المدخل يقدم
التاريخ
عدداً من
الأمثلة عن
الأتجاهات
الوحدوية في
العالم ؛
التي أصبحت
معروفة ،
وربما مارست
دوراً
سياسياً
وروحياً
قوياً في
التطورات
العالمية ،
والإسلام
قدم أفكاراً
صارت في
مختلف
الأزمان
عبارة عن
حوافز قوية
لتطوير
الأتجاه
الوحدوي بين
الشعوب
الإسلامية
والإنسانية . لقد سجل
الإسلام
المحمدي
الحضاري في
غضون فترة
وجيزة جداً
إنتشاراً
هائلاً
لأفكاره
الوحدوية في
كل أرجاء
الدنيا ،
وتبنى كثير
من الأمم
والشعوب
المحبة
للسلام
نظريته في
الوحدة ،
بإعتبارها
عنصر فعل
حضاري في
تقدم الشعوب
وإزدهارها . من أجل
هذا تمثل
الآراء
المستنبطة
من الكتاب
والسنة
الصحيحة
مكانة
متقدمة ، من
حيث الدقة
والسعة
والأستقطاب
والأنتشار ،
وهذا ما يجعل
مؤلفات
وكتابات
عظماء
المسلمين
تلقى في
الفترة
الأخيرة
رواجاً نجد
صداه واضحاً
في ترجمات
عديدة للغات
مختلفة ،
وهذا إن دلَّ
على شئ فإنما
يدل على
الروح
المنطقية
والعقلية
التي
يتبناها
الإسلام
في مفهومه
للنقد
والتحرير
والتعددية
والحرية
والديمقراطية
وحقوق
الإنسان ،
ولهذا زادت
الحاجة إليه
كما زاد
الطلب على
آراء
المفكرين
الإصلاحيين
منه ذوي
النزعة
التحررية
والتقدمية
الحضارية ،
حتى غدت تلك
الآراء من
أكثر الآراء
شيوعاً
ومقاربة
وتحديداً
لسمة النظرة
العالمية
الأممية ،
كما أكدت ذلك
وأشارت إليه
مؤسسات ودور
نشر أجنبية
ووسائل
إعلام
متعددة . وهذا
التعريف
الذي تقدمه
مراكز النشر
العالمية
ومؤسساتها
عن الإسلام
الحضاري
بإعتباره
مركز
قوة في
مفهومي
النظرية
والتطبيق ،
تجعل من
ملاحظات
علماء
السياسة
والإجتماع
المعاصرين
القائلة بإن
الإسلام
يشكل عنصر
تقدم فعال
للسياسة في
العالم ،
ملاحظات
صحيحة وتتكئ
على واقع
موضوعي وشرط
تاريخي محدد ... ولكن ما
سر هذا كله ؟ لاريب
إن السرّ
يكمن ، كما
نعتقد بأن
السياسية في
الإسلام
بشقيها
النظري
المنهجي
والتطبيقي
العملي هي
نفس عقله
وتدبيره
وإرادته ،
وهي ملازمة
لصيرورة
التطور
والتدافع
والتمايز ،
وهنا تبرز
السياسة لا
كأنفصال
متجزئ
متباعد بل هي
إنبثاق من
الوحدة في
الذاتي
والموضوعي .
وإذا أردنا
الدقة أمكن
القول ــ إن
السياسة
المنبثقة عن
الوحدة تعبر
في ذاتها عن
أداة معرفية
ونظرة
إنسانية
شمولية
علمية
وأصيلة ــ
وهي بالتالي
قراءة وكشف
لقوانين
التطور
الإجتماعي ،
وإشارة
واعية إلى
الطريقة
الواقعية
الوحيدة
لحماية
الإنسان
المسلم
وإنقاذه من
الفوضى
والتراكم
والتزاحم
والسلبية . وإذا
أُمعن النظر
في الإسلام
وأختبرت
نظريتة في
الوحدة
فإننا سنقف
أمام حقيقة
موضوعية
تهدف إلى
تحقيق سعادة
الإنسان
وخيريته
وعدله
وإستقلاله
وحقه في حياة
حرّة كريمة ،
وهذا الجمع
يحقق وعياً
حضارياً
علمياً عن
الإنسان
ودوره في
بناء مملكته .
عندما نقول
هذا فإننا
ننطلق
يقيناً من
مقدمة
مفادها : إن
الإسلام دين
الفطرة ، دين
الحياة ، دين
الإنسان ،
الدين الذي
إرتضاه الله
سبحانه
وتعالى
ليكون
الرابط بينه
وبين
الإنسان
وعلاقتهما
بالوجود
الطبيعي . وهو
بهاذ اللحاظ
القيمي ، دين
الأرض . كذلك
فيفترض فيه
جدلياً
الرحمة
الشاملة لكل
الوجود ،
ويفترض فيه
العدل
بإعتباره
يمثل عنصر
الكمال في
التأسيس
الألهي
لعالمي
الوجود
والإمكان . وإذا
كان ذلك كذلك
، أمكن القول
إن الإسلام
راعي في
وحدته مبدأي
ــ الرحمة
والعدل ــ
الشاملين
للمؤسسة
الإجتماعية
المتنوعة
الأطراف ،
لمفهوم
الإنسان
الجنس
والنوع معاً
، وهذا يلغي
ولا ريب ما
كانت تفترضه
العناوين
الثانوية
المصنفة
للإنسان
بحسب
إنتمائه
وولائه
ووجوده .
فالإنتماء
العرقي
والديني
والمذهبي
والسياسي
والأقتصادي
والفلسفي
الأيديولوجي
والتأرخي ،
وكل تلكم
العناوين
لايحوز
الركون
إليها في
المفهوم
المتقدم . ذلك
لأن الركون
والأنحياز
يعني
التبعيض
والتفتيت ؛
وبالتالي
حدوث المنهي
عنه من
النزوعات في
القومي
والديني
والمذهبي
والطائفي
السياسي ،
وكلها
نزوعات تؤدي
بالفعل إلى
الإنكسار
والتراجع
والإنقباض
والتكلس . ولابد
من الإشارة
إلى ان
الإسلام رصد
تلك الظواهر
، وحذر من
مخاطرها ،
وفي الوقت
نفسه نبه إلى
عوامل
التقدم
والنهوض
المجتمعي ،
وهذا الرصد
والتنبيه
يرتبط
بحقيقة
نوعية تالية
تعرف (
بالحتمية
والضرورة )
يمكن جعلها
مركز قاعدة
في النظر إلى
ما هية
التقدم
وعنصر فعله
الواقعي
الرابط بين
النصر
والهزيمة . وعندما
نقول هذا
فإننا نلزم
أنفسنا
بعملية اهم
نعيشها في
العصر
الحديث ألا
وهي : إمكانية
إنتصار
الإسلام
وحتمية ذلك
وضرورته ،
وإذا
أعتمدنا هذا
في العقل
والضمير
فإنه ينبغي
التأكيد على
مايلي : ( إن
الإنتصار
ليس على
الذات وحدها
، بل على
الذات
والمكان
وأشراطهما )
وهذا يدفع
بأن يكون
الإسلام هو
العنصر
الحضاري
البديل عن
النظم
الرأسمالية
والأشتراكية
التي تداعت
وتفككت ،
وهذا الدفع
غير ممكن في
ظل التجزئ
والتقسيم
ولكنه سوف
يصبح واقعاً
ممكناً إذا
تحققت
الوحدة
بمفهومها
العملي
الحركي ،
وهذا
الأستنتاج
يمكن تداوله
معرفياً في
طبيعة
الثورات
الإصلاحية
وماهيتها
وطبيعة
الممكن فيها
والمباح . *** الوحدة
مقولة
متطورة إن
الدراسة
المنهجية
المقارنة
لواقع
التيارات
الفكرية
المعاصرة
تثبت إن
مقولة
الوحدة
الإسلامية
سوف تتطور ،
حسب
القوانين
الأساسية في
الإسلام ،
لأنها تمثل
فيه هيكلاً
كلياً لا
يتجزأ ، قد
أثبته
التاريخ من
خلال تجليه
وظهوره في
الدولة
العربية
الإسلامية
التي أنشأها
الرسول
الأعظم (ص) في
المدينة
المنورة ،
وهذا التجلي
وذلك الظهور
يعني إن
الوحدة
الإسلامية ،
إذا ما تحققت
فسوف تصبح
عاملاً
حاسماً في
تحديد
التيارات
والإتجاهات
الفكرية
المختلفة في
العالم ، وإن
المسلمين
بوحدتهم
وإنفتاحهم
الفكري
والمعرفي
على العالم
سوف يُصبحون
قوة سياسية
لايُستهان
بها في بث
قوانين
العدل
والحرية
التي تقود
المجتمع
الإنساني
إلى السعادة
والرخاء
والأمل . إن
الإسلام
عندما طرح
مفهوم
الوحدة
طرحها كمبدأ
وجودي مادي ،
مع إنه طرحها
في بداية
وجود الدولة
الإسلامية ،
التي لم تكن
قد نضجت فيها
فكرة الدولة
بعُد لدى
العامة
وكثير من
القبائل
العربية ،
ونستطيع
القول إن
مفهوم
الوحدة كان
في طور
الولادة في
ذلك الوقت ،
إذ لم يكن
التصور
العام حول
مفهوم
الوحدة قد
أخذ الحيز
الشمولي له ،
إلاّ بحدود
ضيقة ومساحة
محدودة لدى
الرعيل
الأول من
الصحابة ،
وإزداد
إتساع
المفهوم
رسوخاً مع
اتساع رقعة
الدولة
الإسلامية
وتمدداتها
الحضارية
آبان
الخلافة
الراشدية
الثانية ،
ففيها جرى
الفتح
الإسلامي
وأتسعت رقعة
الدولة
الإسلامية
لتشمل
العراق
والشام ومصر .
ولاريب إن
الفتح كان
ثمرة من ثمار
الوحدة
وعنصراً من
عناصرها
الرفيعة
الذي شكل ــ
جهد
الأنتصار
وتيار الفتح . *** |
|
|
|