تذكير
بسم
الله الرحمن
الرحيم لابد من
القول : ــ إن
التذكير هو
تقديم
للتقديم ـــ
أرتأينا أن
نسُجَّله
هنا كوثيقة
تاريخية
موضوعية ،
نرُصد فيها
ومن خلالها
طبيعة
الإصلاح
المادية
والمعنوية
عبر التاريخ
، موجزين ما
امكن غير
مفصلين
فالمحل
لايسع
للتفصيل إلا
بالحدود
الدنيا وتلك
مهمتنا هنا
بكل تأكيد ... وبعد
فإننا نرُيد
من هذا
التذكير أن
يكون شاهداً
وشهيداً ،
على مجمل
الحركة
إيجاباً او
سلباً ، وذلك
يعني أنه
يرمز للتأكد
على الحقيقة
التالية
التي أنبثق
عنها ؛ والتي
تقول : ـــ
إنَّ
الإصلاح
الديني مذهب
إلهي أنبثق
من عقل
النبوة
والرسالة
ــــ وهو
بهذا اللحاظ
المنظور
يُجسد
القيمة
الإلهية
التي دعت
إليها
رسالات
السماء
وأهدت إليها
الرموز
والإشارات
في مطلق
الزمان
والمكان ... أي
أنها القيمة
التي تشكلت
في النفس
الأولى من
أجل تسخير
قوى الطبيعة
وعناصر عالم
الإمكان ؛
تسخيرها
للإنسان
وإراته
الخيَّرة . لقد
تبنى
الإصلاح ،
أنبياء ورسل
وأولياء
وأئمة
وفلاسفة
وعلماء في
التاريخ
والإجتماع
والإقتصاد
والأخلاق ،
علماء
مخلصون
هدفهم
الحقيقة ولا
سواها في ذلك :
ـــ إحقاق
الحق ودفع
الظلم ـــ
هذا الشعار
الذي رافق
الثورة
الحسينية في
مبدأ
أنطلاقها من
خلال
المسطور
التالي : ـــ
ما خرجت
أشراً ولا
بطراً وإنما
خرجت لطلب
الإصلاح في
أمة جدي ـــ
الإصلاح ضمن
مبدئي ـــ
الأمر
والنهي
الشرعيين
ـــ ، ثم
توالت
الإصلاحية
الدينية
والمدنية ،
وتجذرت
وازدادت
وعياً من
خلال حركة
التاريخ
والتطور
المجتمعي
والحياتي
العام . لهذا
كانت حركة
زيد الشهيد (1)
ومحمد ذو
النفس
الزكية (2)
وشهيد
باخمرى (3)
وغيرها
الكثير
الكثير
المطالبة
بمبدأ تحقيق
العدالة
ورفع الظلم ،
كذلك كان هذا
الشأن يجري
بوتيرة
متسارعة في
الحوار
الديني عن
قضايا
الشريعة
والعقيدة
والتاريخ
وشرع ما
قبلنا ،
وأستمرت هذه
الحركة
العلمية
صعوداً
ونزولاً ،
وأستطاعت
بفعل ما تملك
من
ديناميكية
أن تجتاز عصر
الأنحطاط
والإنحسار
العلمي
والفكري ،
وسجلت
حضورها
وفعلها
الإيجابي ،
من خلال
التأكيد على
الهوية وعلى
عناصر القوة
، أعني
العناصر
التي تشكل
زوج ـــ
الذاتي
والموضوعي
ـــ في
الإنسان
الفرد
والجماعة . وعصرنا
الحالي قد
شهد نزوعاً
نوعياً نحو
الإصلاح
والتصحيح ،
وقد تبنى ذلك
المشروع
رجال عرفوا
بالنزاهة
والصدق
والأمانة
والدين في
مجال
الإصلاح
الديني
والمدني ،
وأفتوا
بفتاوي
تأرخية
وشرعية على
غاية من
الأهمية
والعظمة ، لم
يكونوا في
ذلك طلاب
دنيا أو
متطفلين على
العلم وأهله
، بل كانوا هم
العلم نفسه . ويقيني
أنهم كانوا
على علم بأن
ما أقدموا
عليه
سيكلفهم
الكثير ،
ولكنهم في
المقابل
جعلوا
الرسول (ص)
قدوة وأسوة ،
لذلك
أجتازوا
بجدارة
الحواجز
والألغام
التي صنعتها
يد
الظلاميين
وأعداء
الحقيقة ...
أجتازوا تلك
الحدود
المصطنعة
ليسلمونا
الراية عند
الشاطئ
الآخر ،
وأملهم أن
نسير بها نحو
الأمام
سيراً
تكاملياً
سيراً
حضورياً في
زمانه
ومكانه
متحركاً
فاعلاً غير
منفعل ، هدفه
المساهمة
ببناء عالم
جديد يقوم
على العدل
والحرية
وإحترام
حقوق
الإنسان ،
والمساهمة
فعل مزدوج
يعني الحضور
الشهودي
العالم
الواعي
لحركة
التاريخ
والعلم في
لحظته
وزمانه ،
والحضور
والشهود في
اللحظة
والزمان
لإقرار
بمبدأ
النسبية
وعدم
الإطلاق ،
تمييزاً
للثابت
والمتحرك
وتأكيداً
على نسبية
العلم
وتغيره ،
وهذا يجري مع
المعنى
القائل : ــــ
كل يوم هو في
شأن (4) أو : ( ــ
يمحو الله ما
يشاء ويثبت
ـــ ) (5) والمحو
والإثبلت من
سمات عالم
الوجود
والإمكان ... لذلك
يجب حلَّ
زمنية ـــ
زوج الغيبة
والحضور
ــــ حلاً
يرتبط
بالمصلحة
والغاية
والحاجة
وهذه ضوابط
معيارية
قيمية وليست
سكونية
توقيفية ،
وما جاء في
بعض الحديث
في هذا الشأن
تلزمه
البيَّنة ،
وأظنها
ستقبع في
مخيال أهل
الأساطير
والحكايا
وهؤلاء من
مخلفات
الماضي ،
والنظام
المرجعي
البيروقراطي
. كذلك
يجب حلَّ
قضية
التمثيل
لأهل البيت (ع)
وأعتبارهم
تبع لجماعة
ولفئة من
الناس دون
سواهم ، وهذه
إشكالية
خطيرة إذا ما
أخذت بمجال
النعت
الكلامي حول
الأنتساب او
التسمية ، مع
أنهما
تخرجان اهل
البيت (ع) من
عالم
الإنسانية
وتدخلانهم
في عالم
الرواية
والخبر ،
وهذا في
العقل
التركيبي
يعني
التشريع
والوحي
وكلاهما
ممتنع
لفقدان
المقتضي
ووجود
المانع . كذلك
يجب التوقف
من أجل
معالجة وحلّ
إشكالية زوج
ـــ اللفظ
والمعنى ـــ
وهل هو توقيف
أم نتاج فكر
ـــ الواقع ؟ ومدى
أرتباطه
بقضية
الإعجاز
الرائجة في
أدب علماء
الكتاب
واللغوين ،
وهل الإعجاز
في المنحى
اللغوي
يفترق عنه
عند الإمام
أبي حنيفة (6)
وفي رسائل
ابن حيان
الكوفي (7) ؟
وإذا كان
توقيفاً
فلابد أن تصح
المقدمة
التي
أفترضها
فقهاء
وأصوليون
عرب حول
مفهوم ــ
لايمسه إلا
المطهرون ــ (8)
وإذا كانت
نتاج فكر
الواقع
فلابد من
التمييز في
ذلك المفهوم
بين المادي
والمعنوي ،
والمراد
يقيناً
المعنوي
بقرينة ـــ
ليطهركم
تطهيراً
ــــ (9)
الواردة بعد
سلسة أوامر
ونواهي . وحجية
التبادر تصح
إذا كانت
دلالة
اللغوي تدل
على المعنى
الظاهر دون
سواه ، وهذا
واضح لمن
تدبرّ
الصياغة في
ـــ جعلناه
ـــ (10) ــــ
وأنزلناه
ـــ (11) أو حتى
بضميمة
صياغة ـــ
لاينطق
ـــ (12) لأنها
هنا أحتراز
عن مذاهب
الكلاميين ،
بل
والأحتراز
يمكن رصده في
مدلول ـــ
ولا تعجل
بالقرآن ـــ(13)
وهذا كله
يدور في معنى
ــ أن علينا
جمعه وقرآنه
ــ (14) المعنى
الممكن
القريب
والبعيد . والتذكير
هذا ذكرى
تنفع
المؤمنين
ذكرى تدعوهم
للتعقل
والتدبر
والكف عن
الأستغراق
والطوباوية
والمثالية ،
والكف عن
التوهان
الفكري
والعقيدي في
المنحنيات
والتعرجات
المذهبية
والفرقية ،
وألتزام
ساحة
الإسلام
العظيم فهو
البديل ،
إسلام محمد (ص)
وأهل بيته
وأصحابه
الكرام ،
إسلام العلم
والتقدم
والواقعية ،
لا إسلام
الكهنة
والوعاظ
وأرباب
الشعائر ،
إسلام
الوحدة
والأتحاد لا
إسلام
التناحر
والتباغض . والالتزام
هذا يستوجب : أولاً :
الأبتعاد عن
دائرة الموت
من التكفير
والتفسيق
والتشهير
والتسقيط
دائرة
الجاهلية
والظلام . وثانياً
: الأعتراف
بمشروعية
الآخر ، وعدم
السعي لمسخه
أو ضمه أو
إلحاقه أو
تهميشه . والالتزام
هذا يستوجب
الاعتراف
بدور
المرحلة
وطبيعة
المتلقيات
الفكرية
والثقافية ،
التي أدخلت
الإسلاميين
في مرحلة
تميزت
بسيادة
الرومانطيقية
وعلى مساحة
واسعة بين
صفوفهم ، وهي
مرحلة يجري
فيها
التأكيد من
جديد على
المشاعر
القبلية
الضيقة
وأوهام
التلقائية
بدلاً من
الفكر
والمنطق
وأساسهما .
والظاهر ان
تبدل آلية
الحياة
وتطورها
عملية دورية
زمنية
موضوعية
متحركة أكثر
ما تكون
حدوثاً في
التاريخ ...
ومهما يكن
التحليل
الذي نقدمه
تجاه
العملية ،
فإننا جدلاً
لن نعترض على
كونها ذات
أفق محدود
وغير مرن ... لأن
اعداء
الإصلاح
يرفضون
الأنصياع
لنداء العقل
ومتطلبات
الواقع .
وأعداء
الإصلاح
يعملون على
أختزان
المادة
الخلافية
كنوع من
أنواع
البقاء .
وإبقاء ما
كان على ما
كان ، من أجل
تحقيق
مصالحهم
الأجتماعية
والسياسية
والأقتصادية
، والأمر في
ذلك واضح ولا
يحتاج إلى
كثير عناء
للتدليل على
صدق وصحة
المعلومات
التي تشكل
الواقع
المذهبي
سواء النصية
منها أو
الإجتهادية
التأويلية ... وهذا
التذكير
تأكيد على
الإصلاح
بأعتباره
قيمة حضارية
تتولى إعادة
البناء
للمشروع
الإسلامي ،
إعادة في
الجوهر لا في
الصورة كما
تجري
ممارستها في
أدب الكتابة
والتثقيف
المدرسي
الكلاسيكي ،
الأدب الذي
يعتمد
التلفيق
والتبرير في
إيصال
أفكاره وما
يؤمن به .
والإصلاح
حاجة يومية
ومطلب
إنساني
وعلمي
للتفريق بين
الوحي
النازل من
السماء ،
وبين
الإجتهاد
والتأويل ،
أجتهاد
الأنبياء
والمفكرين
والفقهاء ،
وهذا
التفريق
يجعلنا أكثر
قدرة على
ترتيب
الأوراق
وإعادة
فهرستها
وقولبتها
وصفتها من
جديد ،
والإصلاح
يجعلنا كذلك
أكثر قدرة
على التعامل
مع الأحداث
مهما كان
حجمها
وقوتها
تعاملاً من
وحي العلم
والواقع ... وما
أردناه من
الإصلاح في
مقدمتنا
يمكن تلخيصه
على النحو
التالي : 1 –
الإصلاح
مذهب إلهي
يتبنى في
الصميم
إعادة
البناء
للمشروع
الإسلامي ،
إعادة
وحدوية
طاردة
للتعددية
البغيضة
والكلامية
السياسية . 2 –
والإصلاح
مذهب علمي
للخروج
بالإنسان
المسلم من
الحيَّز
السكوني إلى
الحيَّز
المتحرك ،
أعني الخروج
من الدوائر
المدرسية
الكلاسيكية
، والدخول في
دارة
المدارس
التجديدية ،
التي تعتمد
العقل كأداة
وكمحوى في
تنشيط
الفاعل
الإسلامي ،
وإمداده
بأسباب
القوة
والحياة . 3 –
والإصلاح
مذهب واقعي
يعتمد
الإجتهاد
والتأويل
المباح في
عمله وتحركه
، الإجتهاد
القائم على
مقدمات
الحكمة
المستنبطة
من الكتاب
والصحيح من
السنة . 4 –
والإصلاح
مذهب
المكاشفة
الذي يعتمد
على تسمية
الإشياء
بمسمياتها
من دون زيادة
او نقصان ،
وهو كذلك
دعوة لكشف
واقع كل
الملفات
والدفاتر
والأوراق
التراثية
والمذهبية ،
وهو يعمل على
دراستها
وتحليلها من
الداخل ،
ومحاولة طرد
كل ما لم يمت
للإسلام
بصلة منها ،
حسب مَبَدأي
ــ الموافقة
والمخالفة
ــ المشار
إليهما ببعض
الحديث
المنشور في
صحاح
المسلمين . 5 –
والإصلاح
مذهب نقدي
يعتمد الحجة
والدليل
ومطابقتها
للواقع
وللظرف
الزماني
والمكاني ،
وهو بذلك
يتخذ من
المبدأ
الجدلي
العلمي في
النقد ،
وجعله
بمثابة
البديل عن
التبرير
الهزيل
المنبثق من
عقل أحادي
يختزن
الخلافية
والفرقية
كمنهج مطبق
وكمنهج
للتطبيق . 6 –
والإصلاح
مذهب العودة
إلى الجذور ،
عودة إلى
محمد (ص)
والتعرف
عليه
والتعريف به
من حيث
إنسانيته
ونبوّته
ورسالته ،
ونبذ
التقديس
والدوران
لغيره ،
التقديس
المبرر تحت
مظلة العصمة
والإمامة
والتولي
والتبري . 7 –
والإصلاح
مذهب جدلي
يعتمد
الصيرورة والنسبية
نظاماً له ،
سواء في
الأحكام او
الموضوعات ،
وهو بذلك
يلغي صفة
الأستمرار
والدوام
والثبوت على
الأحكام
والموضوعات
، وهذا
الإلغاء
يقوم على
القواعد
والمقدمات
الأصولية
المعتبرة . 8 –
والإصلاح
مذهب
التصحيح في
مجالات
الحياة
المتعددة
الدينية
والمدنية ،
في العقيدة
والشريعة ،
وفي الفلسفة
والتاريخ ،
وفي
الأجتماع
والأقتصاد ،
والتصحيح
عبارة عن جهد
مكثف يشمل
تصحيح مناهج
التدريس
المقررة ،
وتصحيح حال
المدارس
وحال
المدرسين .
ليواكب
الجميع لغة
ومنطق العصر . 9 –
والإصلاح
مذهب أخلاقي
تبناه
أنبياء
وأولياء
وفلاسفة
ولاهوتيون
كبار ، يهدف
إلى ــ رفع
الظلم
وإقامة
العدل ــ
ورفض الفساد
والأعتراف
الفردي
والجماعي ،
كذلك فهو
يستهدف
إعادة تأسيس
الأخلاق على
قواعد علمية
وإحتماعية
ونفسية
رصينة ، وهذا
يعني حفظ
مادتي ــ
الخير والشر
ــ في
مجالهما
التداولي .. والمدراس
الدينية ، من
خلال منع
الأمراض
السارية
فيها كالكذب
والغيبة
والنميمة
والنفاق
والتشهير
والتسقيط
والطعن
بأخلاقية
الأمة
ورجالها
المخلصين ... 10 –
والإصلاح
مذهب
العدالة في
الخير العام
والسعادة ،
مذهب محمد (ص)
وأهل بيته
وأصحابه ،
مذهب
الإنسان
الذي جُعل
خليفة في
الأرض ، مذهب
الأرض
والسماء ،
وضعاً
وتكليفاً
خلقاً
وصنعاً ...
ولأنه كذلك
فهو مذهبنا
بكل تأكيد ،
حملناه في
قلوبنا
وعقولنا ،
وجاهدنا من
اجل أن يصبح
مذهب كل
الدنيا ،
المذهب الذي
يكون
مصداقاً
لقوله تعالى : ( إن
أريد إلا
الإصلاح ما
أستطعت وما
توفيقي إلا
بالله عليه
تولت وإليه
أنيب ) (15) . الركابي |
|
|
|