2 - التوسل
التوسل :
من الوسيلة
والتي هي
السبب التي
بها يتم الطلب
والدعاء ، و
التوسل بمعنى
طلب الحصول
على المنفعة
ودفع المضرة
مباح وواجب
ولا خلاف عليه
ولا مانع منه ،
ولكن التوسل
حين يكون بغير
الله وعلى نحو
الإيمان
بقدرة
المتوسل به
على دفع الضرر
وتحقيق
المنفعة ،
فذلك الإيمان
هو الشرك
بالله ، لأنه
يستلزم أو هو
كذلك عدم
الإيمان
بالله
وبقدرته ، ومن
هنا فمن يدعوا
النبي ظاناً
به أو معتقداً
بقدرته على
جلب المنفعة
ودفع المضرة
واهم في
إيمانه وفي
إعتقاده ، لأن
ذلك يستلزم
الإيمان
بقدرة النبي
على تحقيق
المنفعة أو
دفع المضرة
وهذا باطل . والإيمان
بقدرة النبي
والأولياء
إعتقاد نماه
بعض رجال
الدين في عقول
و أذهان بعض
الناس مدعين
بان قدرة
النبي في
الفعل تعني
قدرة الله ،
فظن العوام
وأعتقدوا إن
ذلك واحد ،
ولهذا وجب
عندهم الدعاء
وطلب الحاجة
والتوسل
بالنبي وغير
النبي ، هذا
الخلط في
الإيمان
والإعتقاد
يستدعي من
المخلصين ومن
رجال الدين
الملتزمين
تنبيه الناس
إلى ذلك
ومنعهم من
فعله أو
الإعتقاد به ،
فالإعتقاد
الصحيح يعني
تنزيه الله أو
مماثلته في
القدرة
والفعل مع أحد
من البشر ، ومن
أعتقد أو آمن
بقدرة غير
الله على
تغيير حال
العباد
ومصيرهم هو
إعتقاد باطل
حتى ولو لم
يقصد ذلك
المتوسل أو
يريده . نعم إن
التوسل
المباح و
المشروع هو في
طاعة الله
وإتباع
أوامره
والإمتناع عن
كل ما نهى عنه
وحرم ، أي إن
التوسل
بالعمل
الصالح فهو
الوسيلة التي
يمكنها دفع
المضرة وجلب
المنفعة
للإنسان ،
وهذا يعني إن
التوسل مرتبط
بالعمل
الصالح ضرورة
ً ، إذن فالعمل
الصالح هو
الوسيلة التي
تقربنا إلى
الله وتجعل من
طلباتنا عنده
مُجابه
. وهذا هو
معنى التوسل
المباح ومعنى
التوسل
الممنوع
والتفريق
بينهما لازم
لكي لا يقع
الخلط في عقول
الناس
وأذهانهم ، قد
يقول قائل : إن
التوسل هو
عبادة أو هو
الطاعة
المشتقة من
العبادة . ونقول :
نعم إن كل طاعة
مع الخضوع
والإيمان هي
عبادة ،
والتوسل هو
إيمان
بالمتوسل به
لذلك فهي
عبادة له
وإيمان به من
هذه الجنبة ،
وعليه فكل شكل
من أشكال
التوسل بغير
الله ممنوع . نفهم ذلك
من قوله تعالى
: - وأبتغوا
إليه الوسيلة -
، أي أطلبوا
العون
والمساعدة
منه تعالى ،
فالطلب
الصالح لابد
له من وسيلة
صالحة ، وقد
بين النص ذلك
بقوله - و
العمل الصالح
ينفعه - ، إذن
فالعمل
الصالح هو
الوسيلة التي
تقربنا إلى
الله ، إذ
التقرب إلى
الله لايتم من
غير العمل
الصالح و
كرامات
الأولياء
والصالحين
فهو لغو باطل . نعم يجوز
التوسل
بأسماء الله
وصفاته قال : -
أدعوا الله أو
أدعوا الرحمن
إيما تدعو فله
الأسماء
الحسنى - ،
ولكن التوسل
بالنبي أو غير
النبي فهو
توسل باطل
وغير جائز
شرعاً ، كما إن
التوسل
بالموتى غير
جائز ، كذلك
ولا يجوز طلب
العون منهم لا
في الدنيا ولا
في الآخرة ،
كما لا يجوز
الإيمان بذلك
فالميت حين
يموت لا
يستطيع دفع
الضر عن نفسه
أو جلب
المنفعة لها ،
والشخص الميت
هو أعجز
المخلوقات
كونه فاقد
للقدرة على
الحركة وعلى
الإختيار
والإرادة ،
ولهذا لا يجوز
الإيمان
بقدرته في
نصرة الأحياء
أو مساعدتهم
على دنياهم ،
ومن ظن أو
أعتقد بذلك
فهو مضطرب
العقل
والإعتقاد ،
ورد في
المأثور عن
الإمام علي
إنه قال
مخاطباً
الإنسان في
الحالين : -
اليوم عمل ولا
حساب وغد حساب
ولا عمل - أي إن
عمل الإنسان
هو الضمان له
وهو الوسيلة
في الدار
الآخرة ، ومن
جهة أخرى ينبه
على إن الميت
حين يموت
ينتهي فعله
وتأثيره على
أهل الدنيا ،
ومن هنا
فالتوسل
بقبور الموتى
أو زيارتها
رجاءاً في
قضاء حاجة أو
تنفيس كرب ، هو
توسل باطل
ودعاء غير
مستجاب بل
فاعله آثم
. قال
تعالى : -
والذين تدعون
من دونه ما
يملكون من
قطمير ، إن
تدعوهم لا
يسمعوا
دعاءكم ولو
سمعوا ما
أستجابوا لكم
، ويوم
القيامة
يكفرون
بشرككم - فاطر 13
و 14 - ، والنص هنا
ينفى عنهم في
المطلق صفة
القدرة على
تلبية
المطالب أو
سماع الدعاء
من رأس ، وهذا
رد على من تمسك
بالقول
المزعوم
المنسوب إلى
النبي قوله : -
إذا مات أبن
آدم أنقطع
عمله إلاّ من
ثلاث هي ... أو
ولد صالح يدعو
له - ولقد
توهمت بعض
الفرق
الإسلامية في
إعتقادها حين
آمنت بقدرة
بعض الأولياء
والأئمة على
تلبية دعاء
المتوسل
والإستجابة
له ، إذ إن
الله في
الكتاب
المجيد قد ربط
النجاة
والرزق
والرحمة به
دون سواه ،
معتبراً كل من
آمن بغير ذلك
فقد أشرك
بالله منبهاً
الجميع على أن
أهل الجاهلية
ومن سبقهم
إنما كانوا
يتخذون من
أصنامهم آلهة
معتقدين
بقدرتهم . قال
تعالى : - قل
أدعوا الذين
زعمتم من دونه
فلا يملكون
كشف الضر عنكم
ولا تحويلا –
الإسراء 56 - . وقال
إيضاً : - قل
ادعوا الذين
زعمتم من دون
الله لا
يملكون مثقال
ذرة في
السموات ولا
في الأرض
ومالهم فيهما
من شرك وماله
منهم من ظهير –
سبأ 22
- . وهذا
واضح بان من
يدعوا غير
الله فإنه
يدعوا من لا
يملك القدرة
على النفع
وعلى كشف الضر
، فالإنسان لا
يستطيع أن
يحقق للإنسان
الأخر في
الحياة كل ما
يتمناه
ويرجوه ، لأن
الإستطاعة في
هذا الشأن
مرتبطة به
وحده
والإنسان في
كل حالاته
محتاج ولا
يمكن لمحتاج
أن يحقق
لمحتاج مثله
مالم يستطع
تحقيقه لنفسه . قال
تعالى : - ولا
تدع من دون
الله ما لا
ينفعك ولا
يضرك ، فإن
فعلت فإنك إذا
من الظالمين ،
وإن يمسسك
الله بضر فلا
كاشف له إلاّ
هو ، وإن يُردك
بخير فلا راد
لفضله - يونس 106 و107 - . وفي هذا
النص تتضح
الصورة على أن
كل مدعو من غير
الله لا ينفع
ولا يضر ، وإذا
كان ذلك كذلك
فماالفائدة
المرجوة من
دعوة من ليس
بيده القدرة
على النفع
وعلى الضر ، ثم
إن النص يتحدث
عن ماهية
الإيمان
الواجب
والإعتقاد
الواجب ، فمن
به عاهة أو مرض
خلقي لا يمكن
لولي ان يشفيه
أو يصلح حاله ،
ومن أدعى ذلك
فقد كذب على
الله ، لأن هذه
القدرة وهذه
الإمكانية من
لوازم
وخصوصيات
الله وحده ،
نعم قد يقول
قائل : إننا
حين ندعوا
هؤلاء
الصالحين
إنما نريد
بدعائهم
جاهةً عند
الله ، أي إننا
لا نعبدهم
ولكن نسأل
الله بجاههم
عنده ،
والعبادة غير
الدعاء قلت : إن
دعاء غير الله
على أي نحو كان
والإستعانة
بغير الله على
أي نحو كان هو
إيمان بهذا
المدعو ، وهذا
شرك ولُبس في
الإعتقاد ،
بدليل إن أهل
الجاهيلة
كانوا يدعون
أصنامهم كي
تقربهم إلى
الله زلفى ،
قالوا : - ما
نعبدهم إلاّ
ليقربونا إلى
الله زلفى -
الزمر 3 - ، أي
إننا
إتخذناهم
الواسطة
والوسيلة
التي نتقرب
بها إلى الله ،
وهكذا يفعل
اليوم الكثير
من الناس حين
يدعون فلان
وفلان لكي
ينجيهم أو
يكشف عنهم
الضر ، وقد نبه
الكتاب
المجيد إلى
خطورة ذلك
بقوله : - ومن
الناس من يتخذ
من دون الله
انداداً
يحبونهم كحب
الله ، والذين
آمنوا أشد
حباً لله -
البقرة 165 - . ولكي
نصحح
الإعتقاد
يلزمنا تصحيح
الإيمان
والتعرف على
الله
والإيمان
بكونه قريب
وليس بعيد ،
ويستجيب لكل
من دعاه فهو
أقرب إلينا من
حبل الوريد ،
قال تعالى : -
أدعوني أستجب
لكم - غافر 60 . وقال : -
وإذا سألك
عبادي عني
فإني قريب
أجيب دعوة
الداع إذا
دعاني - البقرة
186 . وقال : -
أدعوا الله أو
أدعوا الرحمن
إيما تدعو فله
الأسماء
الحسنى
- . ومن هنا
فكل دعاء بغير
الله هو دعاء
باطل وصاحبه
مأثوم ، وكل
توسل بغير
الله باطل ،
ومن ظن أو
أعتقد بقدرة
غير الله على
جلب النفع
ودفع الضرر
فهو مختل
الإيمان
مضطرب
العقيدة ،
وعليه فكل
توسل بغير
الله باطل
وغير صحيح بل
غير جائز
...
|