في ظلال
آية المودة - الحلقة
الثالثة – سنواصل في
هذه الحلقة
بحثنا الذي
بدأناه في
الحلقة
الثانية عن
الأخبار
وصحتها
ودلالتها ،
وماهي نقط
الضعف فيها
بحيث لا تكون
حجة أو حاكمة
على الكتاب
المجيد ونقول
: الخبر
الثاني : في
المحاسن
للبرقي عن
عبدالله بن
عجلان قال : -
سألت أباجعفر
عليه السلام
عن قول الله -
قل لا أسألكم
عليه أجرا
إلاّ المودة
في القربى -
قال هم الأئمة
- نور الثقاين
ج4 ص 571 الخبر رقم
64 - . والخبر هذا
غير صحيح
وساقط من
الإعتبار
للأسباب
التالية : أولاً : إن
ضمير الجمع -
هم - في الخبر
لا يعود على
احد ، ذلك
لأن كلمة -
القربى - تعني
- القرابة -
وكلمة - في
القربى - تعني
- في القرابة
أو بسبب
القرابة -
، ولو جاء لفظ
- ذوي - في
النص لكان
الضمير - هم -
يعود إليه ،
وبما إن الأمر
ليس كذلك
فيكون وجود -
هم - لا معنى
له في الأصل ،
لكن البعض قدر
وجود لفظ –
ذوي في النص –
لوجود الضمير -
هم - في الخبر
، وهذا
التقدير كما
قلنا غير صحيح
من وجهين : الأول : كون
التقدير -
بذوي - مخالف
للأصل
وللضرورة . والثاني : كون
التقدير -
بذوي - مخالف
للظاهر ،
والكتاب ورد
فيه ما يفيد
لفظ ذوي في
مواضع عدة فلاحاجة
للتقدير لذلك
، و النص لو
قال - في ذوي
القربى - لما
كان ذلك مُخلٌ
في النسق
اللغوي
والبناء
الصحيح
للجملة . وثانياً :
ولو أفترضنا
صحة تقدير لفظ
- ذوي – في
الآية ،
وعندها
لايكون معنى
لإختصاص
الآية بأهل
البيت ، بدليل
كون لفظ ذوي
شامل لكل
قرابة النبي
من جهة السبب ،
ويدخل في ذلك
حتى أبو لهب
وأبناءه ،
وبالتالي
يخرج
الإختصاص في
الآية الذي
يريده البعض ،
فيكون
التقدير بذوي
القربى غير
صحيح ، وهذا
ما ذهب إليه
الشيخ المفيد
أيضاً ، حين
نفى كون أجر
الرسالة
متعلق بمودة أهل
البيت ومحبتهم
. وثالثاً :
ولو أفترضنا
صحة تقدير لفظ
- ذوي - في
الآية ،
وكونها دالة
على أئمة أهل
البيت ، فهذا
الإختصاص غير
صحيح أيضاً ،
لأنه سيخرج
فاطمة
الزهراء
وزينب
والعباس بن
علي من هذه
الآية ، وهذا
ما لايقبله
جماعة الأخباريين
وأتباعهم ، ثم
إن إضافة - هم
- للخبر كما
هي زائدة
ومُخلة وغير
ذات معنى ، وهي
لذلك لاتكون
شاهدا ودليلا
على ما قاله الصدوق
في دعوى الأجر
على الرسالة
بمحبة أهل بيت
النبي .. الخبر
الثالث : الخبر
الذي رواه
الكافي في
الروضة عن
إسماعيل بن
عبدالخالق
قال ، قال
الإمام
الصادق : ما
يقول أهل
البصرة في هذه
الآية - قل لا
أسألكم عليه
أجراً إلاّ
المودة في
القربى - قلت :
إنهم يقولون :
إنها لأقارب
رسول الله ،
قال : كذبوا
إنما نزلت
فينا خاصةً
أهل البيت في
علي وفاطمة
والحسن
والحسين
أصحاب الكساء -
نور الثقلين ج4
ص 571 الخبر رقم 65 -
. هذا الخبر
كسابقه قدر
وجود لفظ -
ذوي - في قوله -
في القربى -
وهذا التقدير
غير صحيح من
وجهين : الوجه الأول
: قلنا إن
التقدير ب -
ذوي - هو خلاف
للأصل
وللضرورة ،
وهذا يعني إن
التقدير لا بد
له من ضرورة
وحاجة تستلزم
ولا حاجة ولا
ضرورة في
البين تستدعي
ذلك ، لأن آية
المودة من
حيث هي دالة
على معناها من
غير لزوم
للتقدير
المفترض هذا . والوجه
الثاني : إن
التقدير بلفظ -
ذوي – هو
مخالفة
للكتاب
المجيد في
دلالته وفي
إستعماله ،
كما إن العدول
عن جملة - في
القربى -
لصالح
التقدير
المزعوم - في
ذوي القربى -
تقدير في غير
محله ، بل هو
تحميل للنص ما
لايحتمل مع
صحة لفظ - في
القربى -
وصحة معناه . هذا من جهة
ومن جهة ثانية
، ولو أفترضنا
صحة التقدير
بلفظ - ذوي
القربى - فهذا
التقدير لا
يستلزم الحصر
بأهل البيت ،
بل سيكون
المعنى عاماً
شاملاً لكل من
له نسب قرابة
بالنبي بما في
ذلك أبو لهب
وأبناءه ،
ولو كان النص
يريد معنى
الخصوص في أهل
البيت
المحددين ،
لكان ذلك موجب
للقول - إلاّ
المودة في أهل
بيتي - ، ولو
قال ذلك فلا
مانع من ذلك من
جهة البناء
اللغوي
والمبنائي ،
لهذا يجب أن
يكون الكلام
علمي ودقيق
وتام كي لا
نحمل الكتاب
مالايحتمل . ولو كان
المراد
بالخبر خصوص -
علي وفاطمة
والحسن
والحسين
أصحاب الكساء
- ، فهذا
التخصيص
لازمه إخراج
باقي الأئمة
منه وهذا ما
لايلتزم به
جماعة
الأخباريين
. وبما إن
الآية مكية
وقد نزلت قبل
الهجرة ، أي
إنه لم يكن قد
ولد الحسن
والحسين بعد
كما لم يتزوج علي
بفاطمة بعد ،
ولا نتصور أن
تنزل الآية
قبل ولادت
وزواج علي إن
كان المقصود
بهم هؤلاء
حصراً ، إن هذا
الخبر لا يعتد
به في مجال
الإستدلال على
أجر النبي من
رسالته بمحبة
أهل البيت .. الخبر
الرابع :
مارواه
الطبرسي في
مجمع البيان
عن أبن عباس
إنه قال : - لما
نزلت ( قل لا
أسألكم عليه
أجراً إلاّ
المودة في
القربى )
قالوا : يارسول
الله ، من
هؤلاء الذين
أمرنا الله
بمودتهم ؟
قال : علي
وفاطمة
وولداها - . قلنا سابقاً
: إن هذه الآية
مكية بإتفاق
المفسرين ،
وإن أبن عباس
راوي هذا
الخبر لم يكن
قد وُلد بعد
، أو إنه ولد لكنه
ولد قبل
الهجرة بقليل
كما في السير
، ولا يعقل أن
يكون راوي هذا
الخبر طفل
صغير لم يفهم
ولم يعي بعد
، كما إن هذا
الخبر لم يقل
لنا عمن رواه
أبن عباس من
الصحابه
الأخرين ، أي
إن في الخبر
سقط وإرسال
وفي هذه
الحالة يكون
هذا الخبر
مرسلا لا
يعتد به ولا
يعتمد عليه في
تأسيس وبناء
أو تفسير نص أو
آية في كتاب
الله . ثم إن وجود
لفظ - هؤلاء -
في الخبر لا
معنى له ،
بدليل إن هذا
اللفظ لا وجود
له ولا إشارة
له في الآية ،
كما إن الآية
لا تدل على
الجماعة في
المفهوم حتى
يُقال إنها
تشير إلى -
هؤلاء - ، أضف
إلى هذا إن
لفظ - في
القربى - دال
على معنى - في
القرابة أو
بسبب القرابة -
ولا يوجد
مايشير إلى
ضمير الجمع - هؤلاء
- فيه ، نعم إن
لفظ - هؤلاء -
ورد منهم
بعدما قدروا
لفظ - ذوي - في
الجملة ،
ليكون - هؤلاء
- إشارة إلى
ذوي المقدرة
، ولكن : التقدير
المفترض هذا
غير صحيح
لمخالفتة
للأصل
وللضرورة
كذلك
ولمخالفته
للمعنى
الصحيح
والواضح
لظاهر الكتاب
كما بينا . أضف إلى هذا
قال الخبر -
أمرنا الله
بمودتهم - و
المودة كما
قلن شأن قلبي
لا أمر تكليفي
بحيث تخضع
للأوامر أو
تتعلق بها ،
كما لا يمكننا
القول إن الله
أمرنا بمودة
ذوي القربى ،
لأن ذلك
يستدعي أن
يكون هذا
الأمر منه
ترجيح للخبر
على الكتاب
وهذا توهين
للكتاب لا
نقبله . ثم لننظر في
جواب السؤال
قوله - من
هؤلاء الذين
أمرنا الله
بمودتهم ؟
قال : علي
وفاطمة
وولداها !! -
وهذا الجواب
لازمه
التقدير بذوي
الذي رفضناه
للمخالفة
ولعدم
الضرورة ، لأن
لفظ ذوي
لازمه أن يشمل
كل من يرتبط
بالنبي بسبب
القرابة !!! ،
مع إن الجواب
يحصر ذلك بعلي
وفاطمة
وولداها ،
وهذا التخصيص
مستهجن في
لسان العرب
ومخالف
للبلاغة
وتوهين
للكتاب في
مقابل الخبر ،
وللتذكير
نقول : الآية
مكية فكيف
يكون الخطاب
فيها لعلي
وفاطمة
وولداها مع إن
علي وفاطمة لم
يتزوجا بعد !!
، وبما إن
الآية مكية
والخطاب فيها
لكفار قريش ،
فلا يعقل
لهؤلاء
الكفار أن
يقولوا
للرسول ، من
هؤلاء الذين
أمرنا الله
بمودتهم ؟ كل
هذا التناقض
يسقط الخبر من
الإعتبار
والأهمية .. الخبر
الخامس : ما
رواه الطبرسي
في المجمع
أيضاً عن
الإمام الحسن
المجتبى قوله -
خطب الناس
فقال في خطبة :
أنا من أهل
البيت الذين
أفترض الله
مودتهم على كل
مسلم ، فقال : (
قل لا أسألكم
عليه أجراً
إلاّ المودة
في القربى ) -
نور الثقلين ج4
ص 572 الخبر رقم 71 . هذه الخطبة
أو هذا الخبر
لا سند له ولا
سند لها ،
والخبر الذي
لا سند له لا
حجية له ولا
يعتد به ، والخبر
الساقط من
الإعتبار
لايمكن تفسير
آيات الكتاب
بموجبه ، لأن
ذلك توهين
وتضعيف
للكتاب
وأهميته ، ثم
إن الخبر قال –
مودتهم -
وضمير الجمع (
هم ) فيها دال
على أن
التقدير -
بذوي - هو
الذي دعا
لضمير الجمع
هذا ، وكنا قد
أبطلنا
الإستدلال
بهذا التقدير
فلا نعيد . ثم لو
أفترضنا صحة
التقدير -
بذوي - فلماذا
لم يقل : أنا
من ذوي القربى
الذين أفترض ...
وقال : أنا من
أهل البيت ..
ذلك لأن ذوي لا
تنحصر بأهل
البيت فقط بل
ترتبط بكل
قرابة نسبية
للنبي ، وتخصيص
أهل البيت من
ذوي مستهجن في
لغة العرب
وبلاغة
الكتاب . ثم إن
الخبر يقول :
أفترض الله
مودتهم !! ،
فإذا كان
المقصود بذلك
هو المودة
القلبية ، فهذه
أيضاً لا تكون
واجبة بالأمر
لأنها شأن
قلبي محض ، ولو
كان المقصود
بمودتهم دون
العالمين
فهذا
الإختصاص
مرفوض لأنه
مخالف لعموم
قوله -
والمؤمنون
والمؤمنات
بعضهم أولياء
بعض - ولا
خصوصية في ذلك
لأهل البيت ،
ثم إن الفرض
المزعوم
يستدعي
التقدير بذوي
، وذوي لفظ عام
يشمل جميع
أقرباء النبي
من غير
إستثناء ،
وذوي في
التقدير لا
تستوجب
المودة ،
والحق إنه ليس
في كل هذه
الأحوال ما
يدل على إن
الخطاب هو
كذلك ، حتى
يمكننا إثبات
صحة الخبر ،
ومادام
الخطاب في
الآية غير
واضح لهذه
الدرجة
فلاضرورة
موجبة تستلزم
التقدير
والإدخال
المتعمد
المخالف
للظاهر . وعليه فلا
يصح إعتبار
ضمير - كُم -
في ( لا أسألكم
) دال على
مخاطبة
المسلمين لأن
الآية نزلت في
مكة وقد
أثبتنا ذلك في
الحلقات
الماضية
فلانعيد ، وإن
الخطاب فيها
للكفار من
قريش ، لهذا
يكون هذا
الخبر بمجمله
غير مقبول في
الإستدلال أو
التدليل على
مودة أهل
البيت .... يتبع
|
|