مبدأ
الوعي : الظاهر
كون الذات
أكمل من
الطبيعة ،
فلا ينتفي
فعلها في ما
يمكن للفرد
أن يستكمل
فيه
بالطبيعة ،
ولما كان
الإنسان
يذعن بعقله
بالفطرة
الطبيعية
لشئ من الحق
كان يحصل له
الكمال في
إذعانه لذلك
الحق من
وجهين : أولاً :
من حيث يدركه
وثانياً من
حيث يحكم فيه
يقيناً ،
فكان لا بد
للعقل
الصريح في
كمال أذعانه
لحق الايمان
من أمرين ،
أحدهما أن
يدرك
ادراكاً
صحيحاً ما
يُعرض عليه ،
وهذا يختص
بموهبة
الفهم ،
والثاني أن
يحكم فيه
حكماً
يقينياً
وسديداً
مميزاً ما
ينبغي
الايمان به
عما لا ينبغي
الايمان به ،
وهذا لا بد له
من موهبة
العلم ، فإن
المعرفة
اليقينية
تختلف
باختلاف
الكبائع في
حالاتها ،
فإن الفرد
يحصل له
الحكم
اليقيني على
الحق
بالانتقال
الفكري ،
ولهذا كان
العلم
البشري
يكتسب
بالعقل
البرهاني ،
وأما الله
فيحكم على
الحق حكماً
يقينياً
بنظر بسيط من
دون أجنى
انتقال فكري
، ولهذا لم
يكن العلم
الالهي
تدريجياً او
قياسياً ، بل
مطلقاً
وبسيطاً
ويماثله في
ذلك العلم
الذي يجعل من
مواهب
الملائكة
والانبياء ؛
لأنه نوع من
المشاركة
فيه . ولأن
الوعي
بالأمور
الأيمانية
يمكن ان يكون
على نحوين
أحدهما
الاعتبار
موهبة
ويلائم جميع
الصديقين
والثاني
العلم الذي
به لايعلم
الإنسان ما
ينبغي ان
يؤمن به فقط ،
بل يعلم
أيضاً ان
يظهر إيمانه
ويحمل غيره
على الايمان
ويفحم
المنازعين
فيه وهذا
يجعل في جملة
النعم
المجانة ولا
يعطي لجميع
المؤمنين بل
بيعضهم
والراسخين
منهم خاصة .
ومعلوم أن
أخص ما يُحكم
على شئ حكماً
يقينياً
بعلته ،
فينبغي من ثم
أن يكون
ترتيب
الاحكام
بحسب ترتيب
العلل ، فكما
إن العلة
الأولى علة
للثانية
كذلك بالعلة
الأولى يحكم
على العلة
الثانية
وأما العلة
الأولى فلا
يمكن أن يحكم
عليها بعلة
أخرى ولهذا
كان الحكم
الذي يحصل
بالعلة
الأولى
أولياً
وبالغاً
غاية الكمال
، والاشياء
التي يبلغ
فيها شئُ
غاية الكمال
يخصُ منها
بأسم الجنس
العام ما لم
يبلغ هذه
الدرجة
المتناهية
من الكمال ،
أما ما يبلغ
منها ذلك
فيجعل له أسم
أخر خاص كما
هو ظاهر في
المنطق فما
كان في جنس
المحمولات
المساوقة
للموضوع
مقولات في
جواب ما هو
يوضع له أسم
خاص ، وهو
الحد وما كان
منه غير مقول
في جواب ما هو
لا يستعمل له
إلا الاسم
العام وهو
الخاصة ،
ولأن أسم
الوعي يدل
على يقين في
الحكم كما
ترى ، فإن كان
هذا اليقين
حاصلاً
بالعلة خص
بأسم الحكمة
فإنه يقال
حكيم في كل شئ
، ويقال حكيم
مطلق لمن
أدرك العلة
العليا
المطلقة وهي
الله . ومن ثم
قيل للادراك
الامور
الالهية
حكمة ، واما
أدراك
الامور
البشرية
فيطلق عليه
أسم الوعي
العام الدال
على تيقن في
الحكم
والمخصوص
بالحكم الذي
يحصل بالعلل
الثانية ،
وعليه كان
الوعي بهذا
المعنى
موهبة
متميزة عن
موهبة
الحكمة
فتكون موهبة
الوعي
متعلقة
بالطبيعة ،
وعليه أصبح
أن الوعي
يتعلق
بالإيمان
الالهي
الازلي ، لأن
نفس أمر
الايمان
زمني قائم في
النفس ولهذا
فمعرفة ما
ينبغي
الإيمان به
مختصة
بموهبة
الوعي ،
ومعرضة ما
يؤمن به في
نفسه على نحو
من الاتصال
به مختصة
بموهبة
الحكمة .
فتكون
الحكمة أولى
بمحاذاة
المحبة التي
تربط عقل
الإنسان
بالله ، ولا
شك أن كل ملكة
أدراكية
تنظر من جهة
الصورة إلى
الواسطة
التي بها
يُدرك شئ ،
ومن جهة
المادة إلى
الشئ الذي
يُدرك
بالواسطة
ولئن كانت
الجهة
الصورية
أفضل تلك
التي تستخرج
نتائجها في
حق المادة
الطبيعية من
المبادئ
التعليمية ،
فهي أولى
لأنها أشبه
بها وإن كانت
من جهة
المادة اولى
بأن تجعل من
العلوم
الطبيعية ،
ولما كان
الإنسان
يعرف الله
بالمخلوقات
كان الوعي
بهذه
المعرفة من
الحكمة ،
لأنها من
قبيل الصورة
له ومن قبيل
المادة
للحكمة ،
وإذا كنا قد
أوضحنا ان
غاية المبدأ
الواعي هو
نقيض
الإيمان
كغاية موهبة
العقل ،
ولأنه يوجد
أولاً
وبالذات في
نظر العقل من
حيث تعلقه
بالعقل
الفعال ، إلا
أنه لما كان
العقل
الفعال هو
أيضاً
المبدأ
الأقصى
وغايته التي
نتوخاها
بافعالنا
كان الخير
يتناول
الفعل، فيتم
إذن أن الوعي
يتعلق أولاً
وبالذات
بالنظر أي من
حيث يعي
الإنسان أن
ما ينبغي ان
يؤمن به ماذا
وتتعلق
ثانياً
بالفعل ، من
حيث أن الوعي
بالعقائد
وبما يتفرع
عليها هو
الذي يتولى
حركتنا ،
وليس شئ أوضح
من كون شأنه
الخاص الحكم
المستقيم
على الطبيعة
غير الوعي .
ولذلك أصبحت
الطبيعة
والوعي بها
وعي
بمخلوقاتها
؛ لاعتبار
كونه تمام
الكمال في
الخير
والغاية
القصوى في
علاقة
المبدأ
بالوجود ؛
لأنها
بالتالي هي
تمامية
الخير
الالهي ،
وإلا فما
يسوق إليها
سوى النفس
وهي أولاً
وبالذات منه
كعقل فعال له
قدرة الفعل
في الحركة
والسكون ،
إذن وبالذات
منه كعقل
فعال له قدرة
الفعل في
الحركة
والسكون ،
إذن كان
الوعي هو
الضرورة
بالفكر على
الواقع
الكلي ؛
ولأنه من حيث
يقوم بالنظر
الذي لا
تحاذيه
سعادة الفرد
لا تقوم
بملاحظة
الطبيعة ، بل
بمعاينة
الله غير
انها تقوم
على نحو ما
باستعمال
الوجود
الطبيعي .
ولهذا لا
يسند الوعي
إلى شئ مجرد
بل إلى
معاينة
ومكاشفة
اؤدي إلى فهم
وحكمة
يتعلقان
بالنبوة
وأحكامها ،
والآوامر
الالهية
ونواهيها .
|
|
|
|