمات
والمشهورات
بين العقلاء
والعلماء
وما هو
المعتبر لدى
الأذهان
المستقيمة ،
ولا عبرة
بالدقيات
العقلية
والاحتمالات
البعيدة
لعدم ابتناء
الفقه عليها
، كما
لايعتبر
إبداء الرأي
المسبوق
بالعدم في
الأصول لأن
الآراء
محصورة بين
النفي
والإثبات بل
يكفي
الإذعان
الإعتقادي
عن تأمل
واجتهاد بما
هو المألوف
بين أهل
المحاورة في
كيفية
الاحتجاج
والاستظهار
، وتأليفات
الفقه
الاستدلالي
في هذه
الاعصار وما
قاربها
تشتمل على
القدر
اللازم من
الأصول
ويمكن أن
يُعَدَّ
الزائد عليه
من الفضول .
ومن أهم
المبادئ
الفضائل
النفسانية
والعمل بما
يوجب التقرب
إلى حضرة
الربوبية
والتجنب عما
يسخطه ( فإن
جميع
الإفاضات من
حضرته وتمام
العنايات من
ناحيته قال
تعالى : { واتقوا
الله
ويعلمكم
الله } (
البقرة / 282 ) . هذا
بعض الكلام
في أصل
الاجتهاد ) (1) . والاجتهاد
على نوعين
إما مطلق أو
تجزيئي ،
وهما تارة
بالنسبة إلى
الكيفية أي
الاشتداد
والضعف في
قوة
الاجتهاد ،
وأخرى
بالنسبة إلى
الكمية أي
الإحاطة
بتمام أحكام
الفقه كلها
أو بعضها . ولا
اختصاص لهما
بالفقه بل
يجريان في
جميع العلوم
والصنائع
مطلقاً . أما
المطلق في
الكيفية
والكمية
بحيث لم يمكن
حصول قوة
الاجتهاد
فوقه كماً
وكيفيةً
بالظاهر
أمتناعه
عادةً لعدم
وقوف القوة
والاستعداد
على حد خاص
بالنسبة إلى
شخص واحد
فكيف بأشخاص
متعددين
فكلما كثر
بذل الجهد
والطاقة
تزداد تلك
القوة
كمالاً
فيهما ، ولذا
كثر
الاختلاف في
الفتوى حتى
من فقيه واحد
في مسألة
واحدة
لاختلاف
القوة في
الشدة
والضعف
والإحاطة
وعدمها . نعم
لاريب في
وجود المطلق
في الجملة في
مقابل
المتجزئ
كذلك ، كما
لاريب في
حجية رأيه
ونفوذ حكمته
لأنه القدر
المتيقن من
الأدلة سواء
كان من
القائلين
بانسداد باب
العلم أو
القائلين
بانفتاحه .
أما على
الأخير
فواضح ، وأما
على الأول
فلأن
الانسداد
لدينا في صحة
الاعتذار
بالرأي
والنظر وهي
تجتمع مع
الجهل
بالواقع وسد
باب العلم
عليه ، كما في
موارد
الأصول
العملية
التي يصح
الاعتذار
بهال شرعاً
وعقلاً . وأما
المتجزئ
فالحق
الموافق
لوجدان كل
عالم في كل
علم إمكانه
وتحققه
خارجاً
ومقتضى
الإطلاقات
والسيرة في
الجملة نفوذ
حكمة وحجية
رأيه إلاَّ
إذا كان بحيث
تنصرف
الأدله
اللفظية عنه
ويشك في ثبوت
السيرة فيه
بمقتضى
الأصل وعدم
اعتبار رأيه
حكمة حينئذ ... [ ثم إن
شؤون الفقيه
الجامع
للشرائط
منحصرة في
حجية الفتوى
ونفوذ الحكم
، بل له حجية
وجودية
أيضاً ولو
كان ساكتاً ،
كما أن له
الولاية
الانتظامية
أي نظم دنيا
البشر
وسياساتهم
نظماً
إلهياً بشرط
استيلائه
على الكل في
الكل وبسط
يده من كل
حيثية وجهة ] (1) *** لاريب
في أن بين
المعلومات
والواقعيات
مطلقاً عموم
من وجه ، فرب
معلوم مخالف
للواقع ، ورب
واقع غير
معلوم ، وقد
يتصادقان
ولا اختصاص
لذلك بعلم
دون علم وفن
دون آخر ،
فيجري في
الفقه وغيره .
ولازم ذلك هو
صحة القول
بالتخطئة في
جميع العلوم
ـــ فقهاً
كان أو غيره
ـــ ولا
ينكره أحد ،
وإنما توهم
التصويب في
خصوص
الأحكام
الفقهية
الظاهرية
فقط ، بدعوى :
أن الإجزاء
وصحة
الاعتذار
بها يستلزم
التصويب ،
وفساد هذه
الدعوى أوضح
من أن يخفى ،
لأن الإجزاء
وصحة
الاعتذار
تسهيلاً على
الأمة أعم من
إصابة
الواقع ، كما
في موارد
جميع
القواعد
التسهيلية
الامتنانية
المجعولة في
الشريعة ،
كقاعدة
الصحة ،
وقاعدة
الفراغ : وهي
حكم المكلف
بحصول عمله
بعد الفراغ
عنه والشك في
صحته ،
فللقاعدة
موضوع
ومحمول ،
موضوعها
العمل
المفروغ عنه
المشكوك في
صحته وفسادة
، ومحمولها
الحكم
بالصحة
وترتيب
آثارها عليه
ــ وقاعدة
التجاوز : هي
الحكم بوجود
عمل شك في
وجوده بعد
التجاوز عن
محله في غيره
أو بعدما خرج
وقته ،
فللقاعدة
موضوع
ومحمول ،
موضوعها
الشك في
الوجود وأنه
هل أوجده أم
لا ،
ومحمولها
الحكم
بالوجود
وترتيب
آثاره ــ . (1) . والطهارة
، والإباحة
وجميع
الأصول
التسهيلية ،
نعم نفس
أحكام
الشريعة
سواء كانت في
الكتاب أو في
السنة هي
أحكام
واقعية بلا
شبهة ، ولكن
الاجتهاد
فيها أعم من
إصابة
الواقع ولو
كان من
الاجتهاد
الصحيح . إن
التصويب على
أقسام أولاً :
انقلاب
الوظيفة
الظاهرية
إلى الأنظار
الاجتهادية
في مقام
الفعلية فقط
لا في مقام
الإنشاء
الواقعي
النفسي
الأمري . الثاني :
تعدد الواقع
المنشأ حسب
تعدد الآراء
الاجتهادية
المختلفة . الثالث :
إنه لا واقع
أصلاً إلاَّ
ما يراه
المجتهد ،
فيكون رأيه
موجباً
لحدوث
الواقع
وتحققه
مطلقاً
(2) . إن
إعادة تأسيس
قواعد
الاجتهاد ،
وتحريك
الاجتهاد
بحيث يكون
فعلاً
للتقدم
والبناء
والتطور
والنهوض
المجتمعي
العام وهو
المراد من
حركية
الاجتهاد
وإبقائه ، إذ
يجب إخراجه
من حالته
السكونية
التي تتحصن
داخل عقل
إكليروسي
كهنوتي ضيق
الأفق
والحدود ،
ولا يرى من
الدائرة
إلاَّ
دائرته
الخاصة ،
الدائرة
التي تستظل
بفئ مجموعة
من الأخبار
البسيطة
والمعادة في
سلم التعريف
الأصولي ،
ولذلك فنبذ
للاجتهاد
الذي لا
يراعي
المصلحة
وظرفي
الزمان
والمكان هو
مطلب
جماهيري
ومطلب حضاري
إنساني
تقدمي ،
والدعوة إلى
اجتهاد أكثر
عصرانية
وحداثة ليس
فقط في مسائل
النصوص بل
وفي مسائل
العقيدة
والتاريخ
ومجمل صنوف
المعرفة
البشرية ، وهذا
الاجتهاد
يجعل منا أمة
النهوض
والتقدم لا
أمة الركود
والخمول
والأنزوائية
، بل أمة
العلم
والتقدم
والحضارة
والفكر لا
امة الوعاظ
وأرباب
الشعائر
الجنائزية ، ونحن
نريد للفقه
أن يكون من
أجل الحياة
لا من أجل
التكايا
والمنابر
السلطانية
والبيوتات
الخاصة ،
نريد للفقه
أن يكون
للناس
قانوناً
يحميهم
ويدافع عنهم
من الظلم
والاستبداد
، نريد للفقه
أن يحكم
الحياة
ويطور مناهج
السلوك
الاجتماعي
والمعاملاتي
والاقتصادي
، وعندها فقط
يكون جديراً
بالتسمية
وجديراً
بمفهوم
الاجتهاد
الذي يصون
الإنسان
ويرتقي به في
سلم من
التقوى
والكمال
والعمل
الصالح . وأما
التقليد
المزعوم
فأدلته غير
ناهضة في
منجزيته
ولكنه يجري
في السيرة
العقلانية
على رجوع
الجاهل إلى
العالم وتلك
قضية طبيعية
فطرية ، ودون
ذلك كما قلنا
خلاف النص
القرآني
والحديث
والدليل
الفقهي
المحكم . *** لقد رسم
القرآن صورة
للمعادلة
التاريخية
وما يجب أن
تكون عليه
حالة
الاجتماع
الإنساني ،
الحالة
المرادفة
للعدل
والحرية
واحترام
حقوق
الإنسان
وإقامة نظم
معرفية
راقية ، تهدف
كلها
باللاشعور
المعرفي إلى
دفع الظلم
والكبت
والفوضى ،
ولأن هذه
الجدلية هي
صراع بين
النقائض ،
فإن المجال
الذي طرحه
الله يتمدد
في الأفق لكي
تكون الأرض
ميدان تجربة
الإنسان في
فعله من أجل
العدل والحق
والحرية ،
لذلك فلم
يحدد له
المكان على
وجه محدد بل
دفعه ليمارس
دوره وأن
ينبثّ في
الأرض يبلغ
ما أمكنه
ويعمل لدفع
الظلم
والتعدي
ويسعى ليجسد
دوره في
الخلافة
الدور
التكاملي ،
واعتبر
التحرك
والفعل في
الساحة
الطبيعية هو
المؤهل لكسب
الواقع
الموضوعي
وتسخيره
لعملية خلق
الإنسان
بالصيغة
المرادفة
لبناء
وعمارة
الواقع
بالشروط
الموضوعية
الصحيحة
بالعلم
والإرادة
والقدرة
ونقض ما يتكئ
عليه الظالم
بإعتباره
حجر العثرة
في نماء
وتطور
المجتمع ،
ولأن الساحة
هي ميدان
النشاط فجرى
التعميم على
النحو
التالي : قال
تعالى : { إن
الذين
تتوفاهم
الملائكة ،
ظالمي
أنفسهم
قالوا فيما
كنتم ؟ قالوا
كنا
مستضعفين في
الأرض ،
قالوا ألم
تكن أرض الله
واسعة
فتهاجروا
فيها ،
فأولئك
مأواهم جهنم
وساءت مصيرا
، إلاَّ
المستضعفين
من الرجال
والنساء
والولدان لا
يستطيعون
حيلة ولا
يهتدون
سبيلا } (
النساء / 97 ، 98 ) . فالفعل
الواجب : هو من
أجل رفع حالة
الظلم ..
والتقاعس في
ميدان الفعل
عن أداء هذا
الواجب فإن
المصير هو ــ
جهنم ـــ
وبقرينة
المقابلة
فإن المراد
هو العمل ضد
الظلم لا
الركون
والاستسلام
للظلم ،
والمكان لا
معذرية فيه
بحجة عدم
صلاحيته
للفعل
المؤدي إلى
رفع الظلم ،
إذ الضابطة :
إن الأرض
واسعة
ويستطيع
العامل من
أداء
تكاليفه من
خلال الهجرة
والسعي لرفع
الظلم ــ
وأما البقاء
في المكان
الذي يمارس
فيه الظلم
فهو تأييد
ضمني للظلم
لذلك كانت
المأوى هي ــ
جهنم ــ
طبعاً الشرط
تحقق ذلك
صراحة على
وجهٍ لا يكون
للمكلف أي
عذر . والقرآن
يوجه
الأنظار إلى
ضرورة
التخلي عن
الظلمة
ومكافحتهم
بالوسائل
الممكنة
والمتاحة ،
والهجرة
أسلوب في
ممارسة
الإنسان
لدوره في
الرفض وهي
كذلك عملية
إعداد خارج
نطاق سلطة
المؤثرات
الطاغوتية ،
وذلك من أجل
إعادة الكرة
بقوة وإصرار
كبيرين ، قال
تعالى : { يا
عبادي الذين
آمنوا إن
أرضي واسعة
فإياي
فاعبدون } (
العنكبوت / 56 ) . إذن
فعملية
الإعداد
المسلح من
أجل الإطاحة
بقوى الظلم
حاجة
يتطلبها
الفعل
المرتبط
بالسماء ،
وهو تحجيم
لدور
القيادات
الأرضية
الظالمة
لذلك كان
تشريع
الجهاد
ينطلق من هذه
المقدمة : { أذن
للذين
يقاتلون
بأنهم ظلموا
وإن الله على
نصرهم لقدير } ( الحج / 39 )
، إذ الملاك
هو وجود
الظلم في
الأرض ، ولأن
الظلم تحجيم
لدور
الإنسان في
الحياة ، جاء
التشريع
ليعتبر
الإنسان
صانع الحياة
، والصنع
قضية فعل
إيجابي وهي
على الضد مع
الظلم ، لذلك
كان الإذن او
التأسيس
لخوض الصراع
من أجل مباني
الحياة
والدعوة إلى
صنعها
وتجديدها . وكما
قدمنا فإن ــ
الظلم ــ هو
عبارة عن
خروج متعمد
عن النظم
الأخلاقية
والقانونية
التي تحكم
الواقع
الطبيعي ،
ولأن التفوق
الأممي لا
يكمن بحجم
الأنتاج
الكمي بقدر
ما يكمن في
مدى التزام
الجماعة
المتحضرة
بالمبادئ
الأخلاقية
والقانونية
، وعدم
الالتزام
بالمبادئ
تلك أحد أهم
أسباب
الانهيار
الأممي ، من هنا
اعتبرت
جدلية
البناء
الأممي
متلازمة مع
الأخلاق ،
والتلازم
بمثابة
العلة
التامة في
البقاء
والتطور ،
وقد أشار
القرآن إلى
هذا النزوع
الجدلي
التلازمي ،
معتبراً أن
المفردات
الناظمة
لملاك
الأخلاق هي
التي تساهم
في البناء
الحضاري ،
واعتبر ذلك
النزوع
من
الواجبات
المأمور بها . قال
تعالى : { ولا
يجرمنكم
شنآن قوم على
ألاَّ
تعدلوا ،
أعدلوا هو
أقرب للتقوى } (
المائدة / 8 ) . وقال
تعالى : { وإذا
قلتم
فاعدلوا ولو
كان ذا قربى } _ الأنعام /
152 ) . إذن
فالقيم
الأخلاقية
هي المناط
والملاك في
التطور
والتقدم ،
وهي
المحافظة
للمجتمع بأن
، لا ينهار
أمام
تحدياته
المفروضة مع
الطبيعة ،
والتبادل
الطبيعي
الموضوعي
بين التكليف
والأخلاق
تبادل من وحي
التجربة
التي تحكم
على القوة
والضعف .
فالصدق ،
والأمانة ،
والصبر ،
والشجاعة
والعدل صفات
وقيم
إيجابية
كفيلة
بتطوير
البنى
المفوتة
للمجتمع إن
ألتزم بها . والكذب
، والخيانة ،
والجبن ،
والترف ،
والظلم ،
صفات سلبية
كفيلة هي
الأخرى
بتحطيم
المجتمع
وتأخر عجلة
النمو
والبناء
والإنتاج
فيه إن سادت
في مجتمع ما . ولذلك
كان القرآن
حريصاً كل
الحرص على
اعتبار
المسألة
الأخلاقية
هي الركن
الواجب في
عملية
البناء
الأممي
الحضاري
والنهوض
المجتمعي ،
وبعكسها
الخمول
والكسل
والانهيار . وأنا
أرى أن القيم
الأخلاقية
هي حقائق
مرتبطة
بالواقع
الطبيعي
الذي يحكم
نواميس
العلاقات
الكونية ،
وهي كذلك جدل
بين الإنسان
والطبيعة ،
والإنسان
والله ، فما
يختزل في
العلاقة
الإنسانية
من هذه القيم
إنما هي
أولاً
وبالذات : من
الله . وثانياً
: من قوانين
الطبيعة ،
ووحدة هذه
القيم بين
الله
والطبيعة هي
المهمة التي
تحفظ
النواميس
وحركة
الإنسان ،
وهي الكفيلة
بتعزيز
العلاقة
بالطبيعة
وبما ورائها .
وترسيخ هذه
القيم مرتبط
بالعلم
والوعي
والإرادة
وهي صفات
حضارية ،
وعدم الترسخ
ناتج عن
الجهل
والفوضى
والاضطراب
لذلك ميز
الله في
خطابه بين
ذلك . قال
تعالى : { قالت
الأعراب
آمنا قل لم
تؤمنوا ،
ولكن قواوا
أسلمنا ولما
يدخل
الإيمان في
قلوبكم } (
الحجرات / 14 ) . والإيمان
صفة وعي وعلم
وإدراك
بالعقل ، وهي
صفة إيجاب
أخلاقي وهي
مرتبة
متقدمة
متحضرة تنم
عن قناعة
لبيِّنة
على تجربة
في رصد
العناصر
المؤدية
إليها ، ولذا
فهي المائز
الطبيعي بين
الرسوخ
وعدمه في
العلاقة
والفعل
والربط
بينهما . [ عرّف
الإمام
الصادق (ع)
الإيمان كما
روي ذلك عبد
الملك بن
أعين : (
الإيمان هو
الإقرار
باللسان ،
وعقد القلب ،
وعمل
بالأركان ،
والأيمان
بعضه من بعض ) ...
وفي رواية
محمد بن مسلم
عن الإمام
الصادق قال : ( سألته
عن الإيمان ؟
فقال : شهادة
أن لا إله
إلاَّ الله ،
وإقرار بما
جاء من عند
الله ، وما
استقر في
القلوب من
التصديق
بذلك ، فقلت
له : أليس
الشهادة
عملاً ؟ قال :
بلى ؛ قلت :
العمل من
الإيمان ؟
قال نعم
لايكون
الإيمان
إلاَّ بعمل
والعمل منه ) ] (1) . *** لقد
تطرق
القرآن
للتعريف
ببعض
القضايا
ورصدها من
خلال
علاقتها
بالأحكام ،
وهي بلا ريب
ترتبط
بمسائل من
قبيل تهذيب
الفرد
والمجتمع ،
واعتبر
الحكم
مرتبطاً
بميدانه
التجريبي
وعناوينه
الكلية
الأخرى ، أي أنه
ربط بين
السياسي
والاقتصادي
والثقافي
ولاجتماعي
في وحدة
موضوع
أساسها
سلامة الجو
العام ودفعه
للتمسك
بالقيم
الحضارية
الكبيرة
فكان أن نبه
إلى ذلك
بقوله تعالى : { قل
إنما حرّم
ربي الفواحش
ما ظهر منها
وما بطن ،
والإثم
والبغي بغير
الحق ، وأن
تشركوا
بالله مالم
ينزل به
سلطاناً وأن
تقولوا على
الله ما لا
تعلمون } (
الأعراف / 33 ) . فالتحريم
في سياق النص
استوعب
المساحة
التي تؤثر
سلباً على
الجماعة
البشرية
وبالتالي
تجعلها
ترتبط
بالحاجات
التي أعلن
أنها تضر
بوحدة
الاجتماع
،فعنوان
الفواحش
الظاهر منها
والباطن
أعني ما
يرتبط
بالجسد
والروح ،
وعنوان
الإثم
والبغي
ترتبط
بالظلم
وأساسه
العام ،
وعنوان
الشرك رفض
للوسائط
التي أجد
أنها مازالت
متداولة في
سوق
المسلمين
تارة من خلال
الأئمة
وطوراً من
خلال
الأولياء
وأهل
الكرامات ،
واعتبار تلك
الوسائط هي
التي تقرب
إلى الله
زلفى ، مع أن
الله رفض
الوسائط
بقوله : { وإذا سألك
عبادي عني
فإني قريب
أجيب دعوة
الداع إذا
دعاني } ورفض
الوسائط
بعنوان
الشفعاء ،
ورفض
الوسائط
بعنوان
التقرب
وقضاء
الحوائج ،
فالوسائط هي
حواجز
مصطنعة وهي
وليدة الفكر
التوراتي
والمجوسي
ولا علاقة
لها
بالإسلام
وبعناوينه
الكلية ..
والتقريب
إلى الله ربط
في القرآن
بالإيمان
والعمل
الصالح وهذا
مرتبط
بالإنسان
الفاعل
المختار
المريد ،
والدخول إلى
الجنة
والنار ناتج
عن فعل
الإنسان ،
وقضاء
الحوائج
مرتبط
بمقدمات
الفعل
الصحيح
ولا ربط
لذلك
بالأولياء
والأئمة .
فهؤلاء بشر
ممن خلق
محتاجون
للطف
والرحمة
الإلهية ، إذ ليس
بين الله وأي
كائن نسب ،
والتقديم
والرجاء
مرتبط بصحة
العمل وأداء
التكاليف ،
وما يقال في
المثيولوجيا
الشعبية
مخالف للنص
الإلهي
وللسيرة
العملية
لرسول الله (ص)
والمخالفة
تجعلنا
نتمسك بالنص
القائل : { لكم
في رسول الله
أسوة حسنة } (
الأحزاب / 21 ) . *** فالتحريم
في الآية 33 من
سورة
الأعراف هو
صيانة
أخلاقية
للمجتمع
من الآفات
المؤدية إلى
أنهياره
بمستوى
علاقاته
ووظائفة ،
ولايغرب عن
البال أن
التحريم ربط
الحكم فيه
بالله ونزعه
عن الإنسان
أي عن رغباته
وأهوائه ،
لأن الربط
بالله تحصين
للجماعة في
أن تقول بما
لا تعلم { ولا
تقفُ ما ليس
لك به علم } (
الأسراء / 36 ) ،
أو تمارس على
خلاف عملية
الخلق لذلك
كان التحريم
بمثابة
قانون
التوازن
ومبدأ عدم
الإسراف . قال
تعالى : { كلوا
واشربوا ولا
تسرقوا إنه
لايجب
المسرفين } (
الأعراف / 31 ) .
وقال تعالى : {
قل أرأيتم ما
أنزل الله
لكم من رزق
فجعلتم منه
حراماً
وحلالاً
قل ءآلله
أذن لكم } ( يونس / 59 ) . إذن
فعملية
التحريم
ترتبط
بمصالح
وعلاقات
اجتماعية
مرصودة وغير
مرصودة من
قبل العقل
لذلك قال
تعالى : { كل
الطعام كان
حلاً لبني
اسرائيل
إلاّ ما حرم
اسرائيل على
نفسه } ( آل
عمران / 93 ) . ومن هنا
فالتحريم
ليس عملية
موجهة ضد
رغبات
الإنسان أو
موجهة
لتحجيم دور
الإنسان ، بل
التحريم
عملية
لتحقيق
العدالة
الطبيعية
المرتبطة
بنواميس
الأرض قال
تعالى : {
فبظلم من
الذين هادوا
حرمنا عليهم
طيبات أحلت
لهم } (
النساء / 160 ) . إذن
فالملاك في
تقرير
الحرمة
كحجية هو
العامل
الأخلاقي
القانوني
وواحده ــ
الظلم ــ
والظلم هنا
ملاك في
الخروج عن
القاعدة
والأصل
المرتبطة
بنظم
تشريعية
وتكوينية
ولادخل
للهوى
والرغبة في
ذلك ، قال
تعالى : { ولا تقولوا
لما تصف
ألسنتكم
الكذب هذا
حلال وهذا
حرام } ( النحل / 116
) . ولكن
التحريم كما
قلنا يرتبط
بالمصلحة
وتقديرها
يرتبط بظرف
الزمان
والمكان ،
أعني
التحريم جعل
لمصلحة
الجماعة
وتقرير هذه
المصلحة
بكون الحرمة
منسجمة مع
طبيعة
الاجتماع ،
لذلك أباح
الاستمتاع
بالطيبات مع
الاحتفاظ
بالجانب
الأخلاقي
والحقوقي
أعني
الوسطية
والاعتدال .
قال تعالى : { يا
أيها الذين
آمنوا لا
تحرموا
طيبات ما أحل
الله لكم } (
المائدة / 87 ) . لأن
مشروعية
الانتفاع من
خيرات
الطبيعة
إنما سُخرت
للإنسان
ولكن ضمن
القانون
الذي يعطي
لكل ذي حق حقه
، وذلك
حفاظاً على
التوازن
الطبيعي
ونبذاً ــ
للترف ــ
وهذا
المعيار
القانوني لا
يرتبط
بجماعة دون
أخرى ولا
بفرد دون آخر
، بل قانون
عام وسنة
طبيعية
تاريخية
شاملة تأخذ
بالحسبان
تصرف وعمل
الأنبياء
ولا
تستثنيهم من
هذه القاعدة . قال
تعالى : { يا
أيها النبي
لَمِ تحرم ما
أحل الله لك } ( التحريم /
1 ) . ومما لاريب
فيه ان النهى
ليس
للانتفاع
إنما لطبيعة
الانتفاع
اللامشروع
وإلاَّ
فالتسخير
جاء عاماً ،
والخطاب في
الانتفاع
جاء كذلك
عاماً ،
واعتبار
الانتفاع
لما في
الطبيعة
حاجة غريزية
مرتبطة
بواقع
الجبلة
الإنسانية ،
ولكن المنهي
عنه تحويل ما
في الطبيعة
من أدوات
وعناصر إلى
وسائل للقمع
والعدوان
والإرهاب
والظلم ، قال
تعالى : {
والذين
كفروا
يتمتعون
ويأكلون كما
تأكل
الأنعام
والنار مثوى
لهم } ( محمد / 12 ) . وهذه
حقيقة تمارس
في
المجتمعات
الإسلامية
وغيرها إذ
الصراع من
أجل جمع
الثروات
والتباهي
بالأطعمة
وعدم
الإحساس
بالمسؤولية
تجاه
الآخرين
ومدى حاجتهم
إلى ــ الأكل
والشراب ــ . إذن
فالنهي قيمة
احترازية
توظف من أجل
التوازن
الطبيعي بين
الرغبة
والواقع
وبين
المصلحة
والحاجة ،
وهو توازن في
مستوى حفظ
النوع
واستمرار
الحياة ،
وليس من أجل
إقامة
الطبقيات
والجماعات
واحتكار
الحاجات
الطبيعية
للإنسان . قال
تعالى : { ذلك
متاع الحياة
الدنيا
والله عنده
حسن المآب ،
قل أأنبئكم
بخير من ذلكم
للذين أتقوا
عند ربهم
جنات تجري من
تحتها
الأنهار
خالدين فيها
وأزواج
مطهرة
ورضوان من
الله ، والله
بصير
بالعباد ،
الذين
يقولون ربنا
إننا آمنا
فاغفر لنا
ذنوبنا وقنا
عذاب النار .
الصابرين
والصادقين
والقانتين
والمنفقين
والمستغفرين
بالآسحاء } ( آل
عمران / 14 ، 17 ) . *** مرّ بنا
البحث عن كون
الإنسان ــ
مختاراً ــ
في صنع حياته
ومصيره وما
يؤول إليه
وجدل ــ
الاختيار
والصنع ــ هو
الأساس في
حركية
الحياة
والشعور بها .
والإنسان في
أختياره
مسؤول عن
نتائج
اعماله
وأفعاله ،
ولربما تحدث
القرآن عن
هذه الظاهرة
بدرجة كبيرة
وتحدث أيضاً
عن الهلاك
الذي أصاب
الأمم
والقرى ــ
الظالمة ــ
في عمق
التاريخ . ومن
البداهة أن
ــ الهلاك ــ
لم يأت صدفة
أو اعتباطاً
بل جاء نتيجة
فعل مارسته
وقامت به
الجماعة
البشرية
آنذاك
خلافاً
للموازين
التي تحكم
طبيعة
الحياة أو
المساس بتلك
القوانين
التي تحكم
طبيعة
الحياة ،
لهذا كان ــ
الهلاك ــ من
الله
تطبيقاً
لوعده في
ممارسة حقه
في ضبط
النظام
الحياتي . واعتبار
الفعل منه
نتيجة للفعل
من الإنسان
وهذا ما
نعنيه ــ
بالسنة
التاريخية
ــ في تشكلها
العام .
فالقدر
المتيقن هو :
أن رسم خارطة
المصير إنما
ترتبط بفعل
وحركة
الإنسان
الموضوعية ،
وملاكات
التقدير
معلقة جدلاً
على الفعل ،
وبالتالي
فالظن
التقليدي
كون المصير
الإنساني هو
تقدير وقدر
إلهي محض ثبت
خطؤه
وبطلانه
بالدليل
الذي قرأناه
في فصل
المشيئة ،
قال تعالى : { ألم تر إلى
الذين
بدّلوا نعمة
الله كفراً
وأحلوا
قومهم دار
البوار جهنم
يصلونها
وبئس القرار } (
إبراهيم / 28 ، 29 ) . ويبدو
من هذا النص
أن الملاك في
تقرير
النهاية
مرتبط
بالفعل
الإنساني
ولأن الفعل
المؤدي إلى
ــ جهنم ــ هو
في حقيقته
مرتبط
بعلاقة غير
متوازنه في
الحياة ،
فالإخلال
بوحدة
القوانين
الناظمة
للحياة هو
الفعل
المؤدي إلى
جهنم والذي
يعنون ــ
بالظلم ــ
وهذا الفعل
هو الذي يحدد
طبيعة
العقاب سواء
أكان في
الدنيا أم في
الآخرة ،
وتعليق
العقاب
بالآخرة فقط
أمر لا
يستقيم مع
ضابطة تحقيق
التوازن
الطبيعي في
الحياة . والواقع
أن ما نسميه
عملية قطف
الثمار
والنتائج
الواردة في
سياق النص
تتحرك ضمن
جدلية العمل
وهي ترتبط
بالقوانون
وطبيعته
المادية ،
فالمحافظة
تعني في
العرف
الشرعي
تقرير مادة
وفقاً لنوع
المخالفة ،
والجزاء شرط
موضوعي يقع
للمكلف في
ميدان فعله
وتجربته . أي من
خلال الفعل
والتجربة ،
ولذلك يكون
الربط ما
للأرض وما
للسماء
ربطاً
ميكانيكياً
مرتبطاً
بعملية
الفعل وجزاء
الفعل . ومن
هنا يتبين
المفهوم
القائل ــ
الظلم ــ
والتفريط
بنظم
الأخلاق
الحياتية
كفيلة
بتحقيق
الجزاء في
العاجل أو
الآجل ،
وسواء أكان
في هذه
الدائرة ام
في تلك
الدائرة هنا
او هناك . فالفرد
والجماعة
التي مارست
ظلماً هي
التي يقع
عليها جزاء
الفعل ولا
يتعداه إلى
غيره .. إذ
ميدان { ولا
تزر وازرة
وزر أخرى } مرتبطة
بميدان
المخالفة
الفعلي في
الدنيا
وجزاء
المخالفة في
الدنيا
والاخرة . قال
تعالى : {
أولئك الذين
حبطت
اعمالهم في
الدنيا
والآخرة وما
لهم من
ناصرين } ( آل
عمران / 22 ) . وبالمقابل
فإن جزاء
الفعل في
مستواه
الإيجابي
مرتبط كذلك
بإرادة
الفعل في
ميدان الخير
وتعميم
المثل
والمبادئ
والقيم
الحضارية
والإنسانية
وجزاء الفعل
هو جزاء
الشرط
المتمثل هنا
في السيرورة
الموضوعية ،
قال تعالى : { ولو أن
أهل القرى
آمنوا
واتقوا
لفتحنا
عليهم بركات
من السماء
والأرض ،
ولكن كذبوا
فأخذناهم
بما كانوا
يكسبون } (
الأعراف / 96 ) . فالبركات
نِعَمٌ
موهوبة لا
تأتي
أعتباطاً
إنما تسجل
حضورها
بناءً على
الفعل
المباشر
المرتبط
بضابطة ــ
الإيمان ــ
أعني رسوخ
مبدأ أنتظام
سيرورة
القانون في
الأرض
والعمل من
أجله ، وكأن
ــ الإيمان
ــ هنا صفة
للصداق
بقرينة
المقابلة ،
أعني مفهوم
ــ كذبوا ــ
وفي نفس
السياق من
العرض
المتقدم جاء . قوله
تعالى : { إن
الذين قالوا
ربنا الله ثم
أستقاموا
تتنزل عليهم
الملائكة
ألاَّ
تخافوا ولا
تحزنوا
وأبشروا
بالجنة التي
كنتم توعدون
، نحن
أولياؤكم في
الحياة
الدنيا وفي
الآخرة ،
ولكم فيها ما
تشتهي
أنفسكم ولكم
فيها ما
تدعون } ( فصلت / 30 ، 31 ) . إن النص
تعامل مع
مادتي ــ
الخوف ،
والحزن ــ
باعتبارهما
ركائز
أساسية على
الصعيد
النفسي
وسيكويولوجيا
المعرفة ،
فحضور هاتين
المادتين
بشكلهما
السلبي في
واقع حياة
الأمم
والشعوب
والأفراد
سيولد
أتنكاسة
وعملاً غير
منتظم ،
وبالتالي
هبوط عنصر
الإبداع
وزواله
وتنامي
الانهيار
وعوامله ،
ولذلك فقد
جعل
المقابلة في
الآية على
رفع هاتين
المادتين من
الوسط
الحياتي ،
وذلك رهن
بعناصر
اشتغالية في
المحل
والوجود
سماها
المولى
جماعة ــ
الذين قالوا
ربنا الله ــ
فهؤولاء هم
المؤهلون
بحسب
الطبيعة
والمحل
والوجود على
رفع قوة وأثر
فعل
المادتين ــ
الخوف
والحزن ــ
وإدراج
محلهما
مادتي ــ
اليقين
والآطمئنان
ــ وهما
مرتبطتان
بالإيمان
ولذا ورد
بالمأثور ( نوم
على يقين
خيرٌ من صلاة
في شك )
والتفاؤل
والثقة
بالمستقبل
على صعيد
الدنيا
والآخرة ،
وتحقيق هذا
الشرط في
المقابلة
التاريخية
مرتبط
بالفعل
الموضوعي
المتنامي
والمدرك
للصيرورة في
بعدها
الواقعي ( اعمل
لدنياك كأنك
تعيش أبداً ..
واعمل
لآخرتك كأنك
تموت غداً ) . قال
تعالى : { فإما
يأتينكم مني
هدىً فمن تبع
هداي فلا خوف
عليهم ولا هم
يحزنون } (
البقرة / 38 ) ،
وقال تعالى : {
فإما
يأتينكم مني
هدى فمن تبع
هداي فلا يضل
ولا يشقى } ( طه / 123) . والمبادلة
بين ــ الهدى
من جهة ــ
ورفع مادتي
الخوف
والحزن من
جهة ثانية ــ
مبادلة
تاريخية
موضوعية . إذ
في مقابل فعل
ــ الهدى ــ
كانت عناصر
ــ الظلم ــ
في بعدها
القانوني
الأخلاقي
الممارس
كالكذب
والأعراض ،
وهذه
العناصر
كفيلة
بانهيار
الإنسان
وإدخاله في
جهنم ، قال
تعالى : { والذين
كفروا
وكذبوا
بآياتنا
أولئك أصحاب
النار هم
فيها خالدون } (
البقرة / 39 ) ، وقال
تعالى : { ومن
أعرض عن ذكري
فإن له معيشة
ضنكاً
ونحشره يوم
القيامة
أعمى ، قال
ربَّ لم
حشرتني أعمى
وقد كنت
بصيراً ، قال
كذلك أتتك
آياتنا
فنسيتها
وكذلك اليوم
تُنْسى .
وكذلك نجزي
من أسرف ولم
يؤمن بآيات
ربه ، ولعذاب
الآخرة أشد
وأبقى } ( طه / 124 ) . إذن
فالمصير
التاريخي
للإنسان هو
من صنع
الإنسان
نفسه على نحو
يقرره حسب
إرادته
وإختياره ،
وقد تبنى
القرآن
تجسيد شكل
المصير في
المنحى
التاريخي
المرتبط
بواقع
الممارسة .. فالقرآن
يربط الشكل
بالواقع ،
يعني
بالمتحرك
بالفعل
والصورة من
باب جعل ما في
الذهن مرتبط
بالفعل كونه
من بناة
الذهن في
الواقع
الموضوعي ،
وهذا ما نراه
جلياً في
المثل
التاريخي
الذي عرضه
النص
القرآني ، قال
تعالى : { وضرب
الله مثلاً
قرية كانت
آمنة مطمئنة
يأتيها
رزقها رغداً
من كل مكان
فكفرت بأنعم
الله ،
فأذاقها
الله لباس
الجوع
والخوف بما
كانوا
يصنعون } ( النحل / 112
) . وهذه
الأسلحة في
المثال
القرآني
المتقدم
ليست سوى
تجسيد لصورة
الفعل
الذهني
المرتبط
بالواقع ، أي
أن مادة
السلاح
تتمثل في
شكلها
الموضوعي
المرادف
لشكله
المرتسم في
الذهن في
المجال الذي
يتحرك فيه .
قال تعالى : { فقلت
اسغفروا
ربكم إنه كان
عفاراً . يرسل
السماء
عليكم
مدراراً
ويمددكم
بأموال
وبنين ويجعل
لكم أنهاراً } ( نوح / 10 ،21 ) . فالطرح
القرآني في
التقابل بين
ما في الواقع
الموضوعي
وبين تحققه
بالصور
المرتسمة
ذهنياً إلى
يوم الجزاء
عملية مبدعة
لتقييم
التجربة
علمياً
وعملياً
وذلك هو
المراد من
سياق النصوص . *** وكما
قلنا
فالمصير
التاريخي
للأفراد
والجماعات
هو عبارة عن
نتيجة الفعل
، وهو
موضوعياً
مرتبط
بعلاقة
الأفراد
والجماعات
بقوانين
انتظام
الكون ،
ولذلك فكل
تعجيل في
المصير أي في
الكيفية ،
وكل تقرير في
نوع المصير
أي في
الماهية
مرتبط
بالإنسان
فعلاً
وتقديراً . وكما أن
هذا يجري على
الأفراد
والجماعات
كذلك يجري
كسنة في
الميدان
الحضاري ،
الميدان
الأكثر
شمولاً
والأوسع في
القيم
المتبادلة
موضوعياً ،
والحكم في
كون المصير
ينتهي إلى
خير أو شر ذلك
مرتبط
بالعمل . قال
تعالى : { ولو أن
أهل الكتاب
آمنوا
واتقوا
لكفرنا عنهم
سيئاتهم
ولأدخلناهم
جنات النعيم .
ولو انهم
أقاموا
التوراة
والإنجيل
وما أنزل
إليهم من
ربهم ،
لأكلوا من
فوقهم ومن
تحت أرجلهم ،
منهم أمة
مقتصدة
وكثير منهم
ساء ما
يعملون } ( المائدة /
65 ، 66 ) . وتبقى
عناصر
الانهيار هي
التي تحدد
المصير ، وهي
عناصر الفعل
المركب { فمن
زحزح عن
النار وأدخل
الجنة فقد
فاز } وهذا
مساوق
حديثاً
للإيمان
والعمل
الصالح
عنصري القوة
في النهوض
والتطور
الأممي ،
وبقرينة
التقابل
يمكن
استنباط
التالي : إن
عدم الإيمان
والعمل غير
الصالح
سببان
كافيان
للسقوط
والانهيار
الأممي ـ وقد
قلنا آنفاً
إن ــ العدم
والغير ــ
هنا ترتبطان
بواقع يقوم
على ــ الظلم
ــ وهو وحده
كفيل بتحقيق
ــ العدم
والغير ــ . قال
تعالى : {
الذين آمنوا
ولم يُلبسوا
إيمانهم
بظلم ، أولئك
لهم الأمن
وهم مهتدون } (
الأنعام / 82 ) . إذن
فشرط الصحة
في الإيمان
عدم الظلم ،
والظلم شرط
بعدم صحة
الإيمان ــ
بقرينة الضد
ــ
والانهيار
شرطه
الموضوعي
وجود الظلم ،
أي عدم
الإيمان
وهذا هو
المراد من
قوله تعالى : { إنا
لننصر رسلنا
والذين
آمنوا في
الحياة
الدنيا ويوم
يقوم
الأشهاد } ( غافر / 51 ) . *** وعليه
فالقيم
الأخلاقية
هي ملاك
موضوعي
للتطور ،
وسقوط تلك
القيم هو
ملاك موضوعي
للانهيار ــ
بقرينة الضد
ــ وواقع
الحال . ولا
ريب أن
الإنسان في
كل ذلك هو
العلة في
تحقيق
النهوض ، أو
الانهيار
طبعاً أعني
كون فعل
الإنسان في
اتجاهه
المرسوم من
قبله في
الواقع
الموضوعي
تاريخياً هو
الملاك الذي
يحدد طبيعة
المصير وليس
بالضرورة ان
يكون ذلك
مرتبطاً
بعالم
الآخرة بل
ربما كان وفي
أحيان كثيرة
في عالم
الدنيا . قال
تعالى : {
أفأمن أهل
القرى أن
يأتيهم
بأسنا
بياتاً وهم
نائمون او
أمن أهل
القرى أن
يأتيهم
بأسنا ضحىً
وهم يلعبون } (
الأعراف / 97 ، 98 ) ، وقال
تعالى : { نحن
خلقناهم
وشددنا
أسرهم وإذا
شئنا بدّلنا
أمثالهم
تبديلاً } (
الإنسان / 28 ) ، وقال
تعالى { وإن
تتولوا
يستبدل
قوماً غيركم
ثم لا يكونوا
أمثالكم } ( محمد / 38 ) ، وقال
تعالى : { فأوحى
إليهم ربك
لنهلكن
الظالمين .
ولنسكننكم
في الأرض من
بعدهم ، ذلك
لمن خاف
مقامي وخاف
وعيد } (
إبراهيم / 13 ، 14 ) . ولاريب
أن الفعل
مرتبط
بالإرادة
وهي ليست
مجبرة بل لها
خيار انتخاب
الأفضل بعد
بيان الحجة ،
وإذا استقرت
على رأي وهي
مطمئنة لذلك
فهذا شأنها
التقديري
لعالمها
الدنيوي
والأخروي ،
وتظل جدلية
الفعل حسب
الموازين
والقوانين
هي المراد
عند الله وهي
المدعو
إليها عبر
الدلالات
والآيات
والبيانات
والأمارات
والقرائن ،
وكلها من باب
التوطئة
والمعذرية
لجعل
الإنسان في
مركز يؤهله
لدورة في
الخلافة
الإلهية
القائمة على
عطاء
واستحقاق
كبيرين في
التسخير
والتذليل
والملكية
والتصرف
وكلها
للإنسان
يفعل فيها ما
يشاء . طبعاً
المشيئة هنا
المقدرة
لمعنى
العقاب
والثواب في
سلسلة البحث
عن الموقع
الطبيعي في
العلاقة مع
الأشياء
والقوانين
الوجودية ،
والعلاقة مع
السماء
بإعتبارها
صمام أمان
وصاحبة
الفضل في نظم
صيرورة
الوجود ككل . قال
تعالى : { هو
الذي أنشأكم
في الأرض
واستعمركم
فيها } فإذا ثم ّ
الاستخلاف
والاستعمار
على وجه
المطلوبية
من هذه
الجماعة
التي وعت سرّ
الاستخلاف
والاستعمار
وكذلك وعت أن
حركية ذلك لا
يتم إلاَّ
بإرادة وهي
حتماً إرادة
حرة . فإذا
تحركت خلاف
الضوابط
والقوانين
فإن مجال
تغيير واقع
الحال
وإمكانية
فعل
الاستبدال
وارد إذا لم
يتم
الاستخلاف
والاستعمار
على
وجهيهيما
المطلوب . قال
تعالى : { وربك
ذو الرحمة إن
يشأ يذهبكم
ويستخلف من
بعدكم ما
يشاء كما
أنشأكم من
ذرية قوم
آخرين } (
الأنعام / 133 ) ، وقال
تعالى : { ألم تر
أن الله خلق
السموات
والأرض
بالحق إن يشأ
يذهبكم ويأت
بخلق جديد
وما ذلك على
الله بعزيز } (
إبراهينم / 19 ، 20 )
، وقال
تعالى : { يا
أيها الناس
أنتم
الفقراء إلى
الله والله
هو الغني
الحميد . إن
يشأ يذهبكم
ويأت بخلق
جديد وما ذلك
على الله
بعزيز } ( فاطر / 15 ، 17 )
، وقال
تعالى : { إلاَّ
تنفروا
يعذبكم
عذاباً
أليماً
ويستبدل
قوماً غيركم
ولاتضروه
شيئاً والله
على كل شئ
قدير } ( التوبة
/ 39 ) . .. *** |
|
|
|