3
– الغلو الحلقة
الثانية في
الحلقة
الماضية كنا
قد عرفنا
الغلو لغةً
وإصطلاحاً ،
وها نحن اليوم
ندخل في أبواب
ومفاهيم
الغلو ، أين
وكيف ؟ ، وبما
إننا قلنا : إن
الغلو هو
ظاهرة غير
طبيعية ناتجة
عن خلل في
الفكر وفي
المتبنيات
الفكرية
والسلوكية ،
لهذا ربطنا
هذا الخلل في
الفكر بما
ينتج عنه وما
يؤدي إليه ،
وحين يكون
الخلل في
الفهم فإننا
نعتبر ذلك
إبتعاد عن
الحقيقة
والركون إلى
الوهم
والإنبهار
بكل ماهو غير
منطقي وعقلي ،
طبيعي إن
للغلو أسباب
وطبيعي أن
تكون له نتائج
وآثار ، لكننا
نعتبرالغلو
مرتبط
: 1 - نتيجة
و سبب لما هو
متراكم في
الذهن من
أفكار غير
صحيحة للدين
وللحياة ،
فآثار أهل
الديانات من
الملل والنحل
الذين سبقونا
لهم دور فيما
نحن بصدده . 2 - كذلك
هو مرتبط
بالفعل
السياسي
وبالحراك
السياسي
كالذي نشاهده
من الفرق
والأحزاب
والطوائف
وكيف تعظم
زعمائها
وقادتها
سابغين عليهم
كل فضل وفضيلة
، يأتي هذا في
سياق البحث عن
الهيمنة
والنفوذ
والتسلط ، وهي
ومن أجل هذا
تتبنى كل ماهو
غير واقعي ،
لكن القصد منه
حرف الأنظار
والعقول . 3 - كذلك
يكون الغلو
تعبير عن الذم
كرهاً وقدحاً
، فهو من معاني
الأضداد ،
يجري في المدح
كما يجري في
الذم . 4 - ويرتبط
الغلو بالجهل
وبالتزييف
الذي يعمد على
إتباعه بعض
رجال الدين ،
يروي السيوطي
في الدر
المنثور عن
محمد بن كعب
إنه قال : لما
رفع الله عيسى
أبن مريم
أجتمع من
علماء بني
إسرائيل مائة
رجل ، ثم
أختاروا
أربعة منهم
للنظر في أمر
عيسى ، وقالوا
: ما تقولون في
عيسى ؟ فقال
رجل منهم : هو -
الله - كان في
الأرض ما بدا
له ثم صعد إلى
السماء حين
بدا له . وقال
الآخر : هو أبن
الله . وقال
الآخر : إنه
عبد الله
وروحه وكلمته
ألقاها إلى
مريم . قال
فخرجوا على
الناس ،
فقالوا لرجل
منهم : ماذا
قلت ؟ قال : قلت
هو الله ، وقال
ألاخر : إنه
أبن الله ،
وقال الثالث :
هو عبد الله
وكلمته وروح
منه - الدر
المنثور
تفسير النص 72 - ... في هذه
الحكاية
نلتقي بصنف من
البشر لديه
القابلية
ولديه القدرة
على تزييف
الحقيقة ، هذا
التزييف
أساسه
ومستنده
الجهل
والتضليل ،
وقيل : بل إن
هذا التزييف
أساسه الحب
الذي يخرج عن
الحد ولا
يلتزم
بالناموس
والقدر
الطبيعي ،
لكنا نعلم إن
الله حين أرسل
الأنبياء
والرسل كان له
هدف وغاية
أساسها تحرير
العقل
وتنويره لكي
يبتعد عن
الخرافة
والتضليل ،
وتحرير العقل
عند الله
يرتبط بتحرير
أدوات
المعرفة
لتكون فاعلة
وكاشفة
وقادرة بيسر
وسهولة الكشف
على الحكم
وهداية الناس
إليه
. وظاهرة
الغلو أصابت
كل أجزاء
وحياة
المجتمع
الإسلامي لدى
السنة
والشيعة على
السواء ،
فهؤلاء أتباع
ومريدين
الإمام أبو
حنيفة قالوا
فيه وفي حقه
مازاد في
الوصف
والتعبير عن
الأنبياء
وفضائلهم
وكراماتهم :
وأبوحنيفة [ هو
النعمان بن
ثابت بن
زُوِطي - بضم
الزاء وفتح
الطاء -
والزوطي هذا
رجل من أهل
كابل وقع
أسيراً حين
فتحت كابل ، ثم
إشتراه رجل من
تيم وأعتقه ،
وأما ثابت
والد النعمان
فلم يذكر عنه
شيء في كتب
التاريخ ، وقد
أُختلف في محل
ولادته فقيل
في ترمذ وقيل
في نسا وقيل في
الأنبار وقيل
في الكوفة ] ،
نعم قيل فيه
وفي حقه مدحاً
وذماً ما لا
يقال في أحد ،
كقولهم : إنه
كان يُعلم
الخضر أحكام
الدين في
حياته ومن بعد
مماته !!!!! . مع إننا
نعلم إن الخضر
الوارد ذكره
وصفاً في سورة
الكهف كان
يعلم موسى
النبي أنظر
النصوص من 65
إلى 82 من سورة
الكهف ، ونحن
نعلم إن موسى
نبي وإنه كان
من أولي العزم
، ومع ذلك كان
لا يعلم
الكثير من
الأشياء
والنصوص التي
أشرنا إليها
تحدثنا عن ذلك
، لكننا في
رواية أبي
زهرة صاحب
كتاب الإمام
الصادق
والمذاهب
الأربعة ج1 ص 299 ،
نلتقي بحكاية
مختلفة
وملفقة وغير
منطقية يكون
فيها
أبوحنيفة
معلماً للخضر
!!!!! ، هذا
التسويق لهذه
القصص كان
يُراد منه
تزييف
الحقيقة في
عقول
المريدين ،
إنه الغلو
الناتج عن
الجهل و الحب
الأعمى الذي
لا يستند ولا
يقوم على دليل . وفي نفس
هذا السياق من
التزييف روى
الخطيب
البغدادي في
تاريخه عن
محمد بن يزيد
عن سليمان بن
قيس عن أبان بن
أبي عياش عن
أنس عن النبي
إنه قال : -
سيأتي من بعدي
رجل يُقال له
النعمان بن ثابت
ويُكنى
أبوحنيفة
ليحيين دين
الله وسنتي
على يديه -
تاريخ بغداد ج2
ص 289
. وفي
تعليقه على
هذه الرواية
قال الخطيب
البغدادي : هذه
رواية باطلة
وكاذبة
ومزيفة ، ففي
سندها محمد بن
يزيد الذي قيل
في حقه إنه
متروك الحديث
، ولأن فيها
إيضاً سليمان
بن قيس وأبو
المعلى وهما
رجلين مجهولي
الحال ، وأما
أبان بن أبي
عياش فمتهم
بالكذب - قال
الذهبي في
ميزان
الإعتدال
وأبن حجر
العسقلاني في
تهذيب
التهذيب : إن
أبان بن أبي
عياش ضعيف
كذاب – . لاشك إن
الذين ينسبون
لأبي حنيفة
ماليس فيه ،
يحطون من قدره
ومنزلته
العلمية التي
هي عندنا محل
إحترام
وتقدير ، فهو
عالم جليل
ومجتهد فذ ،
لكن ماذا
عسانا أن نقول
لمن يعتبر إن
المسيح حين
ينزل من
السماء ويعود
إلى الأرض
سيتبع مذهب
أبي حنيفة ؟ ،
وماذا عسانا
نقول لمن أدعى
بأن أبوحنيفة
لم ينم طوال 40
سنة من عمره ،
وإنه كان يصلي
الفجر بوضوء
العشاء ؟ ،
وماذا عسانا
نقول لمن أدعى
إن أبوحنيفة
كان يكلم
البهائم
والأنعام ؟ ،
وماذا نقول
لمن أدعى بان
أبا حنيفة قد
ختم الكتاب
المجيد 70 الف
مرة وهو لم
يبارح مكانه ؟
!!!! ، و ماذا نقول
لمن قال : بان
الله قد ذكر
صفات
ابوحنيفة في
التوراة
مبشراً به
وبولادته ؟ ،
ماذا نقول
لهؤلاء ؟
ولماذا يدعون
ذلك ؟ ، لماذا
هذا الغلو
وعدم الإنصاف
؟ لماذا ؟ . وفي
مقابل هذا
الضخ من
الإدعاءات
والكذب
والتزييف
يقابله قدح
وذم خطير لا
ينم عن إيمان ،
فمرة أتهموه
بالزندقة
وفساد
العقيدة
والدين ، ومرة
نفوا عنه صفة
الإيمان
والإسلام ،
ومرة ثالثة
قالوا عنه قد
كفر مرتين ،
وبانه شر من
ولد في
الإسلام
!!!! هذا
الغلو في الحب
والكره أساسه
الجهل وعدم
الإنصاف
وتزييف
الحقايق
والإعتماد
على العاطفة
دون العلم
والعقل ... يتبع
|