الإجتهاد

 

 

الإجتهاد : هو فعل ثلاثي المصدر أصله مشتق من مادة - ج، ه ، د - ، والجُهد بضم الجيم هو الطاقة ، والجَهد بفتح الجيم هو المشقة .

والإجتهاد : هو من باب -الإفتعال - وهي صيغة لغوية تدل على المبالغة في الفعل .

والإجتهاد في اللغة : يعني إستفراغ الوسع أي – بذله - فيما فيه طاقة ومشقة .

وهو في الإصطلاح : العلم بالاحكام الشرعية العملية من الدليل التفصيلي ، والدليل التفصيلي هو الكتاب المجيد ، وأما العقل فهو الدليل الدال على الكتاب . والحكم الشرعي : هو حكم عام في النظري والعملي من الأشياء ويدخل فيه الإعتقادي أيضاً ذلك لأن تحصيل الحكم الإعتقادي إنما يتم من خلال الإجتهاد والنظر ، ولهذا يكون الإجتهاد عاماً في كل مجالات الحياة الفكرية منها والمعرفية والسلوكية ، وكل حكم يقع مادة للإستنباط فهو حكم شرعي طالما يرتبط بالحياة ، وقولنا هذا ناظر إلى طبيعة مقاصد الشريعة وأساسها التي أعتنت بالإنسان وبما حوله ، وذلك كان الهدف من نزول الكتاب المجيد لتحقيق مصالح العباد في الحياة ودرء المفاسد والمخاطر عنهم .

والإجتهاد في أصول الفقه على نوعين هما :

الإجتهاد المطلق : الذي يُراد به الإجتهاد في كل أحكام الشريعة ، والذي يدخل فيه الإجتهاد في المسائل المستحدثة أو مايُسمى بالإجتهاد الإنشائي

.

الإجتهاد التجزئي : وهو إجتهاد في بعض مسائل الفقه والأحكام ، والفقيه المتجزء يكون بمقدوره الفتيا فيما إجتهد به .

والإجتهاد : واجب شرعي على نحو الكفاية وهو من

الضرورات الشرعية ، وقولنا على نحو الكفاية : نعني به إنه يسقط هذا الوجوب مع قيام البعض به ، وحجيته ثابتة في الكتاب المجيد كما في قوله تعالى : [ فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ] - التوبة 122 - .

لولا حرف تحضيض ، والفرقة : هي الجماعة من الناس الذين تفرقوا عن غيرهم من المواطن ، وتنكير - طائفة - مؤذن بأن النفر للتفقه ومايترتب عليه هو واجب كفائي ، والتفقه : تكلف الفقاهة ، وهي مشتقة من فقه بكسر القاف ، والفقه أخص من العلم ويعني الفهم في الدين ، والإنذار هو الإخبار بما يتوقع منه شر .

إن حاجة مجتمعاتنا إلى الإجتهاد هي حاجة ماسة ، نابعة من الواقع ومايتطلبه من حلول لمشكلات تواجه الناس كل يوم ، ولايجوز في هذه الحال الركون إلى إجتهادات من سبق ، مهما كانت قوة ومتانة تلك الإجتهادات ، ذلك لأن طبيعة الواقع وطبيعة المشكلات قد تغيرت ، تبعاً لتغير الطبيعة الموضوعية للحياة ، وهنا يكون الإجتهاد مطلب شعبي وإجتماعي وهو حاجة عملية لتلبية ماهو مطلوب ، وهنا يجب الإشادة بالشيعة الإمامية لأنها أبقت باب الإجتهاد مفتوحاً ، حتى وإن كان في المسائل السلوكية الفقهية ، فبقاء الباب مفتوحاً أمام طُلاب العلم يؤدي بالضرورة إلى تقدم العملية الفقهية ، وتطور حركة الإجتهاد مما يطرح قضية الأعلمية للمجتهد في سباق علمي منهجي واضح الدلالة ، وإن كنا لا نقول بالأعلمية ككونها قضية نسبية وإتصاف البعض بها أو الإشارة إليه بها وصف غير دقيق وغير موضوعي ، لكنها في اللاوعي دعوة لتقديم الفكر الإجتهادي على نحو متميز يكون فيه المجتهد قد حقق نوعاً من الكفاءة والتأهيل اللازم .

ويشترط في المجتهد المطلق إن يكون بالغاً عاقلاً مريداً وعادلاً ، وأما الإسلام فهو ليس شرطاً لازماً لأني أعتبر كل إنسان فهو مسلم بالضرورة ، إلاّ مادل الدليل على خلافه ، والإجتهاد الصحيح لازمه العلم بالكتاب ومقاصده والعلم بلغة الكتاب وفقهها ، وأما العلم بالسنة فليس بلازم وقد تقدم بيان ذلك في مقدمة كتابنا - الفتاوى والأحكام - ، و أما الإجماع فليس عندنا بشيء وقد مر الكلام بذلك فلا نُعيد ..