في
ظلال آية
المودة –
الحلقة
الرابعة –
من
خلال الشرح
والتحليل
الذي قدمناه
للأخبار تبين
لنا : إن دلالة
آية المودة
على المعنى
الخاص بأهل
البيت هو مجرد
زعم لا يستند
إلى دليل منطقي
وعلمي ، وإن
الأخبار التي
جيء بها في
هذا المجال
غير صحيحة من
جهتي السند
والدلالة ،
ولهذا لا
يمكننا
الإعتماد
عليها في هذه
المسألة ،
ذلك لأن الخبر
مهما علا لن
يكون حاكماً
أو حجةً على
كتاب الله . والأخبار
التي حُكي
عنها في هذا
المجال لا
تمثل سوى ذلك
الواقع
السلبي من
التدافع بين
السنة
والشيعة ،
والذي كان من
لوازمه صناعة
الأخبار
وروايتها
ونسبتها إلى
النبي وأهل
بيته ، من أجل
التأثير
النفسي
والذهني على
عقل السامع
وضميره ، كي
يستجيب لها
ولا يجادل أو
يحاور ، هي
إذن عملية
نفسية تستهدف
أرباك
المتلقي
ودفعه
للتصديق
والإيمان من
دون رد ونقد . وجدنا
هذا التدافع واضحاً
في سردية
الخبر الثالث
الذي رواه
إسماعيل بن
عبدالخالق عن
الإمام
الصادق ،
والذي كان
يسأل فيه
الإمام
الصادق عن
أهل البصرة
وماذا يقولون
في آية
المودة ؟ ،
فقال له : إنهم
يقولون إنها
في قرابة رسول
الله !! ، قال :
كذبوا بل هي
فينا خاصةً !!!
، هذا الشكل من
الحوار هو
الذي قلنا عنه
إنه يمثل
طبيعة الواقع
السيء لذلك
التدافع
السلبي بين
السنة
والشيعة ،
فالحوار في
الخبر لا
يتحدث عن صحة
المقولة من
حيث موافقتها
للكتاب
المجيد أو لا ،
بل إنه يتحدث
في صيغة
الكلام
السياسي عن
الأحقية وهذا
الذي نقول عنه
إنه تحميل
للكتاب
المجيد ما لا
يحتمل . ثم
لماذا أهل
البصرة
بالذات ؟ ، هذا
السؤال
يقودنا
للتعرف على
طبيعة الواقع
الزماني
والمكاني
الذي كانت
تسود فيه هذه الآراء
المتباينة
والمتناقضة ،
ففي البصرة كان
هناك الحسن
البصري الذي
كان يمثل
الرأي الأخر ،
ورأيه في معنى
القربى في آية
المودة معروفا
، من هنا كان
الرد عليه
يجري في
السياق
المعارض له . وقد
أثبتنا في
الحلقة
الماضية
بطلان ذلك ، من
خلال القول :
بان تخصيص آية
المودة بأهل
البيت لا دليل
عليه ، وإنما
هو مجرد رأي
شخصي ، وهو في
أحسن الأحوال :
مجرد كلام
سياسي ليس
علمي و لا ديني
، أو قل إنه
إتجاه في
الفكر يميل
إليه في
العادة قليلي
المعرفة
والتحقيق . ولكنهم
مع الأسف
يصنعون من هذا
الإتجاه
مذهباً
وفكراً ، وإن
دل هذا على شيء
فإنما يدل على
التهاون في
الحق والسكوت
عنه وعدم
الإستماع
لصوت العقل ،
وهذا السلوك
اللامنطقي
منتشر وسائد
في الأوساط
الدينية
والحوزويه ،
تلك الأوساط
التي قلما نجد
فيها من ينادي
بالعقل ويتمسك
به ومن يدافع
عن الدليل
العلمي
ويعتمد عليه
. ومنذ
زمن ونحن
ننادي بوجوب
التصحيح
والإصلاح ،
ومنذ زمن ونحن
مع كل خطوة في
هذا المجال ،
وهدفنا هو
إظهار الحق من
خلال
الإعتماد على
العقل وعلى
الدليل
العلمي ،
وكان شعارنا
دائماً لا خوف
على العلم
لأن العلم يحيا
بالنقد والرد
، فالعلم النافع
هو العلم
القائم على
الدليل ،
ولايكون
الدليل
دليلاً من غير
التثبت منه
ومن صحته ،
يأتي هذا من
خلال النقد والرد
الموضوعيين . ·
* * * روى
الحميري في
قرب الإسناد بإسناده
إلى أبي
عبدالله
الصادق عن
آبائه إنه قال
: لما نزلت هذه
الآية على
رسول الله ( قل
لا أسألكم
عليه أجراً
إلاّ المودة
في القربى )
قام رسول الله
فقال : أيها
الناس !! إن
الله تبارك
وتعالى قد فرض
ليّ عليكم
فرضاً فهل
أنتم مؤدوه ؟
قال : فلم يجبه
أحد منهم ،
فأنصرف فلما
كان من الغد ،
قام فيهم
فقال مثل ذلك ،
ثم قام فيهم
مثل ذلك في
اليوم الثالث
فلم يتكلم أحد
، فقال : أيها
الناس ! إنه
ليس من ذهب ولا
فضة ولا مطعم
ولا مشرب ،
قالوا : فالقه
إذاً قال : إن
الله تبارك
وتعالى أنزل
عليّ ( قل لا
أسألكم عليه
أجراً إلاّ
المودة في
القربى )
فقالوا : أما
هذه فنعم - نور
الثقلين ج4 ص 570
الخبر رقم 59 ... في
هذه الحكايه نحن
أمام جملة
مسائل منها : أولا
ً : يظهر من
خطاب الحكاية
هذه إنها كانت
في مكة وتخاطب
كفار قريش
ومن معهم من
المشركين ، نجد
هذا في طبيعة
ونوع اللامبالات
وعدم
الإهتمام بما
سيقوله
الرسول لهم أو
بما سيطلبه
منهم حتى
تكرر القول
منه في ثلاثة
أيام متوالية
، إلى أن قال
لهم : إنه ليس
من ذهب ولا فضة
ولا مطعم ولا
مشرب !! أجابوه
هنا فقط ، وقالوا
له في صفاقة
وعدم تأدوب :
ألقه !!! ، ومن
طبيعة
الجواب أو
الرد منهم
نفهم : إن لغة
الخطاب هذه لا
تصح من
المؤمنين به
من المهاجرين
والأنصار في
المدينة . وثانياً
: إن هذا
الصلف وعدم
الإهتمام لا
يأتي في
العادة من
الأتباع
والمؤمنين ، بل
يأتي من
المعاندين
والمخالفين
وهذا دليل
مضاف يؤكد على
أن الآية إنما
نزلت في مكة . وثالثاً
: إن الجواب
منهم لم يأت
إلاّ من بعد
ثلاثة أيام ومن
بعد ان تأكدوا
إنه ليس طلباً
مادياً ،
وهذا ينسجم مع
طبيعة وروح
كفار قريش ،
ونفس الجواب
أو قل نفس
الطبيعة في
التراخي وعدم
الإهتمام ،
كانت حاظرة من
كفار قريش
حينما دعاهم
للإيمان
بالله كما في
قوله تعالى : -
وأنذر عشيرتك
الأقربين - فقال
أبو لهب وهو
منهم : إنما هو
رجل مسحور ،
ولم يجيبوه
حتى كان من
اليوم التالي
، أنظر
تفسير قوله (
وأنذر عشيرتك
الأقربين ) في مجمع
البيان تفسير
سورة الشعراء
الآية 214 - .. ورابعاً
: ثم إنهم كما
قلنا لم
يجيبوه إلاّ
من بعد
ماعلموا إنه
لا يطلب في ذلك
أجراً ، ولعل
سورة الطور
أشارة إلى هذا
المعنى بقوله :
- أم تسألهم
أجراً فهم من
مغرم مثقلون -
الطور 40 .. وخامساً
: في آية
المودة كان
الكلام مع
كفار قريش حول
مفهوم الأجر
على الرسالة ،
ولهذا قال لهم
إني لا أطلب
مالاً بل
أدعوكم
للإيمان بهذه
الرسالة
وبمراعاة حق
القرابة
بيننا . ولكن
المثير إنه
جاء في ذيل
الرواية هذه
، إن الإمام
الصادق قال : -
فوالله ما وفى
بها إلاّ سبعة
نفر : سلمان
وابوذر وعمار
والمقداد بن
الأسود
الكندي وجابر
بن عبدالله
الأنصاري
ومولى لرسول
الله يُقال له
الثبت وزيد بن
الأرقم - وظاهر
الضمير في لفظ
- بها - يعود
على الآية ، أي
لم يؤمن بهذه
الآية إلاّ
سبعة نفر ،
ولو أفترضنا
صحة هذا القول
فيعني ذلك : إنه
لم يؤمن بهذه
الآية إلاّ
سبعة نفر من
مجموع
الأصحاب
والتابعين !!!! ،
أعني لا يوجد
من المسلمين
غير هؤلاء السبعة
الخُلص الذين
أمنوا بهذه
الآية وعملوا
بها !! ، وهذا
كلام غير
منطقي وغير
معقول ومخالف
لصريح الكتاب
المجيد
ولواقع الحال
، ذلك لأن في
جيش الصحابة
الكثير
والكثير جدا
كانوا من
المخلصين
المؤمنين
والقريبين من
أهل البيت :
كسهل بن حنيف
وعثمان بن
حنيف وخزيمة
بن ثابت ذو
الشهادتين
وسعد بن معاذ
ومعاذ بن جبل
وحذيفة بن
اليمان
وابوسعيد
الخدري
وغيرهم
وغيرهم
الكثير
الكثير ، من
هنا لا يستقيم
القول : إنه لم
يؤمن بهذه
الآية ولم
يعمل
بمضمونها
إلاّ هؤلاء
السبعة ، من
بين هذا الجيش
العظيم من
الصحابة والتابعين
، وبما إن هذا
القول غريب ،
فالظن الغالب
عندي : إنه
مجرد زيادة لا
حقه جيء بها
للتكملة من
غير لزوم ولا
ضرورة ، ولذلك
فهي زيادة باطلة
ومخلة وهي سبب
في نقض هذه
الرواية
وإخراجها من
الإعتبار .. وفي
الختام :
لابد من
التنويه
والتذكير بان
هذا البحث ليس
سوى قراءة في
الكتاب
المجيد ، جئنا
بها لتثبيت حق
أهل البيت المنطقي
والواقعي
وليس
الإتراضي
والظني الحق
الصحيح
الصادق ،
ولذلك نحن من
ينشر ويروج
لذلك الخبر المتواتر
الصحيح والذي
قال فيه النبي
: - مثل أهل بيتي
كمثل سفينة
نوح من ركبها
نجا ومن تخلف
عنها غرق -
وهذا الخبر
بكل وضوح
يدعوا للركوب
في هذه
السفينة
واللحاق بها
ففيها النجاة
من بحر الفتن
والفوضى
والفساد
والإنحراف ...
|