إمكانية
تحقيق
الوحدة
الواقعية جدير
بالذكر أن
المضمون
الواحدوي
للمشروع جاء
في التنزيل
الحكيم
بآيات واضحة
الدلالة
منها : قوله
تعالى : {
واعتصموا
بحبل الله
جميعاً
ولاتفرقوا } (
آل عمران /103 ) . قوله
تعالى : { إنما
المؤمنون
إخوة
فأصلحوا بين
اخويكم } (الحجرات
/10 ) . قوله
تعالى : {
والمؤمنون
والمؤمنات
بعضهم
أولياء بعض } (التوبة
/ 71 ) . قوله
تعالى : { يا
أيها الناس
إنا خلقناكم
من ذكر وأنثى
وجعلمناكم
شعوباً
وقبائل
لتعارفوا إن
أكرمكم عند
الله أتقاكم } (
الحجرات / 13 ) . فالتنزيل
الحيكم
حينما دعا
للوحدة ، دعا
إليها في
إطار
إمكانية
تحقيقها
واقعياً ،
لأنه لو
فرضنا تعذر
تحقيق
الوحدة
واقعياً ،
فإن الدعوة
إليها من قبل
التنزيل
تعُد عبثاً
ولغواً ،
وطبيعي أن
الدعوة
للوحدة في
لسان
التنزيل
إنما هي دعوة
واقعية
وليست
مثالية
أو طوباوية
كما يحلو
للبعض إن
يطلق عليها . ذلك لأن
التنزيل
الحكيم لا
يعلق دعواته
للمثل
والشعارات ،
لأنه لا
يتعامل مع
الحقيقة
بأنصاف
مشاعر ، كما
إن أرتباط
الأحكام
بموضوعاتها
ليس من قبيل
الأمور
المثالية ،
وليست هي من
قبيل حالات
الأنفصال
بين الذات
والموضوع
التي تشيع
النزعة
اللاإرادية
المناقضة
لقوانين
الطبيعة
وحركتها . إذن
فآيات
التنزيل
الحكيم تشير
إلى وجوب
التدبر
وإمعان
النظر من قبل
كل الفرق
الإسلامية ،
وهذه الآيات
فيها أمر
مشعر بوجوب
فهم معناها
فهماً
صحيحاً
وواقعياً .
فتبني
المشروع
الوحدوي من
الناحية
الواقعية من
قبل
المسلمين
يتطلب ؛
الحرص ،
والدقة ،
والأبتعاد
عن ألوان
المماطلة
والتزييف
والتضليل
والأحقيات
المزعومة .
وهذا الأمر
يدعو فقهاء
الأمة
الإسلامية
إلى إعادة
النظر في
معنى تلك
الآيات ،
وتوجيه
مدلولها بما
يخدم وحدة
الهدف ووحدة
المضمون
ووحدة
السياق ، وكل
هذا يأتي من
أجل تحقيق
هدف الدعوة
الألهية بما
يتناسب وحجم
الوحدة
ومحتواها
الموضوعي
الفعلي . فالمشروع
الوحدوي
ممكن في حدّ
ذاته ، أعني
ليس
مستحيلاً ،
فالتنزيل
الحكيم في
دعوته إلى
تبني
المشروع
إنما ينطلق
من واقع عقلي
ووجداني ،
يعكس الصلة
المتبادلة
الواجب
ممارستها
بين
المسلمين
كحد أدنى . وهي
ليست دعوة
رومانسية
منطلقة من
مخيال قصصي
حكواتي ، بل
هي تعبير عن
حاجة
إجتماعية
ذاتية
شعورية ، وهي
من متطلبات
العقل
العملي
والصريح وهي
تأكيد إلهي
يستهدف نفي
اللامنطقية
والسلبية
والحزبية
المغرقة في
الفوضى . ولما
كان محتوى
الخطاب
ولغته
يدعوان لرفع
حالة
التناقض
والكراهية
والعدوان ،
التي تحدث في
المجتمع
الإسلامي
على أثر
عوامل
سيكيولوجية
وسيسولوجية
متعددة ،
لذلك
فالخطاب
الوحدوي في
التنزيل جاء
بمثاتة
القانون
الذي يتصدى
لرفع هذه
الأختناقات
والتناقضات
ويدفع
بالمجموع
للتمسك
بالجانب
الموضوعي
الأكثر
أتصالاً
بالوجود
المادي
والمتمثل
بالحب
والتعاون
والتكافل . وهذه هي
الأصول
المنطقية
التي تبني
الحياة
والوعي
الإجتماعي
والحضاري ،
وهي بذاتها
عوامل تؤدي
إلى تطوير
الجانب
المدني
والعمراني
في الحضارة
وأسسها
ودعائمها
ونبوغها
وتطورها . وبتعبير
أدق : يمكن
الأستفادة
من آيات
التنزيل
الحكيم
المتقدمة
الذكر ، بأن
الإسلام
يعتبر
الأخوة هي
الأصل
الأولي فيه ،
وهو الموجب
لآزالة كل
أنواع
التعددية
السلبية
والخلاف ،
لأنها عوارض
خارجية
طارئة
وعوامل
إجتماعية
إستثنائية .
وهذا الأصل
يولد عندنا
قاعدة كلية
تقول : (
المسلمون
ـــ بحسب
مقتضى الحكم
السابق )
مكلفون
شرعاً
بالعمل لرفع
ودفع تلك
العوارض ،
وتطبيق
الأصل
الأولي في
الإسلام ،
ألا وهو
الأخوة
الإيمانية
بين
المسلمين
كافة ) . *** الاجتهاد
الشجاع
ضرورة
إنسانية لعل ثمة
عوامل
سيكيولوجية
وجدت من قبيل
التعصب
الأعمى
والأنقباض
والتراجع
والرؤية
السطحية .
ولقد كان
لهذه
العوامل
دورها
الفاعل في
إيجاد
المناخ
المناسب
للخلاف
والتمزق في
وحدة الصف
الإسلامي ،
حتى لقد أدت
هذه الأجواء
إلى سيادة
النزعة
العدوانية
والنظريات
الحاقدة
والتحامل
المقصود .
ولعل
التاريخ
يسجل لنا
جملة وآراء
وأحكام
ساهمت في
تفتيت وحدة
الصف .
والأختلاف
الدائر
اليوم هو
إنعكاس
للإختلاف
التاريخي
حول قضية
الإمامة
والخلافة ،
التي هي
بالأساس
قضية
إجتهادية
سلوكية ،
ولكن بعض
الأنتهازيين
وأصحاب
المصالح
جعلوا من
قضية
الإمامة
أصلاً
إعتقادياً
مما يجعل
الأختلاف في
مجال
العقيدة
وليس في مجال
الشريعة ، مع
أن الأمر ليس
كذلك كما
لايخفى على
أهله ، ولمن
لهم إطلاع
وثقافة
بتاريخية
الأصول
الأعتقدية
والسلوكية ،
فالأختلاف
هو في
المسائل
الأجتهادية
والوظائف
الشرعية ،
وليس في
مسائل
التوحيد
والنبوة
والمعاد ، أي
ليس في
المسائل
الأعتقادية
والفكرية . من أجل
هذا كان
لزاماً على
جميع
المختصين من
رجال الفكر
والعلم ، أن
يعملوا على
إيجاد أقصى
درجات الوعي
الجماهيري
لردم هوة
الأختلاف
حفظاً
للمشروع
الوحدوي . إن مجرد
التفكير
الصحيح
والنزوع نحو
الأرادة
الخيّرة
والحكم
الموضوعي
يولد عندنا
نتائج
إيجابية تتعلق
بمقومات
المشروع
الوحدوي
وشروطه
الموضوعية . ولاريب
أن ذلك يحتاج
إلى فتوى
شجاعة
واجتهاد
شجاع من
فقهاء الأمة
يكون جواباً
للسؤال
المطروح
والقائل ؛ هل
إن عمل الفرد
المسلم
السني أو
الشيعي ، حسب
التكاليف
الشرعية
إجتهاداً أو
تقليداً ،
مجزي ومبرئ
للذمة عند
الله أم لا ؟ والإجابة
عن هذا
السؤال ستحل
الأشكالية ،
التي تواجه
المشروع في
الصميم ومن
الواقع .
ويعتبر
فضيلة سماحة
الشيخ
الأكبر
محمود شلتوت
ــ شيخ
الأزهر سنة
1378هجرية ــ
أحد أبرز
الفقهاء
المسلمين ،
وأكثرهم
أهتماماً
بقضايا
الوحدة ، وقد
عمل
لتطبيقها في
الواقع بكل
الوسائل ،
حتى كانت
فتواه
الشهيرة أحد
أبرز سمات
ذلك العصر
وأكثرها
تحديداً
لهوية
المسلم
الغيور على
دينه وأمته . لقد
كانت فتوى
الشيخ
الأكبر ـــ
رحمه الله
ـــ على قدر
كبير من
الشجاعة
والواقعية ،
لأنها أحتوت
على عناصر
إيجابية
قوية وهامة
في تدعيم
وعقلنة
مسألة
الوحدة ،
وهذه
العناصر
عبارة عن : أولاً :
ليس كل مسلم
ملزماً
باتباع أحد
المذاهب
الفقهية
الأربعة :
الحنفي ،
الشافعي ،
المالكي ،
الحنبلي . بل
أنه حرّ في
إختياره
للمذهب الذي
يناسبه . وثانياً
: الأنتقال من
مذهب فقهي
إلى مذهب
فقهي آخر
جائز ولا
إشكال فيه . وثالثاً
: كل مسلم سواء
أكان سنياً
أم غيره فإنه
يستطيع
العمل وفق
فقه الشيعة
الإمامية . وقد
أمضى الشيخ
الأكبر
محمود شلتوت
ــ رحمه الله
ــــ هذه
الفتوى
الشجاعة
بنفسه ، حين
كان شيخاً
للأزهر في
وقتها
وبعثها إلى
مسؤول دار
التقريب بين
المذاهب
الإسلامية
في القاهرة ،
وكتب تحت
فتواه هذه
العبارة : ( يسرني
أن أبعث إلى
سماحتكم
بصورة موقع
فيها
بإمضائي من
الفتوى التي
أصدرتها في
شأن جواز
التعبد
بمذهب
الشيعة
الإمامية
راجياً أن
تحفظوها في
سجلات دار
التقريب بين
المذاهب
الإسلامية ) . *** |
|
|
|