بيان صادر من آية الله الشيخ الركابي بمناسبة عيد الأضحى المبارك
|
بسم الله الرحمن الرحيم
|
في هذا اليوم المبارك من أيام الحج الأكبر ، أتقدم إلى شعوب الأمة الإسلامية ورجالها المخلصين بأزكى آيات التهنئة والتبريك ، داعياً المولى القدير إن يجعل من هذه المناسبة البداية الحقيقية ، لتطهير العقول والنفوس من كل الأحقاد والضغائن والفتن ، والتوجه نحو بناء الإنسان على أساس من العدل والحرية والسلام ، وذلك هو هدف الأنبياء والرسل الكرام ، كما وإني في هذا المناسبة أنتهز الفرصة لأُذكر بما هو واجب علينا في نصرة المظلومين والمستضعفين وحمايتهم من البطش والإرهاب والتعسف . إن إصلاح حال الأمة أمر مقدس وواجب شرعي وأخلاقي ، يتأكد هذا الواجب على المشتغلين والعاملين في الحقل الديني والتعليمي والتثقيفي ، والإصلاح لايتم من دون تغيير في قواعد التفكير ومناهجه ، من خلال إعادة النظر في كل قضايا التراث والتاريخ ، وتلك قضية هامة وحاسمة في صراع الهوية وصراع القيم وصراع الوجود ، إن نبذ سلطة التاريخ فيما نفكر فيه وفيما نعتقد به هي المنطلق في التحرر من هيمنة الماضي بكل عقده التشريعية والإيديولوجية . إن الوقوف بوجه الظلم واجب شرعي يتطلب منا المزيد من العمل والمزيد من الجهد ، فمحاربة الإرهاب واجب شرعي ومحاربة دعاة الفتنة والقتل من أدعياء الدين التاريخي واجب شرعي كذلك ، وفي هذا لا يجوز التساهل أو التبرير . إن الأمة الإسلامية تمر اليوم بحالة من فقدان الهوية وإنعدام الوزن ، سبب هذا هو التخلف الذي يروجه المتطرفين من دعاة الدين قليلي الخبرة والعلم ، وهذا ما أربك ساحة الإعتقاد وأساء للدين في الصميم ، إن الواجب يتطلب من كل الحريصين دعاة الإصلاح من المفكرين ورجال الدين والعلم والشباب الغيارى ، التصدي لهذا الزيف الذي جره على الإسلام هؤلاء الخارجين على النظام والقانون والشرع والأخلاق ، ولقد رأينا كيف يقتل المسلمين بعضهم البعض الأخر من غير رحمة ، ومع ذلك يجاهر هؤلاء البغاة إنهم في قتلهم هذا إنما ينفذون حكم الله وإرادته ، في خداع متعمد لذوي النيات الطيبة والعقول البسيطة ، إن المتاجرة بالدين وبشريعته إفساد وفساد في الأرض ، يستدعي التصدي له من المراجع ومن المخلصين من العلماء العاملين ، وإنني في هذه المناسبة الكريمة أدعوا الجميع من كل الطوائف والمذاهب والفرق والأديان للوقوف صفاً واحداً أمام هذا الخطر الذي يتهدد البشرية ووجودها وتعايشها ، كما أدعوا المؤوسسات السياسية والإعلامية لفضح هؤلاء الأدعياء وتعريتهم وكشف مخططاتهم .
إن هذه المناسبة الشريفة تتطلب التطهير بصدق والتزكية والبراءة من كل فعل وعمل قبيح وسيء ، كما إنها مناسبة لتجديد العلاقة والعزم مع الله في بناء مجتمع الوحدة والتخلي عن كل ما يفرق بين أبناء الأمة وطوائفها ومذاهبها وأديانها ، ونحن أحوج مانكون إلى الوحدة في ظل هذا العالم الكبير المتغير المختلف الأطوار والمتعدد الإتجاهات ، وأملي في المخلصين من أبناء الأمة للعودة إلى الطريق الصحيح ونبذ العنف والإحتكام إلى العقل والحوار في كل قضايا الإنسان في حاضره و مستقبله .
إنها مناسبة نجدد التهنئة فيها لأبناء شعبنا العراقي الذي أنهكته الفتن والمؤامرات ، إن شعبنا يستحق منا كل خير ، ولقد أثبت لنا وللعالم أجمع إنه مع الخير ومع العدل ومع الحرية ومع السلام ، إنه مع الوحدة من غير تردد . إليه وإلى كل شعوب الأمة الإسلامية أجدد التحية والتهنئة بأيام الحج الأكبر ، داعياً ربي ان يعيد هذه الأيام على الجميع وهم ينعمون بكل خير وبكل سلام .
|
وكل عام وأنتم بخير
آية الله الشيخ الركابي
التاسع من ذي الحجة
|
لسنة 1431 هجرية
|