حاكمية
المرأة في
الإسلام
-
2 –
تقدم
الكلام عن
حجة
الرافضين
لحاكمية
المرأة
وإستنادهم
الغير منطقي
على بعض
النصوص في
الكتاب
المجيد ، وها
نحن اليوم
نوجه
الأنظار إلى
ما ظنوا به
دليلا على
ذلك من
الأخبار
والروايات ،
والتي قالوا
عنها من غير
تدقيق إنها
دليلهم على
المنع
.
من
ذلك مارواه
البخاري في
صحيحه عن - أبي
بكرة
الصحابي -
والذي قال : -
لقد نفعني
الله بكلمة
سمعتها من
رسول الله
أيام الجمل
بعدما كدت
ألحق باصحاب
الجمل
فاقاتل معهم
، قال : لما
بلغ رسول
الله إن أهل
فارس قد
ملكوا عليهم
بنت كسرى قال :
لن يفلح قوم
ولوا أمرهم
إمرأةً - صحيح
البخاري ج6 ص 10
، باب كتاب
النبي إلى
كسرى وقيصر
.
هذا
الخبر أو هذه
الرواية
وردت في صحيح
البخاري ،
كذلك جاءت في
سنن النسائي
ج8 ص 227 ، و في
مسند أحمد ج5 ص
38
، و في
كنز العمال ج4
ص 40 الحديث
رقم 14763 ، طبعاً
مع إختلاف في
العبارات
والألفاظ ،
ولكن الجميع
لم يذكروا
لنا سبب صدور
هذا الخبر أو
هذه الرواية
، لكنهم
جميعاً
رووها عن إبي
بكرة ، الذي
ورد في
ترجمته في
كتب الرجال
إنه : نفيع بن
حارث أو
مسروح ، وأمه
سُميه وهو أخ
غير شقيق
لزياد أبن
أبيه - أنظر
أسد الغابه ج6
ص151 - ، وتهذيب
التهذيب ج10 ص 469
.
هذا
الخبر أو هذه
الرواية
تمسك بها أبن
قدامه في
المغني
والشيخ
الطوسي في
الخلاف ،
تمسكوا بها
في رفضهم
لحاكمية
المرأة
ومنعها من
تولي شؤون
البلاد
والعباد على
أي نحو ،
والغريب في
الرواية إن
أبي بكرة هذا
قد ربط بين
عدم مناصرته
لعائشه في
الحرب وبين
عدم صلاحية
المرأة
للحكم ، مع
إنهما شيئان
مختلفان كما
إنه غمز واضح
في عدم
مشروعية
قيام عائشة ،
مستوحياً
معناً بعيد
مفاده إن
المرأة لا
تصلح لقيادة
الحرب ،
لإنها في ذلك
تُعرض
المجتمع
للخطر
وتُعرضه
للتخلف
وفقدان
التوازن
!!! .
ولكن
إن صح هذا
الخبر وصح
صدوره عن
النبي محمد ،
فيجب
التدقيق فيه
وفي مُراده
ولايجوز
البتة تبنيه
كما هو من غير
فحص وتأمل ،
ونقول : هل كان
المُراد أو
الإطلاق في
كلام الرسول
هذا يشمل حتى
فاطمة
الزهراء
وعائشه ؟ وهل
يعني إن
فاطمة
الزهراء بما
لها من كمال
وفضل وعلم لا
يفلح
المسلمون إن
ولوها
شؤونهم ؟ وهل
يمكن لفقيه
أو لمجتهد أن
يدعي هذا ؟
طبعاً
لايوجد أحد
يدعي ذلك أو
يقول به ، كما
لا يستطيع
أحد أن يقول
ذلك بناءاً
على فهم خاطئ
للخبر ، من
هنا نتذكر
دائما قول
علي بن أبي
طالب في
النهج -
إعقلوا
الخبر إذا
سمعتموه عقل
رعاية لا عقل
رواية - نهج
البلاغة
الحكمة رقم 98
- .
وعلى
هذا وبناءاً
عليه فلو
تأملنا
الخبر جيداً
وتعقلناه
يظهر لنا إن
الخبر إنما
ينظر أو
يتحدث عما هو
غالب وعام ،
وهذا إن صح
كما قلنا ،
ومعنى
الغالب
والعام هنا
يصدق على
الرجال وعلى
النساء على
حد سواء ، أي
إن الخبر
لايريد
القول بان
المرأة ذات
العقل
والدين لا
تستطيع
الحكم
والقيادة ،
هذا من حيث
البناء
العام ولكنه
من جانب أخر
إنما يحكي
الخبر عن بنت
كسرى - آزرميد
– التي تولت
الحكم بعد
أختها بوران
، وآرزميد
هذه كانت
معروفه
بالغرور
وحبها للقتل
والإنتقام ،
والخبر إنما
يصف حال هذه
المرأة التي
حين حكمت
أساءت ودمرت
وكرهها
الناس ،
الخبر إذن
يشير إلى هذه
المرأة على
نحو خاص ولا
إطلاق فيه
يمكن
الإستفادة
منه في المنع
والرفض ،
وعليه فمن
تمسك بهذا
الخبر في رفض
حاكمية
المرأة قد
جانبه
الصواب ، لأن
الخبر لا
يؤسس لعدم
جواز تولي
المرأة شؤون
الحكم
والعباد
.
ومن
الناحية
الموضوعية
يمكننا
القول إن
الخبر أنطلق
من هذه
الأرضية ومن
هذه القاعدة
لاحظها
وأشار إليها
، خاصةً
والنبي كان
في صراع على
القوة في
المنطقة
التي كانت
تحكم بها تلك
المرأة ، كما
يمكننا
إعتبار هذا
الخبر كمحفز
وكعامل نفسي
أستخدمه
النبي ليهب
لمن حوله
القوة
والأمل
بالنصر ،
معتبراً
طبيعة هذه
المرأة
العدوانية
عامل مساعد
يلهيها عن
الكيفية
الصحيحة
لإدارة
الدولة
والحكم ،
نستنتج من
هذا كله : إن
الخبر
المتقدم
لايؤسس لعدم
صلاحية
المرأة
وقدرتها على
الحكم و لم
يقل ذلك ولم
يرده ، بل إن
المرأة
العاقلة
صاحبة الرأي
والإرادة
والقدرة قد
أثبت الكتاب
المجيد حقها
في الحكم
والولاية
كما يظهر ذلك
في موقفه من
ملكة سبأ ،
والذي يجعل
هذا الحق
ممكناً
بالفعل هو
إختيار
الناس لها
عبر التصويت
والإنتخاب ،
والكتاب
المجيد لم
يمنع ذلك بل
جعله للذكر
والأنثى على
حد سواء ،
والمؤمنين
والمؤمنات
أولياء
بعضهم بعضا
.
الخبر
الثاني :
مارواه
الصدوق عن
الإمام
الباقر إنه
قال - ولا تولى
المرأة
القضاء ولا
تولى
الإمارة -
الخصال
للصدوق ص 585
الخبر رقم 12
- .
وفي
المعاينة
الأولى لسند
هذه الرواية
وجدناه غير
صحيح ،
وثانياً : إن
هذه الرواية
تشتمل على
مطالب مبهمة
وغير لائقة
من قبيل قوله -
لا يجوز لهن
نزول الغرف
ولا تعلم
الكتابة -
الخصال ص 586 -
وقوله : - لا
يجوز ان ترى
أظافيرها
بيضاء ولو ان
تمسها
بالحناء
مسحاً -
الخصال ص 587 – ،
ويقول - ولا
يجوز للمرأة
ان تدخل
الحمام فان
ذلك محرم
عليها -
الخصال 588
- .
هذه
الرواية
مضحكة وغير
متزنه وتدل
على إن الذين
رووها
بعيدين عن
معنى العلم
ومعنى الدين
، إذ لا يصح
مطلقاً
إعتماد هذه
الروايات
ونقلها في
كتب الأخبار
، لأنها مجرد
أكاذيب وقصص
باطلة
ومخالفة
لأصول الدين
والشرع ، نعم
قلنا إن هذه
الرواية غير
صحيحة السند
ومحشوة بهذه
التعابير
السخيفه
والتي تسلب
المراة حقها
في الحياة ،
بلى وتجعل
منها كائن لا
يستحق ان
يعيش وخيراً
لها ان لا
يراها احد
ولا ترى أحدا
، وإني لا أجد
من المناسب
تضييع الوقت
في دراستها
وتحليلها ،
ذلك إنها لا
تستحق حتى
الوقوف
عندها ، لكن
هناك ثمة
ضرورة
لنقلها كي
يعرف الناس
حجج هؤلاء
البلهاء
.
الخبر
الثالث : جاء
في تاريخ
اليعقوبي عن
الإمام علي
قوله : - يأتي
على الناس
زمان لا يعز
فيه إلاّ
الماحل
ولايستظرف
فيه إلاّ
الفاجر ولا
يضعف فيه
إلاّ المنصف
، فعند ذلك
يكون سلطان
النساء
ومشورة
الإماء
وإمارة
الصبيان -
تاريخ
اليعقوبي ج2 ص198
- .
كما
ورد هذا
الخبر في
الكامل
للمبرد مع
إختلاف بسيط
، و ورد في نهج
البلاغة في
الكلمات
القصار
إيضاً برقم 102
، مع تغيير
بسيط فجاء
فيه بدل
عبارة - سلطان
النساء –
جملة - يكون
السلطان
بمشورة
النساء - ،
وأحتج به
الرافضون
والمانعون
مدعين : بان
علياً إنما
كان في كلامه
هذا في مقام
ذم من يجعل
للمرأة
سلطاناً !!!!! ،
أو أن
يشارورهن
على أمر يخص
الحكم
وتدبير شؤون
العباد !!!!! ،
لكن هل كان
الإمام علي
يريد ذلك
بالفعل ؟ وهل
كان هو في
مقام بيان
الحكم
التكليفي
ليقول : إن حكم
النساء حرام
وباطل ؟ !! هل
هذا مايريده
علي بالفعل ؟
أم
إن علياً كان
يريد بيان
الحكم
الوضعي في
ذلك ، ليقول
مثلاً : إن
ولاية
المرأة غير
نافذة وغير
ملزمة ؟ وهل
كان علياً
حقاً هنا في
مقام بيان
الحكم
الوضعي ؟ ،
ظاهر الكلام
إن الإمام
علي لايريد
هنا بيان
الحكم
التكليفي
ولا بيان
الحكم
الوضعي ،
وأغلب الظن
في هذا
الكلام إن صح
فهو توجيه
الأنظار إلى
طبيعة
المرأة
وعواطفها لا
إلى بيان
الحكم
الشرعي
وموقفه
تجاهها ، إذن
فالخبر هذا
لايمكننا
الإعتماد
عليه وتبنيه
في منع
المرأة حقها
في الحكم
وقيادة
الناس
.
الخبر
الرابع : عن
إبي هريرة عن
الرسول إنه
قال : - إذا
كانت
اُمرائكم
شراركم
وأغنيائكم
بخلائكم
وأموركم إلى
نسائكم فبطن
الأرض خير
لكم من ظهرها -
سنن الترمذي
ج3 ص 361 الباب 64 من
أبواب الفتن
الحديث رقم 2368
- .
الخبر
هذا كالذي
سبقه لايؤسس
لمبدأ تحريم
ولاية
المرأة
وحاكميتها ،
كما إنه لا
يثبت عدم صحة
ولا ية
المرأة
ونفوذه ، بل
إنه خبر يشير
إلى ماهو
طبيعي عند
النساء من
العواطف
والأحاسيس
التي تفوق
ماعليه
الرجال ،
الخبر كما هو
إنما يحكي
عماهو غالب
وعام في
طبيعة
النساء ،
ولايتكلم
الخبر هذا عن
أصل التكليف
وصحته ، ولم
يتحدث أو
ينفي قدرة
المرأة على
ذلك فيما لو
توافرت فيها
الشروط
الموضوعية
المؤدية إلى
الحكم من
العلم
والكفاءة
والقدرة
والتصدي ،
ولا أحد
بإستطاعته
ان يدعي إن
النبي في
كلامه هذا إن
صح إنما يريد
منع المرأة
حقها
الطبيعي في
الحياة ، وفي
كونها قادرة
على القيام
باعباء
القيادة
والحكم وعلى
مختلف
الصُعد
.
الخبر
الخامس : هو
رواية مرسله
عن عائشه عن
الرسول إنه
قال - لا تكون
المرأة
حكماً تقضي
بين العامة -
كنز العمال ج6
ص 79 الحديث
رقم 14921
.
ظاهر
المنع هنا هو
النهي ، ولكن
هل هذا النهي
هو نهي
تحريمي أم
نهي تنزيهي ؟
ظاهر
الرواية
يحتمل
النوعين
معاً ، أعني
النهي
التحريمي و
النهي
التنزيهي ،
فلو كان
النهي
تحريميا : فهو
يعني - يحرم
على المرأة
الحكم
والقضاء بين
الناس - ، وأما
لو كان النهي
تنزيهيا ،
فهو يعني : -
الأفضل
للمرأة أن لا
تتصدى للحكم
ولا للقضاء
بين الناس - ،
وهذا
الرواية كما
قلنا جاءت
مرسلة ، أي لا
نعرف بالضبط
من هم رواتها
، والإرسال
في الروايات
ضعف مُخل
بالرواية
وبقدرتها
وبتبنيها
هذا من جانب ،
ومن جانب آخر
إن معنى
الرواية
ومحتواه
ومضمونه إن
صحت يتساوى
فيه
الإحتمالين
معاً ، وليس
هناك من دليل
يرجح واحد
بعينه على
الأخر ، وإذا
كان ذلك كذلك
لانستطيع أن
نقول : إن
النهي هنا
دال على
التحريم ! ،
كما إننا لا
نستطيع
الجزم بان
النهي هنا
دال على
التنزيه ،
وعدم الوضوح
في المعنى
هذا لا
يستطيع أحد
ما أن يفتي
بناءاً على
ذلك ، أضف إلى
هذا ضعف
الرواية من
جهة الإسناد
والإرسال
.
فلو
إن أحداً من
الفقهاء
إلتزم بمعنى
النهي
التحريمي ،
وذهب أخر
للقول
بالنهي
التنزيهي ،
فهذا يعني إن
هذه الرواية
لا قدرة
مبنائية لها
تجعلها
قاعدة يمكن
الإستناد
عليها في
الفتوى ، وفي
مثل هذه
الأحوال مع
وجود
التعارض في
المعنى
والتضاد ،
ووجود
مايخالف ذلك
لا يكون
الحكم
بناءاً على
هذا الخبر
صحيحاً كما
لا يكون
مؤدياً
للغرض الذي
يمكن
إعتماده
.
|