القصص
القرآني اتخذت
القصة في
القرآن
جانبين في
عرض وتحليل
قضاياها ، أو
قل وجهتي نظر
مختلفتين
وفي كليهما
للقصة غاية
محددة
مفادها
تقويم
وتهذيب
وبناء
الإنسان على
أسس وقواعد
متينة : 1 – فتارة
كانت القصة
عبارة عن ــ
مثل وعبرة ــ :
قال تعالى : { لقد كان
في قصصهم
عبرة لأولى
الألباب } ( يوسف / 121 )
، 2 –
وطوراً كانت
القصة تتحدث
عن الأسوة :
قال تعالى : { قال فما
بال القرون
الأولى ؟ قال
؛ علمها عند
ربي في كتاب
لا يضل ولا
ينسى } (طه/ 52 ) ،
وقال تعالى : { أم
حسبتم أن
تدخلوا
الجنة ولما
يأتكم مثل
الذين خلوا
من قبلكم
مستهم
البأساء
والضراء ،
وزلزلوا حتى
يقول الرسول
والذين
آمنوا معه
متى نصر الله
ألا ان نصر
الله قريب } (
البقرة / 214 ) . والقصة
في كل ذلك
تتقدم نحو
الإنسان
بإعتباره
المادة
والموضوع
الرئيسي
لتمارس من
خلال ذلك
عملية نقد
وبناء ، لكل
ما يمت
للواقع بصلة
، أي انها
عملية كشف
للواقع من
خلال عرض صور
الماضي ، وفي
كل ذلك تتبدى
صورة جدل
الإنسان
والطبيعة
وجدل
الإنسان مع
الإنسان
الآخر ، وهذا
الجدل ــ
الزوجي ــ
حاضر دوماً
في كل صغيرة
او كبيرة ،
فالحدث
التاريخي
فيها هو
عبارة عن
مشهد من وقعة
موضوعية
حصلت بفعل
صراع
الأضداد ،
صراع بين زوج
ــ الحق
والباطل ــ
والحلال
والحرام ــ
والجنة
والنار ــ
والثواب
والعقاب ــ
الخير والشر
ــ الحسن
والقبح ــ
وهذا الصراع
هو بمثابة
دراما
واقعية تجسد
صراع الواقع
التاريخي
الطبقي
ووسائل
الأنتاج
والطبيعة
والأنبياء
والرسل ،
صراع حول
قضايا حيوية
ملحة وهامة
بالنسبة
للإنسان . والصراع
في القرآن
دائماً يجسد
علاقة
الأنبياء مع
قوى
الآستكبار
من قومهم : قال
تعالى : { ولقد
كذبت رسل من
قبلك فصبروا
على ما كذبوا
وأوذوا حتى
اتاهم نصرنا
ولا مبدل
لكلمات الله
ولقد جاءك من
نبأ
المرسلين } ( الأنعام
/ 43) ، وهو
صراع يتمدد
ويتخذ
أشكالاً
وصوراً شتى ،
وكلها
تتمحور حول
قضية
الاستبداد
بأنواعه
ومسائل
الحرية
وحقوق
الإنسان
الطبيعية
والوضعية ،
فحينما
يتناول
القرآن عرض
الاستبداد
الفرعوني
السياسي تجد
في الطرف
هناك النبي
موسى حاضراً
بكافة
معداته
وعناصر فعله
المؤثر من
لحظة اللقاء
المشهود : {
يا
موسى إني أنا
الله فاخلع
نعليك } ، ( طه / 12 )
إلى وقت
اللقاء مع
الطغاة : { أذهب
إلى فرعون
إنه طغى } ، ( طه / 24 )
ويتكامل
المشهد
القصصي في
عرض صورة
الصراع حتى
لحظة الغرق
التي أعترف
فرعون بها
بعجزه وقلة
حيلته : {
فاليوم
ننجيك ببدنك
لتكون لمن
خلفك آية } ( يونس / 92) . ويأخذ
مشهد الصراع
ـ الاستبداد
ــ الهاماني
الاقتصادي
،
والاستبداد
الاجتماعي
والأخلاقي
كقوم لوط ،
وأخرى يكون
بعنوان
التعدي
والسلب
والنهب ، قال
تعالى : { ذلك
من أنباء
القرى نقصه
عليك منها
قائم وحصيد } ( هود / 100 ) . فمن
الوجهة
الطبيعية
تكون أنباء
القرى جدل
بين ضدين ،
هذا الجدل
تارةً يظهر
بالشكل
الفردي
السلبي ،
كأصحاب
الجنتين
وأصحاب
الحجر ، وقوم
صالح وقوم
شعيب وقوم
لوط ، وأخرى
يتمظهر
بالشكل
الفردي
الإيجابي
كأهل الكهف ،
وأصحاب
الأخدود ، أو
أنها تأتي
أستجابة
للشكل الذي
يقوده زعماء
وملوك
كفرعون ، وذي
القرنين ،
وأصحاب
الفيل ـ . طبعاً
هذا الصراع
غير منفصل
البتة عن
منطق رسالات
السماء ،
فرسالات
السماء
تارةً رصدت
الحدث
التاريخي ،
وأخرى
عالجته ،
وطوراً عاشت
مراحله
التاريخية
وعبرَّت
عنها ،
المراحل
المرتبطة
بالوجود
الحضاري
الإنساني ،
وكل ذلك يجري
في سنن
تاريخية
وقوانين
موضوعية في
الأنفس
والآفاق : قال
تعالى : { إن
هذا لهو
القصص الحق
وما من إله
إلاَّ الله } ( آل عمران
/ 62 ) ، وقال
تعالى : { تلك
القرى نقص
عليك من
أنبائها } (
الأعراف / 101 )
، وقال تعالى : {
وكلاً نقص
عليك من
أنباء الرسل
ما نثبت به
فؤادك ،
وجاءك في هذه
الحق وموعظة
وذكرى
للمؤمنين } ( هود / 120 ) . *** طبيعي
أن جدل
الصراع
ينقسم في
ماهيته إلى : 1- ما هو
طبيعي ــ أي
في عناصر
الطبيعة ــ . 2 – وما هو
غير طبيعي ــ
أي في
العناصر
الماورائية
ــ . فالأول
يرتبط
بالوجود
المباشر
وعلاقة هذا
الوجود
بمشيئه ــ
أعني علاقة
الجذب
والطرد ــ
التي أدخل
فيها الحساب
العددي ،
ليكون ذلك
العدد سنة
تتحرك فيها
العملية ككل :
قال تعالى : { الله
الذي خلق
السماوات
والأرض في
ستة أيام } ( الأعراف
/ 54) أي أن الفعل
المرتبط
بتكوين
الوجود تم
وفقاً لمبدأ
الحساب
العددي ،
ولكن هل
الحساب ــ
العددي ــ
عند الله هو
نفسه الحساب
العددي عند
الإنسان ؟ في
المقام
العددي
الإلهي حُسب
الزمن كوحدة
مغايرة في
الماهية
لوحدة الزمن
في مقام
العدد
الإنساني [
والتغاير في
الماهية هو
تغاير على
المستوى
الواقعي
فحينما تكون
الآلف سنة
تساوي
حسابياً
يوماً
واحداً عند
الله ، فهذا
يعني أن نشاط
وفعل وحركة
وإبداع
وصعود وهبوط
ألف سنة من
عمل الإنسان
هي في حساب
الله عبارة
عن عمل يوم
واحد ــ وإذا
تبين هذا عند
ذلك يمكن أن
نفهم
المقولات
المساوقة
لهذا المعنى
في مسألة ــ
العلم ــ
بتفاصيل
حركة
الإنسان على
الأرض ، وإن
التفاصيل
معلومة
ومُدَوًّنة
في كتاب دقيق
ــ لا يغادر
صغيرة ولا
كبيرة إلاَّ
أحصاها ــ
وهذا ردٌ لما
ذهب إليه
البعض ،
القائلين
باستحالة
الجمع بيوم
القيامة ،
وعملية
الفرز
والإحصاء
بحسب طبيعة
العمل وحجمه
وكثافته ،
وإذا علم هذا
فهم معنى
التغاير في
الماهية
العددية
الحسابية ] . قال
تعالى : { إن
يوماً عند
ربك كألف سنة
مما تعدّون } (
الحج / 47 ) . إذن
فقياس وحدة
الزمن بين
عالمي واجب
الوجود
وممكن
الوجود
مختلف
تماماً ،
فوحدة الزمن
الأرضي
ترتبط بوحدة
قياس تاريخي
وموضوعي
وحسابها ضمن
موازين
الحركة
والسكون . قال
تعالى : {
إن
عدة الشهور
عند الله
أثنا عشر
شهراً في
كتاب الله
يوم خلق
السماوات
والأرض } (
التوبة / 36 ) . أي أن
حساب العدد
في التقسيم
الدنيوي
يخضع للقيمة
التاريخية
ومتعلقاتها
، طبعاً هذا
التقسيم أخذ
فيه مبدأ
الانتظام في
حركة الكون
وتقسيماته
الطبيعية . وهذا
الترابط في
ماهية
الحركة
وماهية
الوجود يجعل
من القيم
التبادلية
ترتبط
بالسنن
المجعولة
ذاتاً
وموضوعاً في
الخلق الذي
تتحرك فيه
قال تعالى : { ولسليمان
الريح
غُدُوُّها
شهر ورواحها
شهر } ( سبأ / 12) ،
إذن فالفعل
في الماهية
الطبيعية
جعل التناسب
ضرورة في
تدعيم أسس
البناء الذي
رتب في الزمن
الإلهي
وتقديره
الخاص ،
والزمن
الدنيوي
وارتباطه
بالتناسب
هذا للغاية
نفسها . التي
كان البعث
والرسالات
جزءاً منها ،
فالرسالة
تتحرك في هذا
التناسب
لذلك كان
مبدأ
الإكمال في
مستوى
صيرورة
الوجود
الكوني
الطبيعي
مرتبطاً
بمبدأ
الإكمال في
مستوى
التنظيم بين
الله
والإنسان . قال
تعالى : { اليوم
أكملت لكم
دينكم
وأتممت
عليكم نعمتي
ورضيت لكم
الإسلام
ديناً } (
المائدة / 3 )
هذا منظور
إليه بمبدأ
ــ كل يوم هو
في شان ــ . واليوم
عند الله
مرتب بالعرض
التالي : قال
تعالى : {
ثم
يعرج إليه في
يوم كان
مقداره ألف
سنة مما
تعدّون } ( السجدة / 5 )
، والتناسب
شرط تقرير
لما هو وجودي
ليكون ذلك
مؤسساً على
قواعد تعمل
في ساحة ما هو
ممكن لتصحيح
وتقويم
مساره ، قال
تعالى : { يا
داود إنا
جعلناك
خليفة في
الأرض فاحكم
بين الناس
بالحق ولا
تتبع الهوى
فيضلك عن
سبيل الله } ( ص / 17 ، 20 ) ، وعنوان
الجعل ــ
كخليفة يحكم
بين الناس في
الأرض ــ هو
نوع من
التبادل في
الأدوار ،
وهذا
التبادل
ضرورة
واقعية
وضرورة
تاريخية ،
ويجب إخضاع
ذلك من
الناحية ــ
النوعية ــ
إلى حساب
زمني ، وكأن
ذلك يعني
فصلاً
للسلطات مع
العلم أن ذلك
كله داخل
الترابط
الحيوي بين
الإرادة
والعلم
والمشيئة ،
لكن هذا
التبادل هو
تغطية
للمفاصل
التي لايمكن
لهذا
الترابط أن
يتحرك فيها
على نحو
مباشر ، فجاء
التبادل
ليختزل
ويوظف وينسق
مع الاحتفاظ
بصفات كل طرف
، فالاختزال :
لايلغي
القدرة
والفعل منه
بل إنه يرتب
الأمر
الطبيعي على
القدرة
والفعل
الإنساني ،
وهذا
الترتيب
حركة بارعة
تجعل من
الإنسان
مسؤولاً عن
عمله وعن
إتناجه وعن
فعله
والمسؤولية
شاملة لكافة
الصُعد . فالإنسان
: هو الذي يصنع
حاضره
ومستقبله ،
هو الذي يصنع
حياته من
خلال فعله
وجهده
وإرادته في
الحياة ،
الفعل
والجهد
والإرادة
التاريخية
المرتبطة
بالزمان
والمكان ،
وهذا الفعل
لا ينفصل عن
جهد ونشاط
العقل الذي
هو أداة
التفكير في
ما يصح وما لا
يصح لذلك جاء : { إنا
هديناه
السبيل إما
شاكراً وإما
كفوراً } و { لا
إكراه في
الدين قد
تبين الرشد
من الغي } والوعي
بهذه
الأشياء وعي
مرتبط بحركة
الإنسان على
مستوى وعي
الدلالة
وحجمها
وفعلها
وأثرها ،
والوعي
مرتبط
بالوعاء
التجريبي
الذي هو في
الحقيقة لا
ينفصل عن جهد
مبذول لغاية
معينة يرتبط
فيها
الطبيعي
بغيره . قال
تعالى : { ولقد
كرمنا بني
آدم
وحملناهم في
البر والبحر
ورزقناهم من
الطيبات
وفضلناهم
على كثير ممن
خلقنا
تفضيلاً } (
الأسراء / 70 ) ،
فالصياغة
تمت وفق
تناسب بين
جدل الواجب
والممكن ،
والجدل على
ما هو موجود
فعلاً ،
والتذليل
والتسخير
حاجات
مرتبطة
بالتناسب
بين ــ أشياء
الطبيعة ــ
لذلك كان
التكريم
بمستوى حجم
العطاء
والإدراك
والتعقل في
عالم الوجود
الممكن
المنقسم إلى
ما هو بري وما
هو بحري ، ثم
الإتجاه إلى
النشاط
العاقل
القادر على
الاستفادة
من عملية ــ
الحمل ــ
وتوظيفها
للكسب
وتحصيل
الرزق ، وكل
ذلك التفصيل
مرتبط
بالنشاط
العاقل
وحركته
بالسنة
التاريخية
كحلقة وصل
بين عناصر
الطبيعة ،
والرمز
المشار
إليها
بالقدرة على
توظيفها
لغاية
التكريم
أولاً
وبالذات .
والعلاقة في
ذلك علاقة
تاريخية
مرتبطة
بسلسلة
أحداث زمنية
وفعلية
وكلها نتاج
قدرة عاقلة
واعية لذلك
فرصدها على
سبيل العلم
بها سنة أخرى
... *** |
|
|
|