التكليف


هو تشريف من قبل الله للإنسان وتكريم له ، وأصل التكليف جاء من مادة - كلف - الثلاثية الدالة في اللسان العربي على الأمر بشيء ، والتكليف مصدر للكلفة  وهي التحمل والمسؤولية  ، وأداة التكليف بالفعل أو لنقل وعاء التكليف هو العقل ، فلا تكليف من دون عقل ولهذا لايصح تكليف الطفل وكذا من فقد عقله ، والملاك في هذا كون العقل هو القادر على تنفيذ ما كُلف به وهو القادر على تحمل المسؤولية تحمل العقاب وتحمل الثواب ، والعقل هو أداة الإيمان بالله وبالملائكة وبالغيب وبالرسل والأنبياء ، فهو كما ورد في المأثور أقدس شيء خلقه الله  ، لأن بالعقل  يتميز الإنسان عن البشر وعن سائر الكائنات الحية ، فالبشر من حيث هم  حيوانات لغلبة الشهوات والغرائز عليهم  ، ولكن بعض البشر قد تحول بالجعل ليكون إنساناً ويكون خليفةً لله ، فالخلافة بمعناها الموضوعي هو تولي شؤون الخلائق نيابة عن الله  ، وهذا ماحدث حين جعل الله الإنسان خليفة له في إعمار الأرض وإصلاح الحياة وتنميتها ، ولذلك   عرض الله عليه الأمانة  فحملها واثقاً بقدرته وواثقاً بانه سيكون محلاً وأهلاً لهذا التكليف  .

إذن فنحن إشترطنا لصحة التكليف صحة العقل والقدرة  ، ونريد بصحة العقل هو قدرتة على الوعي والإدراك والفهم ، بحيث يكون عارفاً بمعنى ماكُلف به ومختاراً له ومريد ، ونريد بالقدرة هو القوة على القيام بالوظائف من دون علل مرضية وغيرها  ، ولاتجوز النيابة في التكليف إلاّ بشروط موضوعية قاهرة  ، لأن التكليف أمر موضوعي مادي مرتبط بمحل معين يكون مورداً للتكليف  ، وأما البلوغ البايولوجي فليس شرطاً للتكليف ، بدليل كون هذا البلوغ هو بلوغ طبيعي تشترك فيه جميع بل معظم الحيوانات من جهة التناسل والتكاثر ، ولم يرد في الكتاب المجيد ما يدل على ذلك ،  بل ورد الدليل على خلافه حين  طرح مسألة الرشد في العلاقة مع الله سواء من الأنبياء أو من جميع الناس ، فلم يحدث ان كلف الله نبياً للقيام بمهام النبوة والرسالة قبل بلوغه الرشد حتى عيسى بن مريم لم يكلف بالنبوة ولا بالقيام بواجباتها إلاّ بعد بلوغه الرشد وليس بلوغه الحلم ، وهذا الكلام يشمل الذكر والأنثى على حد سواء ، ومنه ينتقض القول الذي يذهب إليه فقهاء المدرسة الكلاسيكية بتحديد سن للتكليف .