ملاحظات هامة

حول موضوع علم الإمام

عليه السلام

الطبعة الأولى

دمشق  1993ميلادية

مقدمة

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أختلف العلماء حول الموقف تجاه قضية ـــ  علم الإمام ـــ أختلافاً أدى إلى بروز نزعات مثيولوجية وأفكاراً منقبضة أثارت موجة من الجدل الموضوعي وأثارت تساؤلات عدة ، وقد تباين الجواب عنها مما أدى إلى ردود فعل أثرت بالقضية ككل ، وأدخلتها في حيز الجدل اللفظي الخاوي ، الذي عطل الذهن وأرهق الخيال وأتعب العقل ، الجدل الذي أنتج أنصاف حلول هي من وحي التراكيب الأنفعالية والأهتزازات الموروثة المتأثرة بالنزعة السكونية والقائمة على موقف تبريري هزيل .

هكذا هو حال العموم عدى بعض الأستنتاجات العلمية والتي أرسى قواعدها علماء جسدوا بصدق الشخصية المتقدمة لمنهج السلف الصالح ... والثابت للجميع ان موضوعة ـــ علم الإمام ــــ ليست من ضرورات المذهب والدين ، والبحث فيها يخضع لآلية المنطق والأجتهاد ، والإيمان بها خاضع بالضرورة للقواعد والمقدمات التي تتبع عادة في أثبات هكذا قضايا .

وهذا بأعتقادنا لايتم أنجازه وتبنيه من دون النظر بمستوى الخطاب البياني العام ، والنظر في دلالة النصوص ، وصحة هذه الدلالة وأنطباقها على المضمون العام وعلى ألفاظه ومبانيه ، ولابد من تواتر هذه النصوص وصحة أسانيدها ، فتلك هي رموز القضايا ومقدماتها أصولياً ومعرفياً ، ومن هنا فلا يجوز نكرانها أو القفز عليها ... لأن هذه المقدمات تعتبر من الوجهة المعرفية القواعد والأصول المنطقية المتفق عليها في كل بحث او منهج أصولي وعلمي .

والأمر هنا يتعلق بإثبات قضية ظنية أو إثبات موضوعة أعتبارية أعتبرها البعض احد ضرورات المذهب ، ولذا فالأمر فيها يحتاج إلى دقة وتأمل وإمعان نظر !!!

والأنصاف أن ما بأيدينا من نصوص وأدلة لاتصمد امام النقد والتحليل سواء بمستوى خطاب الدلالة ، أو من جهة السند وشرائطه كما بينها علماء الرجال ، لأن هذه النصوص في الغالب أخبار احادية لا يمكن الأعتماد عليها لأثبات موضوعة ــ علم الإمام ـــ والإعتماد على العقل في ذلك يخالف آلية العقل وضوابطه ، لأنها لاتعتمد المنطق الموضوعي أساساً لها في البحث ولا تتكئ على حقائق التاريخ ومفهوم التعقل الوارد بلسان المتكلمة وبلسان النص القرآني ..

نعم لاريب أننا على الدوام شغوفين بمتابعة هذا الامر لما له من مسيس صلة وعلاقة بالوضع المذهبي العام ، ولما له من تأثير في الدراسات الخاصة بتاريخ أئمة أهل البيت (ع) ، التاريخ الذي نجد فيه يمثل جوهر الإسلام العظيم ، فتاريخ الأئمة يجسد بصدق الحياة الحقيقة للإسلام كما صورها ورسمها البيان القرآني والنصوص الثابتة .

 وأيضاً أننا نريد تحفيز الذهن وإثارة دفائن العقل ليخرج من أقبية ودهاليز التقليد العتيق وسراديب الأنغلاق المعرفي ، والأنخراط في سلم المعارف والأنعتاق من النزعات الفوقية وأقوال السادة العلماء !!

لأن هذه النزعات والأقوال تعني القيود والأغلال التي جاءت الرسالة السماوية لتضعها عن الناس ، لينخرطوا في دنيا الحرية ، وليحكموا على الأشياء بمسمياتها من خلال فعلها وتأثيرها وصحتها وقوة تماسكها وبنائها ، لا من خلال النزعة الكهنوتية وسلطة الكليروس تلك السلطة التي حاربها الدين وحاربها العقل وحاربها الضمير .. وأود الأشارة إلى أن هذه الملاحظات هي اتمام لما بدأناه في كتابنا ( أشكالية الخطاب في القراءة التاريخية لوقعة كربلاء ) والتي بحثنا فيها الموضوع من الناحية التاريخية والثقافية والحضارية ، رادّين بذلك الأفكار المتعالية والظنون الهرطقية ، متمسكين بالبيان القرآني كحجة في لإثبات ما أردنا أثباته ، مستفيدين من ادلاءات العقل الصحيحة في تبويب المنهج واعطائه الصبغة الشمولية ، وهنا أضافات على الموضوع بتراجيديا تحقيقة ذات طابع ملاحظاتي كتبناها بأسلوب نعتقد انه الأقرب للجميع ومفهوم لديهم ، لمن أراد ان يعتقد ولمن أراد أن يصحح او أراد ان يغير أو أراد ان يبدل أو يعيد بناء ماقام في بنائه على ضدية الدين والعقل .. وبالختام فإن ما أردناه من هذه الملاحظات هي نقطة معرفية للحوار وهي نقطة إيجابية نحو التصحيح ، ومنه نستمد العون وبه نثق ..

( وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب )

الركابي

15 من شعبان 1413 هجرية

دمشق ـ سوريا