مقومات
الوحدة إن
مقومات
الوحدة
الإسلامية
هي عبارة عن
قيم ومبادئ
فرضها نظام
النبوة
والرسالة
بعد الإيمان
بهما وهي
ليست سوى : 1 –
الإيمان
بالحرية . 2 –
الإيمان
بالتعددية
الفكرية
والمذهبية . والإيمان
بالحرية هو
الإيمان بها
كواقع وكعلم
وكضرورة ،
والحرية
بالتعريف
العام تعني : (
أمتلاك
الإنسان
نفسه ) وهي هنا
أمتلاك
الأرادة
المنتجة
لأفرع
التقابل
والتضاد
والتزاحم
والتقاطع ،
وهذه
الأرادة
منبثقة من
مجموعة قيم
أفتراضية
الكسب ،
وفرضية
الأختيار ،
وفرضية
الجبر ،
وفرضية
التفويض
ومعالم
الترتيب
التي آمنت
بالظاهرة
ككونها (
لاجبر ،
ولاتفويض ،
ولكن امر بين
أمرين ) أي
انها مصداق
لقوله تعالى : (
فمن شاء
فليؤمن ومن
شاء فليكفر )
ومقتضى
دلالة ذلك في
التطبيق
أعتقاداً
وسلوكاً . وهي
مراد فحوى
مفهوم النص
في معنى قوله
تعالى : ( قل
وإنّا أو
إياكم لعلى
هدىً أو في
ضلال مبين ) .
المعنى
الملازم
لقوله تعالى : (
ولو كنت فظاً
غليظ القلب
لانفظوا من
حولك ) الذي
يستشعره
المرء في
السلوك
والمعتقد ،
ولاينفع
النهي إلاّ
من خلال كونه (
لعلى خلق
عظيم ) الذي
يدور في مدار : (
إنك لاتهدي
من أحببت )
وكأن كل ذلك
شرطه : (
ولقد كرمنا
بني آدم )
المرجو فيه
خط الأتحاد
والوحدة بين
ماهو ظاهر
وماهو باطن ،
بحيث لايطعن
أهل الظاهر
بظاهريتهم
على اهل
الباطن
بباطنيتهم ،
طالما إن
الحق تعالى
يقول : ( إن
أكرمكم عند
الله أتقاكم )
وهذه تأتي
على كل حيز
يمكن أن يظنه
المرء ساحته
الشرعية
والوحيدة ،
لأن ذلك الظن
منشؤه قياس
خاطئ : ( أنا
خيرٌ منه
خلقتني من
نار وخلقته
من طين )
الموظف في
الوصف
التنابذي
بالالقاب
وبالنعوت
وبالأسماء
والصفات (1) ،
التوظيف
السلبي
لإرادتي
الرفض
والقبول ،
والنهي عن
هذا نهي
عن الصفة
والحال
والمصدر ،
والنهي جعل
ليظل
الإنسان سيد
نفسه كذلك
قال عمر بن
الخطاب ( رض) : (
متى
أستعبدتم
الناس وقد
ولدتهم
أمهاتهم
أحراراً ). ولايظن
أحد بأن قول (
لا إله إلاّ
الله ) هو نفي
للحرية في
مستوى
السلوك
العبادي ، بل
هو تركيز
الإقرار
بمبادئ
الصواب
والخطأ . وهذه
مسلمات يصل
المرء فيها
للمعبود ،
وهو ممتلك
نفسه
وارادته
وعقله
وتدبيره ،
وكذلك كان
التقدير في : (
لا إكراه في
الدين ) .
والدين عموم
وخصوص ،
فالأخص منه
الأعتراف
بمعبود واحد أي
نفي للوسائط
في دور
العبادة ،
وهي تحرير
بأسم
للإنسان من
السلطات
الزمنية
التي تقهره
وتسلب
أرادته
وحريته بأسم
اللات
والعزى . وهذا
هو معنى
الحرية في
شمولية
الجمع
والطرد ، في
القبول
والرفض ، وكل
ذلك لن يأتي
من خلال
السلطات
الأخرى أو
ضلالها ،
وهذا معناه
نفي للتقليد
، ونفي
للمرجعيات
التي تضعها
وتخصصها قوى
الضغط
السلطوي
المحلي ،
ونفي
التقديس
للاشخاص
مهما بلغوا
من مقتضيات
صفات
التفضيل
والإيجاب
التي تعنون
الشخص ليدخل
دائرة مفهوم (
أمتلاك
الإنسان
تفسه ) فهذه
كلها مبادئ
الأصل فيها
الحرية التي
هي سمة
طبيعية
ملازمة
لوجود
الإنسان
وعلاقته
بالأشياء
المحيطة به
من قوى
الطبيعة
سواء أكانت
عاقلة ام غير
عاقلة ،
فالحرية
بهذا الشرط
التضمني
لاتعني
التعدي
والمجاوزة
على الغير ،
بل تعني فهم
الغير
ومحاولة
الوصول معه
إلى قناعة
مشتركة في
أصل العلاقة
بالآخر
المشار إليه
سابقاً
،وهذه كلها
في الأخص من
الدين . ولكن في
الأعم يأخذ
الدين حيز
التجربة
والمشاهدة
وقضايا
تتعلق
بالتطور
الأجتماعي
والسياسي ،
بإعتباره
الساحة التي
تتداول فيها
الأفكار حسب
مجال العمل ،
أي ما يسمى
بالتطبيق في
الواقع ، أو
هو ( فقه
الواقع )
والحرية هنا
ناظرة إلى
مستوى
العلاقة
بالكيف
وبالكم
وتتقدر كذلك
بالوعي
بالمستقبلات
التي تربط
حصراً بمصير
الإنسان . لذا
فالعلاقة
بين الحرية
والوحدة
علاقة الجذب
لاعلاقة
الطرد ،أذ
كلاهما يقوم
على الآخر ؛
فإلغاء أي
منهما يعني
إلغاء الآخر
، وكل منهما
لاتقدره
ظروف
المرحلة ،
بقدر ماهو
بذاته مطلب
للاستقرار
والتقدم
والبناء
والأعمار ،
وقضايا
التنمية في
كافة
المجالات
مرهونة بهما
، ولذا يكون
التأكيد
عليهما من
الوجهة
المعرفية
تأكيداً على
أصالة الحق
المطلق في
الربط بين
الحاجة
والضرورة
ومجاليهما
أعني : (الأجتهاد
المباح ضمن
أدوات عمل
منطقية
مقبولة )
والأجتهاد
لايتحرك
إلاّ في
دائرة
الحرية
والوحدة . إن
الولاء
الشعبي
للحرية شديد
التماسك ،
فالولاء
لهما يعني
الولاء
للدين ، وهذا
يدوم أكثر
مما يدوم
لأية عقيدة
أخرى ،
فالأعتقاد
الشعبي يدمج
بين الوحدة
والحرية ،
ومبررات هذا
الدمج
تصنعها صيغ
العمل
المشترك
بإدواتهما ،
لهذا اخذ
مفهومها
بالإنتشار
والحظوة
والتقدم .
والإسلام
بإعتباره
عنصر
الإنتاج
الأول لهما
نجح في إدخال
معظم تيارات
الفكر
الديني في صف
واحد مناهض
للظلم وقوى
الظلام
والتخلف
سواء أكانوا
محليين أم
دوليين ،
رجال دين ام
تجار أم ساسة
، وقد عمم
الإسلام عقد
التعهد
اللزامي
بالوحدة
والحرية على
كل العاملين
، واعتبر ذلك
سلاحاً
فتاكاً يصوب
ضد تلك القوى
الظالمة . *** وأما عن
التعددية
الفكرية
والمذهبية : ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ فالوحدة
التي تلتزم
طريق
الإصلاح
والتصحيح
لاتستطيع أن
تلغي النظرة
التعددية ، لما
فيها من
إيجابيات
تقدم الفكر
وتدعم
المسيرة
بقوى جبارة
منها النظري
ومنها
العملي ،
وكلاهما
يصنعان
جيلاً من
المعارف
التي تخدم
قضية التطور
المجتمعي
العام ،
والإحترام
للتعددية
الفكرية
إنما توظفه
أدبيات
الإجتهاد
المنصوص
عليها ،
والقائمة
بالفعل على
قواعد
ومقدمات
فيها الموجب
وفيها
السالب ، أي
الإجتهاد
كعنصر إبداع
يتعدد بتعدد
فهم
المقدمات
وطريقة
التوظيف
والأستنباط
، والإجتهاد
ليس عنصراً
سالباً بحيث
لايقبل
القسمة ، بل
هو كيان عضوي
يقوم على
العقل
ومادته ( اعني
التأويل) وهو
ليس التفسير
بلحاظ
بيانية معنى
اللفظ ، بل هو
تدرج في ساحة
المعرفة
المرتبطة
بالواقع ، أي
مرتبطة
بانطباق
الحكم على
الموضوع ،
والإنطباق
نسبي يؤخذ
بحسب اللحظة
الزمانية
والمكانية ،
وربما أمكن
النظر إليه
في خطي الطول
والعرض ،
لذلك يكون
الإجتهاد
التأولي
فاعلاً في
ساحة غير
ساحته ، أعني في
غير زمن
الإنتاج
ومكانه ،
وهذا حصراً
ما يمكن
معرفته من
خلال
التأويل
المنطقي
الذي قال به (
أبو مسلم
الأصفهاني
صاحب جامع
التأويل ) في
رؤيته لآية
السرقة
بقوله تعالى : (
والسارق
والسارقة
فاقطعوا
أيديهما ). فهو يرى
إن للآية
دلالات يجب
النظر إليها
مجتمعة ، ومن
ثم يأتي
الحكم في
سياق فهم تلك
الدلالات : الدلالة
الأولى :
مفهوم ـ
السرقة ـ
وعمومه . الدلالة
الثانية :
مفهوم ـ
القطع ـ
وإطلاقه . الدلالة
الثالثة :
مفهوم ـ اليد
ـ ومصداقه . فالسرقة
: عندة عنوان
عام ،
والعموم
يقتضي
التمييز
فيه بالحكم
، فليس من سرق
ديناراً من
القاضي كمن
سرق خزائن
بيت المال . والقطع :
في الأصطلاح
تعني مطلق ـ
المنع ـ وليس
قطع اليد كما
درج على ذلك
فقهاء
الظاهرة ،
وبالتالي
فالقطع مطلق
يشمل السجن
ومشتقاته من
الأجراءات
الأمنية
الأخرى . وأما
اليد : فهي
مفهوم عنوانه
دال على
القوة تعالى : (
يد الله فوق
أيديهم ) وهي
في الآية
لاتعني اليد
المعروفة بل
المراد منها (
القوة )
ومفهوم
القوة يجب أن
ينظر إليه من
خلال
الأمتلاك
والقصد
والجماعة
والجهة التي
تمتلكها وما
إلى ذلك ،
والمنع في
الآية يأتي
على القوة
التي تؤثر في
حركة
المجتمع
وتبعث بأمن
البلاد
والعباد . ومع أن
هذا النوع من
الأجتهاد
مخالف لما هو
رسمي وسائد ،
ولكنه يحتمل
في ذاته عنصر
القوة
المنطقية
المقبولة ،
ولايعني
مخالفة
الإجماع
الرسمي
الخروج عن
الإسلام او
الدين كما
تدعي بعض
المدارس
المذهبية
الضيقة ، كما
إن هذا النوع
من الإجتهاد
مؤسس على
قواعد
ومقدمات
صحيحة
بلاريب ، فهو
يوّحد ولا
يفرق ، لأنه
ليس إلزاماً
ولا ضرورياً
، بل هو وجهة
نظر هدفها
المشاركة في
عملية تحريك
النص
وتفعيله
خدمة لمطالب
الواقع
الموضوعي
وقضاياه ؛
وبالتالي
فهو يقع
مصداقاً
للمأثور
القائل : (
ليثيروا بهم
دفائن
العقول ) . وهذه
التعددية في
الإجتهاد
تسمح
للمعرفة ان
تكبر بحجم
التداول
الذي تعيشه ،
وهو نفس
الإجتهاد
الطبيعي
الذي قسم
الجماعة
المؤمنة ،
إلى سنة
وشيعة ،
خوارج
ومعتزلة ،
ومرجئة
وقدرية ،
وظاهرية
وباطنية
أشاعرة
وصوفية ، ...
وهذا
التقسيم
لواقع الحال
بلاريب صحيح
، لأنه
لايخرج
المجموع من
دائرة
الإيمان
بالله ،
والإيمان
باليوم
الآخر ،
والعمل
الصالح ،
والإيمان
بمحمد (ص)النبي
والرسول
وإنه الخاتم
لمراتب
اللطف
الألهي في
دوري النبوة
والرسالة ،
وهذه
القيدية
الأخيرة
أحترازية
لأنها أصل
عملي لكل
المؤمنين ،
أي لكل
المشمولين
بقوله تعالى : (
الذين أمنوا )
، ومن أحرز
هذا الإيمان
لايصح
إطلاقاً
التهجم عليه
جزافاً ،
تارةً
بالتكفير
وطوراً
بالفسق ،
ونعوت شتى
ليس أقلها
كلمة ـ
النفاق ـ
التي
يردّدها
زعماء
الطوائف من
المراجع
والكهنة
والوعاظ
ورجال
الحاشية
المملوكية . هؤلاء
لايسمحون
للوحدة ان
تعيش في ظل
التعدد
السلبي
لأنهم
متمسكين
دوماً
بالمقولة
التراثية : (
إبقاء ما كان
على ما كان ) مع
علمهم بأن
ذلك لم يكن
سوى إنعكاس
لصراع سياسي
مفتعل
لاعلاقة له
بالديني ،
وإن أسقاط
احكام
السياسي على
الديني جرّ
إلى نكبات
وويلات
ومذابح راح
ضحيتها
الكثير من
الأبرياء
المؤمنين ،
حتى شاع بين
الناس المثل
القائل ( أنج
سعداً فقد
هلك سعيد ) (1) . وكل هذا
يقوده زعماء
الطوائف
التقليديون
وأصحاب
المذاهب
السياسية ،
مع أن
التعددية
هذه محمودة
جاء التأكيد
عليها من
خلال
المنشور
التالي : (
أختلاف
علماء أمتي
رحمة )
والأختلاف
ليس الخلاف
كما لايخفى
على اهله من
اهل اللغة
والبيان
والأصول ،
ولكن زعماء
الفتنة
جعلوا من
الأختلاف
عين الخلاف
في الحكم . إن
التعددية
المذهبية
أصلها قائم
على أحترام
الإنسان
وأحترام
حقوقه
الطبيعية
والمدنية ،
والتعددية
أصلها
الحرية ، وهي
بالتالي
منبثقة من
عقل الوحدة
ودالة عليها .
هذه هي
مقومات
الوحدة في
الرؤية
الإيمانية ،
ولكن للوحدة
مقوملت على
نحو العموم
منها . |
|
|
|